سُمّاقِيّة التحدّي !

إن كانت ثمة امرأة في غزة وهي قادرة على طبخ السماقيّة في العيد -والطلعات الجوية الحربية قائمة فوقها- فلتطبخها، وذلك أن النخل في غزة غير مشهور فيها، وفسائلها لا تكاد تباع رغم أن “القيامة قايمة”.
وذلك أن السمّاقية من شعارات العيد الشعبيّ كالفسيخ والكعك، ومن طقوس الكرم والتوسعة على الناس والتحبب إليهم، فكنا نرى الولدان من الصبيان والصبايا يطوفون على جيرانهم بأطباقها في فرح وبهجة، وتأتيهم من جيرانهم حتى تكون مأكل الناس أياماً.
وليس بمستغرَب في زمان الحرب هذا أن تجد المرأة الغزّيّة تصرّ على صناعتها وتعزيز هوية العيد بها؛ لأن في ذلك معاندة للعدو المعتدي، ومراغمة له في وجهٍ، وإفشالاً لمخططه في كسر صمود الناس وتفكيك جبهتهم وإطفاء معنوياتهم، ويزيد بعضهم في المراغمة، فلا يأكلها إلا على سطح بيته؛ مجاهرة في التحدي وإعلاناً.
ومن معانيها أنها تكون صدقة عن أرواح الأحباب المفقودين وضحايا الحروب وعموم الموتى، وفيها أيضاً من إدخال السرور على الناس ما فيها.
وحتى في طعمها تجد التحدي؛ إذ هي تجمع بين اللذاعة والحذاقة، كما أنها توصَف في الأغذية المقوّية في كلام القدماء.
وأكلة التحدي هذه خفيفة سهلة الهضم مفتّحة للشهية، تعتمد على السلق الأخضر وقطع لحم بقري وحب الحمص مع كمية من السمّاق البلدي الطازج ذي اللون القرمزي المحمرّ، وطحينية السمسم الأحمر، والبصل والثوم، والدقيق وعين الجرادة… ولا ننسى زيت الزيتون الأصلي المتمدد على سطحها، وإلى جانبه الفلفل الأحمر المخروط أو الشطة الخضراء، وخبز الكماج أو الصاج الذي تفوح رائحة خَبِيزه على الطابون أو الفرن البلدي، ولا بأس ببعض الفجل والبصل الأخضر والزيتون والمخلل لتمام السفرة.
وكانت النسوة يجتمعن لصنعها وزيادة مقاديرها تحت إشراف سيدة كبيرة العمر والقدر والخبرة؛ لأنها أكلة جماهيرية يكثر طالبوها ومنتظِروها ومُتذوِّقوها، وكان لافتاً مبادرة بعض نساء غزة لطبخ السماقية للشباب في مسيرات العودة، فكان ذلك مما يزيد في احتشاد الشباب والأطفال للمشاركة فيها.
وهي أكلة لا تختص بغزة رغم اشتهارها بها حتى إنهم عدّوها بمثابة الطبق الوطنيّ الألصق بها، فقد كانت معروفة في يافا والرملة والمجدل واللد، ويتفنن نساؤها في مقاديرها والتفاخر بلذّة طعمها وإشادة الناس بها.
وبعض الناس تزعم أنها أكلة عابرة للحدود قدِمت مع الكرد أو الترك الذين استقروا في فلسطين في موجات، وكانوا يصنعونها في المناسبات العامة كموسم المنطار والنبي صالح والنبي روبين … إلا أن أصلها تُنُوسِي، وثبت الأمر فيها في محافظات قطاع غزة موطناً ومستقرّاً وهوية مقاتلة صامدة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

العفو الدولية تطالب بخطوات جادة لوقف جرائم إسرائيل في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، جميع الجهات الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الاتحاد...

كتائب القسام تعلن عن كمين مركب لقوة هندسة صهيونية شرق خانيونس
المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الاثنين، تنفيذ كمين مركب لقوة هندسة صهيونية وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح...

حماس تُثمن حصار اليمن الجوي على دولة لاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على كيان الاحتلال...

القوات المسلحة اليمنية تُعلن فرض حصار جوي شامل على إسرائيل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأحد، فرض حصار جوي على كيان الاحتلال الإسرائيلي، رداً على التصعيد...

حماس تثمن إعلان اليمن فرض حصار جوي على كيان الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على العدو الصهيوني، رداً على...

منظمات أممية تعلن رفضها الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام رفضت منظمات أممية وغير حكومية، المشاركة في الخطة التي يستعد الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذها في قطاع غزة بخصوص توزيع...

الاتصالات تُحذر من انقطاع الخدمة جنوب ووسط قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، مساء اليوم السبت، أنها ستُنفذ أعمال صيانة اضطرارية على أحد المسارات الرئيسية في قطاع...