الشائعات وأثرها النفسي وقت الأزمات والكوارث

تعد الشائعات من أهم أساليب ترويع الأفراد والمجتمعات النفسية والاجتماعية حيث أنها لا تقتصر على زمان أو مكان معين، بل حيثما وجد المجتمع البشري ظهر خطر الشائعات خاصة في الأزمات.
تختلف الشائعات عن الأساليب الأخرى في أن الوسيلة التي تحملها وتنقلها، وتزيد من حدتها وفعاليتها المجتمع المستهدف نفسه، فما أن تصل الإشاعة إلى بعض أفراد المتجمع المستهدف حتى يقومون بترويجها إلى كل من يعرفون، ووصل الأمر للبعض ليس للنقل فقط بل الإضافة عليها، وربما اختلق أجزاء كثيرة من تفاصيلها مما يجعل من الإشاعة أعظم وأقوى وسيلة إعلامية بالنسبة لموجه الإشاعة، مما يساعد على سرعة نقلها وكذلك على زيادة فعاليتها وتأثيرها إلى الأفراد أو المجتمعات المستهدفة، لأن الفرد قد يسمع هذه الإشاعة من صديقه، أو من داخل مجتمعه، حيث تستعمل الإشاعات بفاعلية وقت الحروب وكذلك وقت السلم ” الحرب الباردة “.
الإسلام في عرضه للحقائق لا يثبتها عن طريق التخمين أو الحدس، ولا يوضحها بأسلوب التدليس والمغالطة، بل يبني حقائقه على العلم الموصل إلى اليقين، وعلى الصدق المؤدي للثقة،
ولقد ذم القرآن الكريم الذين يقولون بغير علم بقوله تعالى (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (سورة النور: الآية 15)
والإسلام لا يرضى اختلاق الكذب والشائعات الكاذبة، لأن فيها ضرر وفتنة وتضليل للناس، ومن ذلك قول الله تعالى (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ۖ وأولئك هُمُ الْكَاذِبُونَ ) ( سورة الحج : الآية 27 )
إن الله عز وجل قد صرح بتفسيق من يشيع الكذب بين الناس، حيث قال سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (سورة الحجرات : الآية 6 )
فالإشاعة ليست مرضاً من عهد حديث، بل لها جذور في التاريخ وقد لجأ إليها واستخدمها الأفراد والجماعات والدول والقادة، فكفار قريش اتهموا الرسول صلى الله وعليه وسلم بالكذب والسحر والكهانة وأشاعوا تلك في الناس، وفي وقتنا الحاضر من يصدره أعداء المملكة العربية السعودية وولاة أمرها وعلمائها من كذب محض وإشاعات بقصد النيل من بلد التوحيد.
الإشاعة في اللغة: شاع الخبر بمعنى أذاعه وانتشر وظهر وافترق، وهي الخبر ينتشر غير متثبت منه.
الإشاعة في الاصطلاح: كل قضية أو عبارة أو معلومة جري تداولها شفيهاً وتكون قابلة للتصديق دون أن تكون هناك معايير مؤكدة لصدقها ولا يتم التحقق من صحتها ولا من مصدرها وتنتشر على طريق النقل الشفوي “الكلمات المنطوقة”.
دوافع الشائعات
الشائعات من أخطر وأفتك أساليب الحرب النفسية، لأنها تدس بطريقة أشبه بالسحر وسط الجماهير، ولأنه من الصعب معرفة مصدرها، ولأن ضحاياها يسمعونها من أصدقائهم مما يعطيها صورة الخبر الصادق، بل إن ضحاياهم يكونون أحياناً هم مروجوها. ويمكن تلخيص أهداف الشائعات في عصرنا الحاضر وخاصة في الحرب النفسية ومنها:
التأثير على المعنويات وتفتيت قواه العامة للوصول به إلى الإرهاب النفسي.
استخدمها للتمويه والتعمية كستار لإخفاء حقيقة ما.
تمرير فكرة، أو بيع منتج بأسعار خيالية، أو تغيير سلوك وقيم مجتمع.
أساليب الحرب النفسية
الدعاية: وتقوم على استخدام وسائل الإعلام الحديثة من نشر وترويج للأفكار والمعتقدات والأخبار التي تود نشرها وترويجها، بغرض التأثير في نفسية الأفراد والمجتمعات وخلق اتجاهات معينة لديهم.
افتعال الأزمات وعقد اجتماعات: عبارة استخدام حادث أو حوادث معينة قد تكون بسيطة، ولكن يتم استغلالها بنجاح من أجل خلق أزمة تؤثر في نفسية الطرف الآخر وتستفيد منها الجهة المستخدمة لهذا الأسلوب.
إشاعة الرعب والفوضى: وهذه وسيلة مهمة تستخدم بواسطة استغلال عاطفة الخوف، لإرهاب الشعوب وإخضاعها من خلال استخدام الوسائل المتخلفة لخلق الفوضى، مما يسهل عليها السيطرة والتغلب عليها.
الإشاعة: هي عبارة نوعية أو موضوعية مقدمة للتصديق تتناقل من شخص لآخر. وهي تعتمد على المبالغة في أخبار معينة والترويج لها ونشرها في نطاق واسع أو خلق أخبار لا أساس لها من الصحة، والهدف التأثير على الرأي العام تحقيقاً لأهداف سياسة أو اقتصادية أو عسكرية. لذلك الإشاعة لا تعتمد على الخيال، بل على جزء من الحقيقة من أجل إمكانية تصديقها.
أنواع الإشاعة
تختلف أنواع الإشاعات باختلاف الأهداف والغرض من ترويجها، وتتنوع حسب موضوعها أو الآثار المترتبة عليها، أو الدوافع التي من ورائها، أو حسب سرعتها وزمان انتشارها، مما يصعب معه تقديم حصر منضبط عن الشائعة وأنواعها لاختلاف آثارها ودافعها والبيئات وآثارها النفسية.
سرعة السريان : والمعيار هو الزمن ويندرج تحته الشائعات بالآتي:
الإشاعة البطيئة: تلك إلي تحتاج لفترة زمنية طويلة حتى تنتشر بين الناس أو المجتمعات، ولعل هذا النوع من أخطر الأنواع، لأن الجهات التي تصدرها تلبسها ثوباً من السرية، الأمر السرية، الذي يقلل من حجم انتشارها، وفي المقابل يرفع معيار مصداقيتها وتأثيرها.
الإشاعة العاطفية: والمقصود بها التي تنتشر لفترة زمنية محدودة، ثم تختفي أو تغطس، ولكنها تبقى مرشحة للظهور مع توفر الأجواء لها في المستقبل، وغالباً ما ينتعش مثل هذا النوع فترات الحروب، والكوارث التي تضعف فيها المجتمعات وتتفكك ويقل فيها الوعي الفكري وتخلل أسس النموذج المعرفي لدى الناس.
الإشاعات المندفعة: ولا تختلف عن سابقاتها إلا بقصر الفترة الزمنية التي يستغرقها انتشارها، مثل الأنباء التي تتحدث عن قرب وقوع اجتياح أو مجاعة أو وباء، وتستخدم أحيانا لجس نبض الناس وردود أفعالها تجاه فكرة ما.
الإشاعات حسب الموضوع: وتختلف الإشاعات في أنواعها بحسب محتواها، حيث منها الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والسياسة.
الدوافع والبواعث: منع هذا النوع من الإشاعات مرتبط بسيكولوجية الإنسان، فأي حاجة بشرية يمكن أن تكون دافعة لانبثاق الإشاعة.
الإشاعات والخوف: الإنسان عندما يتسلل إليه الخوف يكون مهياً لاستقبال الأوهام، ويفسر الأمور بما لا يتحمل، ويسوغ له خوفه تصديق كل ما يقال، ومن مخاطر هذا النوع أنه يؤدي إلى زعزعة ثقة الفرد بنفسه، وبث النظرة الانهزامية في النفوس.
إشاعات الحقد: وينتج عنها غالباً أقاصيص ملفقة عارية عن الصحة.
إشاعات الآمال والطموح: وهي التي تقوم على أساس زرع بذور التفاؤل، وانتظار الفرج.
الأبعاد الاجتماعية والنفسية للإشاعة وأثرها على المجتمع
تستند الإشاعة على استراتيجية وتكتيك معينين، وليس عملاً فوضوياً يقوم به فرد أو مجموعة لتحقيق مقاصد قريبة أو بعيدة، وتستخدم الإشاعة في المجال الاستراتيجي ضمن مفهوم عام يكون بمثابة الدليل لاستخدامها، كما تستخدم الإشاعة في للمجال التكتيكي وذلك كما تقتضي ظروف الوضع الراهن ومعطيات الوقائع والزمان ومكان محددين، وذلك لتصيب وتبلغ الأهداف المرسومة لها بدقة، فالإشاعة أصبحت علماً من العلوم المنضبطة ذات المناهج والقواعد والأسس.
إن المجتمع الذي ينتشر فيه الشائعات معرض لأن يكون حاضنة لانتشار تدني المعنويات كونها تؤسس حواجز تحجب الحقائق فيحدث غموضاً وبلبلة تحول دون التعرف على صحة وحقيقة الشائعة مما يجعلها خبراً صادقاً تتناقله وسائل الإعلام مما يولد مناخاً للناس ويؤثر في مصداقية الرأي العام، يفسح المجال لانتشار الأكاذيب والأخبار المبنية على مقاصد سيئة ويبث طاقات سلبية في المجتمع، تشل حركته وفاعليته وإنتاجه، ويمكن أن تكون مخلخلة للتنظيم الاجتماعي من تحليل العلاقة بين الإشاعات والتنظيم الاجتماعي ومن عدة جوانب:
خلق عدم الثقة بين الأفراد وقياداته والتأثير في العقيدة وزعزعتها لدى أفراد المجتمع المستهدف بالإشاعة ولبث روح الفرقة والتناحر بين المجتمع الواحد عقائدياً وطائفياً لتحقيق الهدف المبتغى من وراء الإشاعات.
وسائل الوقاية من الإشاعة
التأكد من مصداقية الحسابات في مواقع التواصل الجهات والمنظمات والهيئات التي تأخذ منها المعلومات، وتحديثها بشكل مستمر.
عدم ترديد الإشاعات وتكذيبها من خلال التوعية المستمرة.
اقتفاء خط سير الإشاعة إلى جذورها والتخطيط الشامل لدرئها.
تحليل الإشاعات لمعرفة أهدافها ودوافعها ومصدرها ومن يقف وراءها أو المستفيد منها ليكون الرد عليها علمياً وواقعياً ومنطقياً.
نشر الحقائق دائماً للجماهير في كل ما يتصل بحياتهم لأن الإشاعات إنما تسري وتنمو في المجتمع المغلق.
عقد مؤتمر يومي عند الأزمات لنقل الجديد والمستجد من معلومات وأحداث.
المصدر: مواقع إخبارية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ باليستي أطلق من اليمن
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم السبت، أنه اعترض صاروخاً أُطلق من اليمن، في الوقت الذي تكثف فيه الولايات...

الداخلية بغزة تتوعد العملاء والعابثين بالأمن “بيد من حديد مهما كلف الثمن”
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام توعدت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، عملاء الاحتلال الإسرائيلي ومن يهدد أمن المواطنين وممتلكاتهم بالضرب بيد من...

الإعلام الحكومي: صحفيو غزة يحيون اليوم العالمي لحركة الصحافة بالدماء والدموع
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن صحفيي القطاع يحيون اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق الثالث من مايو/...

الطيران الحربي الإسرائيلي يشن غارات عنيفة على سوريا
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت الطائرات الحربية الإسرائيلي مساء الجمعة- السبت سلسلة غارات جوية واسعة في محيط العاصمة دمشق وفي حماة وسط سورية...

الاحتلال يستهدف مجموعات شرطية أثناء ملاحقتها عصابات لصوص بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد وأصيب عدد من عناصر الشرطة الفلسطينية، مساء اليوم الجمعة، إثر استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة غزة...

أجبره الاحتلال على هدم منزله في العيسوية فجعل منه محرابا
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام أجبرت بلدية الاحتلال الإسرائيلي، المقدسي محمود عبد عليان على هدم منزله في حي المدارس بقرية العيسوية بالقدس المحتلة...

المظاهرات تعمّ المدن المغربية للمطالبة برفع الحصار عن غزة
الرباط – المركز الفلسطيني للإعلام طالب آلاف المغاربة، الجمعة، وللأسبوع الـ74 على التوالي برفع الحصار عن غزة وفتح كافة المعابر لدخول المساعدات...