الجمعة 27/سبتمبر/2024

في غزة.. فتيل الانفجار قصير

في غزة.. فتيل الانفجار قصير

مجرد غطاء سكري رقيق أعلى الكعكة يظلّل حالة الهدوء الخداع يذوب مع أول تدهور في المشهد الميداني بغزة مشعلاً جولة محتملة إذا تواصل الحصار وتنكّر الاحتلال لحقوق الإنسان في غزة والضفة المحتلة.

فتيل الانفجار قصير بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال؛ فلا تزال الأسباب والدوافع ترشّح تدحرج الميدان لجولة قادمة بعد أن رفض الاحتلال وقف العدوان على القدس أو رفع حصار غزة. 

يتوّج الفشل اللقاءات التي جمعت وفودًا من كيان الاحتلال والمخابرات المصرية والفصائل الفلسطينية بعد اشتراط الاحتلال فتح ملف جنوده الأسرى لدى المقاومة قبل اتخاذ أي خطوات عملية لتثبيت وقف عدوانه.

وتحاول حكومة الاحتلال الجديدة برئاسة “نفتالي بينيت” رفع وتيرة التهديد للمقاومة لكسب رضا الرأي العام الإسرائيلي وتمتين حلقة ائتلاف الحكومة التي أسقطت “نتنياهو”، مشترطةً الكشف عن مصير الجنود الأسرى قبل أي خطوة للحوار.

ملفات الإعمار ورفع الحصار عن غزة ووقف العدوان على القدس المحتلة شكلت أبرز العناوين عقب انتهاء معركة “سيف القدس”، لكن احتمال اندلاع جولة جديدة من التصعيد حاضرة بقوة مؤخراً.

عوامل تدهور

صواعق تفجير المشهد الميداني حاضرة بقوة؛ فالعدوان متصاعد في القدس، وطائرات الاحتلال كررت قصف مواقع المقاومة بذريعة سقوط بالونات حارقة على مستوطنات غرب النقب.

الصورة بدت أشد قتامة -الاثنين- عقب انتهاء اجتماع  مسؤول حماس في قطاع غزة يحيى السنوار مع “تور وينسلاند” -منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية سلام الشرق الأوسط- الذي وصفه بأنه “كان سيئا، ولم يكن إيجابيا”، محذرا الاحتلال من مواصلة فرض الحصار وابتزاز المقاومة والشعب.

وأخبر السنوار ممثلي الأمم المتحدة أن حماس لن تقبل باستمرار الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، رافضاً ما وصفه بابتزاز الاحتلال للمقاومة والشعب الفلسطيني دون وجود بوادر لحل الأزمة الإنسانية بغزة.

ويؤكد ناجي البطة، المحلل السياسي، لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن الوسطاء بين المقاومة والاحتلال غير قادرين على إلزامه بما جرى التفاهم عليه، وأن فشل الوسطاء سيقود المشهد للانفجار مجدداً. 

تدور عجلة الحياة بغزة بشكل يعاند طبيعتها في أي مكان بالعالم؛ فالبطالة والفقر وآثار العدوان تلتهم ما تبقى من صمود الإنسان القسري في مواجهة احتلال يشدد من قبضته ضارباً بحقوق الإنسان عرض الحائط.

ويرى المحلل البطة أن هناك أشكالًا مباشرة من الوساطة والحوار بين الطرفين قد تكون أكثر نفعاً مثل دول مهمة ومؤثرة في المشهد الإقليمي.

لا شيء يجعل ميدان غزة بعيداً عن الانفجار أمام حكومة إسرائيلية جديدة تحاول إثبات نفسها أمام اليمين الصهيوني، وتصاعد أزمات غزة مع مرور الوقت، وإن كان العدوان الأخير رفع فاتورة الدمار والخسارة لحد كبير.

ويقول اللواء يوسف شرقاوي -المحلل العسكري-: إن الموقف الإسرائيلي يستقوي بموقف وسطاء يتحركون بينه وبين المقاومة مشيراً إلى أن المعادلة السليمة هي: “نستقوي ببعض، وليس على بعض”.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “الفلسطينيون الآن في حالة انقسام وتحت الاستقواء. قديماً كان الفلسطيني يشجب من يستقوي على قضيته من الخارج، لكن الآن يعيدون إنتاج هزيمة بالاستقواء على المقاومة من أطراف عربية”.

إضعاف غزة

قبل يومين أطلّ “غانتس” وزير الحرب الإسرائيلي بتصريح يشير فيه أن ما كان سابقاً من غزة لن يتكرر، مهددًا بقصف غزة وتنفيذ عدوان “قوي لردع المقاومة”.

ويتسابق وزراء الحكومة الإسرائيلية في تهديد غزة والتلويح بعدوانٍ مستقبلاً بدءًا من رئيس الحكومة ووزير الحرب وصولاً إلى بقية الجوقة في مجلس الوزراء الجديد.

اللقاءات المتكررة بين وفود إسرائيلية ومصرية في القاهرة لم تسفر عن مبشرات في المشهد، أما الانقسام بعد تأجيل لقاء الفصائل فعمره مرشح ليكبر عاما جديدا.

ويقول المحلل البطة: إن الحكومة الإسرائيلية الجديدة غير معنية بالتصعيد الميداني؛ لأنها غير قادرة على اتخاذ قرارات إستراتيجية كإعلان حالة الحرب، لكن في الوقت ذاته اعتادت كل حكومة شنّ عدوان على غزة أمام جمهورها.

لا تزال الذاكرة طرية بمشاهد أبدت فيها الأطراف كلها عدم رغبتها في التصعيد، لكن الميدان تدحرج ليقع المحظور، فما هي دلالة رسم معادلة غارات بالطائرات رداً على بالونات من غزة؟!

ويدعو المحلل شرقاوي إلى توحيد عمل المقاومة بغزة والضفة؛ لأن وقوع أي هزيمة ستشكل انتكاسة لجناحي الوطن، مشدداً أن نجاح غزة يحتّم الاستقواء بنموذجها، وليس الاستقواء عليها.

ويتساءل المحلل شرقاوي عن محور المقاومة الذي لم تتكلم فيه مؤخراً إلا غزة، مشدداً أن الوقت لعدم تركها وحيدة، وأن الاحتلال يخطط للاستفراد بها بعد عجز العدوان السابق، وهذا قد يقود لعدوان يتسبب في دمار كبير.

استمرار الانقسام وتشديد الحصار ورفض الإعمار أو دفع عجلة الحياة الاقتصادية بغزة أدوات مكررة لإبقاء غزة ضعيفة ومنهكة، لكنّ مزيدًا من التدهور في الحالة الانسانية أمام رفض الاحتلال الوفاء بالتزاماته قد يقلب المشهد للانفجار في أي وقت. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات