الأربعاء 26/يونيو/2024

انتفاضة فلسطينيي 48.. الوفاء لغزة والقدس

انتفاضة فلسطينيي 48.. الوفاء لغزة والقدس

مشاهد الغضب في مدن فلسطين المحتلة بدءًا من بئر السبع والنقب وحتى اللد وأم الفحم تؤكد أن الفلسطيني متمسك بهويته في كل وقت وحين، وأن غزة التي تدفع فاتورة التصعيد من أجل القدس تستحق أن يرد لها أهلها في الـ48 الجميل بالتضامن والاحتجاج معها.

وشهدت كثير من المدن والبلدات العربية داخل أراضي 48 سلسلة مظاهرات واحتجاجات غاضبة، في وقت كانت فيه الطائرات “الإسرائيلية” تدمر الأبراج السكنية، وتطلق الصواريخ على المدنيين بغزة.

وارتفعت حصيلة العدوان على غزة حتى مساء الأربعاء إلى 53 شهيدًا منهم 14 طفلاً و3 سيدات، في حين زاد عدد الإصابات على 320 جريحا.

وتصاعدت الاحتجاجات لحدّ غير مسبوق منذ عشرات السنين؛ الأمر الذي دفع بالشرطة “الإسرائيلية” لإعلان حالة الطوارئ للسيطرة على الغضب في مدن وبلدات مثل اللد، في حين رفعت درجة الطوارئ في عكا وسخنين وأم الفخم وبلدات أخرى.

الحشد نحو القدس المحتلة والرباط في المسجد الأقصى استمر من المناطق الفلسطينية كافة في الأسابيع الأخيرة حتى تصاعد الموقف في الشيخ جراح وحلّت أحداث 28 رمضان.

وطنٌ واحد
التعزيزات الأمنية في القدس وتقطيع أوصالها لم يمنع الفلسطينيين من الوصول مبكراً وأحياناً سيراً على الأقدام قبل أن يتعرضوا للقمع مطالبين المقاومة بغزة للرد الذي جاء بالنيران بعد تحذيرات وجهها محمد الضيف قائد القسام من قبل.

وفي واحدة من أبرز مناطق التصعيد فرضت الشرطة الإسرائيلية “حالة طوارئ خاصة” في مدينة اللد، تشمل الإغلاق الشامل ومنع التجول، بدعم من “حرس الحدود” الذي تولى المهمة في المدن المختلطة.

ويؤكد محمد مصلح -الخبير في الشؤون الإسرائيلية- أن العامل الديني والعقائدي هو جوهر الصراع بين الفلسطيني والصهاينة، وأن تصاعد العدوان على القدس في رمضان أنتج استجابة كبيرة من عرب وفلسطينيي 48 فزحفوا نحو القدس.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “هناك عوامل كثيرة خلف التفاعل الكبير مع القدس والغضب في سياق العدوان على غزة؛ أولها معاناتهم من خطاب كراهية وحقد صهيوني وتفرقة عنصرية وجريمة منظمة تتعمد تركها شرطةُ إسرائيل”.

ويعاني المجتمع العربي في الداخل المحتل من الجريمة والعنف التي حصدت الأرواح وضربت الأمن الاجتماعي وسط تواطؤ الشرطة والأمن الإسرائيلي في حين تراكم “إسرائيل” قوانين وقرارات أهمها “يهودية الدولة” تماس فيها التفرقة والظلم بحق سكان الأرض الأصليين.

ويشير الخبير مصلح إلى أن المقاومة بغزة انتصرت للقدس، وردت بالقصف قبل أن تدخل مرحلة عدوان متواصلة دفعت عرب 48 لرد الجميل والخروج احتجاجاً على ما يجرى في غزة.

التفاعل مع غزة
المعاناة المتواصلة في المجتمع العربي من السياسة الإسرائيلية التي يهمين عليها التطرف وفشل مشروع التسوية الذي تقوده السلطة الفلسطينية أضاع قضيتهم التي لم تعد على أجندة أحد.

التفاعل مع غزة بالغضب والاحتجاج يعبر فيه فلسطينيو الداخل -كما يرى الخبير مصلح- عن ثقتهم باللغة الوحيدة الصادقة التي تترجم ما تعد به لواقع عملي، وهي لغة المقاومة في حين كفروا بنهج التسوية وكذب السياسة.

ويقول د. أحمد رفيق، عوض المحلل السياسي: إن الغضب المتصاعد في الداخل المحتل يرد الجميل لغزة التي دعمت صمودهم الأسطوري خلال دفاعهم عن الأقصى والقدس.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “غزة الآن تدفع فاتورة الوطن، وترد على هزائم عام 1948م وتصوّب حركة التاريخ. الاحتجاجات عادت تصف مدن أم الفحم واللد بأنها محتلة، والغضب له أسباب منها التفاعل مع غزة، وأيضاً معاناتهم من حقوقهم في الأرض، والتمييز والجريمة التي حولتهم لأكثر مواطني إسرائيل فقراً وربما لمواطن من الدرجة الثالثة”.

تصاعدت اعتداءات المستوطنين على المواطنين العرب وممتلكاتهم في يافا واللد والرملة، مع دخول حالة الطوارئ التي أعلن عنها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في مدينة اللد إلى حيز التنفيذ، فجر اليوم الأربعاء.

وكانت الاعتداءات تصاعدت على العرب قبل أيام من المستوطنين وجماعات ما يسمى “نواة التوراة”، في حين دعا ما يسمّى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، “أمير أوحانا”، إلى إطلاق سراح المستوطن قاتل الشهيد موسى حسونة من مدينة اللد.

ونشر وزير الأمن الداخلي على “تويتر”، قائلاً: “اعتقال مطلق النار في اللد ورفاقه الذين تصرفوا دفاعا عن النفس على ما يبدو أمر مروع”، حسب إجرام وصفه.

حالة الغليان في مدن الداخل ونزول الجماهير إلى الشوارع كانت صادمة بالفعل لأجهزة الأمن والمؤسسة السياسية الإسرائيلية التي تعيش نتاج ممارساتها المتطرفة والعنصرية بحق العرب.

مستقبل التفاعل
ولا تعدّ حالة التضامن والغضب التي أظهرها سكان الداخل المحتل مع غزة التي تعيش تحت القصف لليوم الثاني حالة مؤقتة أو عابرة؛ فالأسباب وطنية بالأصل، والأبعاد متواصلة في إطار انتهاكات عنصرية صهيونية ترفض الاعتراف بحق الفلسطيني أينما حلّ.

ويقول الخبير مصلح: إن غزة التي تدافع مقاومتها عن القدس أظهرت خبرة وتكتيكًا، وإن كثيرًا ممن عارضوا الكفاح المسلح يرفعون القبعة الآن لغزة؛ لأنها تحلت بالمصداقية، وحركت الشارع والجمهور كله.

ويتابع: “أثبتت المقاومة أنها ليست كلمة عابرة، وبإمكانها الدفاع عن الفلسطيني في كل فلسطين التاريخية، وتفاجأ الاحتلال مما يجرى في اللد والنقب وحتى الشمال، ما يدل على تماسك المجتمع العربي ووطنيته، ويأسه من سلوك السلطة الفلسطينية وكذلك ممارسات الاحتلال”.

ويعيش الكيان الصهيوني أزمة سياسية أجرى فيها 4 انتخابات خلال عامين، وهو مشهد يقرأ فيه الخبير مصلح أنه الأنسب لمبادرة فلسطينية تغير في المشهد المتعثر وتضغط على الاحتلال.

صحيح أن حكومات “نتنياهو” هيمن عليها المستوطنون والتطرف الديني، لكنّ أصواتًا متعالية باتت الآن تقرأ ورطة “إسرائيل” في الدخول مع غزة بجولة غير محسوبة، وأنها نتاج الأداء السياسي الفاشل لـ”نتنياهو”.

ويقول الخبير مصلح: إن ما يمارسه “نتنياهو” الآن من عدوان على غزة وتصاعد الاحتجاجات في المجتمع العربي ضده يحمل له شهادة وفاة سياسية، وإن الحصار المفروض على غزة لا بد أن ينتهي عقب تغيير قواعد اللعبة.

ويرى د. أحمد رفيق عوض، المحلل السياسي، أن كثيرًا من الخبراء في السياسة الإسرائيلية يقرؤون تطور المشهد الميداني والسياسي بالسلب على “إسرائيل” بأنه نتاج فشل “نتنياهو” الذي لم ينجح في التسوية ودعم الاستيطان.

خطاب كراهية
حالة الكبت من العنف والتفرقة والتمييز العنصري في المجتمع العربي وسط خطاب كراهية من التطرف الصهيوني يردّها الفلسطيني الآن في الداخل المحتل بالتضامن مع شقيقه في الجزء المحاصر من فلسطين.

ويتابع: “بدأت قواعد الاشتباك تتغير، وهذا مقدمة لانفراجة سياسية، لكن تشبه تفاهمات 2014م التي لم يلتزم بها الاحتلال خاصةً بعد الأداء الخبير والنوعي الذي تدير به المقاومة الصراع والتصعيد الحالي”.

حالة التضامن الشعبي من وإلى غزة مع بقية سكان ومدن فلسطين التاريخية تطرح سؤالاً جديّاً حول مستقبل وجود الاحتلال الذي لن يزول غداً، لكنه تلقى المسمار الأول في نعشه القادم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامهدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، منزلين في رام الله وأريحا، ضمن انتهاكاتها المتصاعدة ضد...

الاحتلال يعتقل 19 مواطنًا في الضفة

الاحتلال يعتقل 19 مواطنًا في الضفة

الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني، 19 مواطنًا على الأقل، منهم والدة مطارد، خلال حملة دهم - فجر الأربعاء- في...