الثلاثاء 06/مايو/2025

بحر غزة.. حلقة التصعيد الأولى في كل مرحلة. لماذا؟!

بحر غزة.. حلقة التصعيد الأولى في كل مرحلة. لماذا؟!

أولى ارتدادات أي اضطراب سياسي أو ميداني في غزة مع الاحتلال، تنعكس فوق أمواج بحر غزة الذي يمارس الاحتلال على صفحته هيمنة وعدوانًا بالحصار ومنع الصيد.

ثمة سؤال: لماذا يقدم الاحتلال في كل تصعيد أو جولة عدوان على إغلاق البحر مخالفاً بذلك اتفاقية “أوسلو” الموقعة مع السلطة عام 1993م، واتفاق التهدئة الأخير بعد عدوان 2014م؟!

يعد بحر غزة منفذها الوحيد على العالم الذي حرمت منه قسراً، وهو مورد اقتصادي غني بالأسماك والغاز، الذي قد يغير معادلة الاقتصاد بغزة إذا تغير المشهد السياسي، وهو في الوقت ذاته ساحة اشتباك نصف هادئة بين المقاومة والاحتلال.

وحددت اتفاقية “أوسلو” مسافة صيد الأسماك بواقع 20 ميلًا بحريًّا (حوالي 37 كم) غير أن “إسرائيل” قلصت منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000م هذه المسافة تدريجياً، ومسّت بأرزاق آلاف العائلات وبوفرة الأسماك كغذاء أساسي.

قبل أيام في آخر جولة تصعيد أغلق الاحتلال كعادته البحر أمام الصيادين تمامًا بعد ليلة سابقة قلّص فيها مساحة الصيد إجراءً عقابيًّا وهو يتذرع بإطلاق المقاومة قذائف على مستوطنات “الغلاف”، في حين كانت طائراته تدمر أهدافًا بغزة.

خطوة التصعيد الأولى

تعودنا في كل جولة عدوان يمارسها الاحتلال بحق غزة أن يغلق البحر تمامًا أمام حركة الصيد والملاحة، وأحياناً يقلّص مساحة الصيد، وقد وصل بالاحتلال الأمر بإغلاقه البحر 50 يومًا في عدوان عام 2014م.

لو قدّر لغزة التواصل مستقبلاً مع العالم الخارجي سيكون البحر منفذها الأساسي الذي تمتلك فيه حرية الحركة والتجارة في مياه إقليمية وحدود مع دول البحر المتوسط بدل الوقوع تحت سيطرة حدود ومعابر مع الاحتلال ودول أخرى.

ويؤكد نزار عياش، نقيب الصيادين الفلسطينيين بغزة، أن قطاع الصيد يضم 4500 صياد و1000 قارب يساهمون في استقرار الأمن الاقتصادي للمجتمع في غزة والضفة المحتلة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “بدل استيراد الأسماك يوفرونها محليًّا، وإغلاق البحر يؤثر على سلسلة تجار عددهم أكثر من 200 تاجر وصياد، وقطاع اقتصادي كامل”.

ويتعمّد الاحتلال تعزيز حالة الفقر في طبقة الصيادين والعاملين في قطاع الصيد وإفراغ البحر من النشاط الفلسطيني؛ بل ويمنع الاحتلال كثيرًا من المستلزمات للصيادين ويحرّضه تحريضًا غيرَ مباشر على واقعه.

يقول جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة حصار غزة: إن الاحتلال يحرص على الهيمنة على منافذ الحياة والاقتصاد بغزة، وإن بحر غزة أحد موارد الاقتصاد والعمل التي يعتدي عليها الاحتلال. 

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “حرية العمل والحركة مكفولة كحق حسب المواثيق والشرائع الدولية والإنسانية، ووفق اتفاقيات جنيف، وما يجرى في البحر وضع استثنائي يخالف فيه الاحتلال القانون ويشدد الحصار بهدف التأثير سلبًا على حياة الناس”.

وتعيش غزة هموم جائحة كورونا، وتعاني الحصار المستمر، وقطاع الصيادين بدوره يعاني الأمرّين، وهو يعمل في المياه ويعود لليابسة، ما يلزمه -حسب رؤية الخضري- حالة ضغط دولي لتجنيب الحالة الإنسانية مزيدًا من العدوان.

وبلغت خسارة قطاع الصيد في الإغلاق الأخير نهاية إبريل خلال 3 أيام أكثر من مليون دولار، حسب تقدير نقابة الصيادين ووزارة الزراعة بغزة.

ساحة اشتباك

لا ينقطع صوت إطلاق النار من بحرية الاحتلال على قوارب الصيادين ليلَ نهار؛ فالمساحة المسموح الصيد بها هي 20 ميلًا، لكن الاحتلال يقلّصها لـ 3-5 أميال في معظم أيام السنة.

ويقول نزار عياش -نقيب الصيادين-: إن 15 صيادا استشهدوا على مدى انتفاضة الاقصى، وأصيب 200 صياد، في حين تعرض المئات للاعتقال، ودمر الاحتلال كليًّا أو جزئيًّا عشرات القواربـ ويواصل احتجاز 27 قاربًا و60 محركَ قوارب.

ويصعّد الاحتلال من اتهاماته للمقاومة بأنها تحافظ على أنشطة دائمة في بحر غزة متذرعاً بعدة عمليات نفذتها المقاومة من البحر، كان أبرزها مهاجمة رجال المقاومة قواعدَ عسكرية شمال قطاع غزة خلال عدوان 2014م.

ويؤكد محمد مصلح -الخبير في الشؤون الإسرائيلية- أن ممارسة الاحتلال لإغلاق البحر يعد رسالة تصعيد تهدد قوت الناس بغزة وتشدد الحصار.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “يوجه الاحتلال رسالة للمقاومة بأنه يشك بأنها تستخدم البحر لتعزيز قدراتها بعد اشتداد الحصار من عام 2013م، ويخشى من امتلاكها وحدة مقاومة بحرية تحدّث عنها عدة مرات”.

وحاولت منذ عام 2007م كثير من قوافل المتضامنين ونشطاء السلام كسر حصار غزة من جهة البحر، لكنها اصطدمت بعدوان سافر أدى لاعتقال واستشهاد مئات المتضامنين، أبرزها سفينة مرمرة التركية عام 2010م التي استشهد فوقها 10 وأصيب 56 متضامنًا.

وتخشى “إسرائيل” أن تكون المقاومة تستخدم البحر لتهريب الأسلحة بعد تغير الوضع الميداني في البرّ خاصة جزيرة سيناء، وقد سيطرت عام 2002م على سفينة “كارنيه إيه” في البحر الأحمر ادعت أنها تحمل أسلحة للفلسطينيين. 

ويشير الخبير مصلح إلى أنه لا أحد يرغب في اندلاع جولة عدوان كبيرة بغزة، وأن إغلاق البحر ظلّ صورة التصعيد الأولى التي تحمل رسالة إسرائيلية في كل جولة قبل الولوج لمرحلة أشد.

ولا ترغب “إسرائيل” التي لم تلتئم لها حكومة بعد ولا المقاومة التي تترقب تغير المشهد السياسي في مواجهة قريبة، ولعل أحداث القدس مؤخراً انعكست على غزة بالقصف وإغلاق البحر، لكنها ظلت محدودة.

ويقول الخبير مصلح: إن “إسرائيل” تخشى أن يمتلك الفلسطينيون بحر غزة الذي لا توجد فيه حدود مع إسرائيل أو مصر، وأن يمضوا نحو سيادة تؤسس لمشروع دولة مستقلة مستقبلاً. 

ويتابع: “البحر نافذة على العالم، وثروة غاز وأسماك، ومورد اقتصادي، ومخطط فصل غزة عن الضفة البحر جزءٌ من معادلته، أو الوصول لتهدئة طويلة الأمد”.

اكتشف حقل الغاز المسمى “مارين غزة” أواخر التسعينيات، وظل دون تطوير وفي نوفمبر 2015، وقع صندوق الاستثمار الفلسطيني مع الحكومة الفلسطينية مذكرة تفاهم لاستيراد الغاز الفلسطيني من الحقل في وقت لم يكشَف عن تفاصيل أكثر حول مذكرة التفاهم.

أما الحقل الثاني فهو الحقل الحدودي مارين 2، والذي يقع ضمن المنطقة الحدودية البحرية بين قطاع غزة و”إسرائيل”؛ حيث  حددت الشركة البريطانية الكمية الموجودة من الغاز في بحر غزة بحوالي 1.4 تريليون قدم مكعب، وهو ما يكفي غزة والضفة الغربية 15 عامًا.

ويحاول الفلسطينيون منذ عشرات السنين الاستفادة من منفذهم البحري بغزة على العالم، لكن الاحتلال يعيق مشروع الميناء، ويتنكّر في كل مرحلة لكل اتفاق يذكر السيادة الفلسطينية على البحر بموارده وتفاصيله كافة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

صنعاء- المركز الفلسطيني  للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...