القدس التي تُحرِّرنا

منذ بداية شهر رمضان المبارك، كانت تحركات الاحتلال في القدس ومحيط المسجد الأقصى تبدو كأنها تنتهج محاولة فرض واقع جديد على المدينة وساحاتها الحيوية، بأن تحظر الوجود الفلسطيني الكثيف فيها، وكأن النية كانت تتجه لتحييدها عن أي دور لفعل شعبي مناهض لسياسات الاحتلال في حال أقدم على خطوات تهويدية جديدة متعلقة بالقدس والمسجد الأقصى.
من جهة أخرى يبدو أن المؤسسة الصهيونية بتفرعاتها المختلفة، سياسية وعسكرية، وصولاً إلى أذرعها الاستيطانية، ما زالت تحاول ردّ الاعتبار لهيبتها التي انكسرت في هبة باب الأسباط عام 2017، حينما ألزمت هذه الهبة الاحتلال بالتراجع عن تركيب البوابات الإلكترونية، منكسراً أمام إرادة الجماهير داخل القدس.
اليوم تعود القدس لتتصدر المشهد، متحررة من ترهيب الاحتلال من جهة، ومن إكراهات التغوّل الأمني السلطوي التي أفسدت ساحة الضفة من جهة أخرى، ومنطلقة قبل كل ذلك من بدهية أن القدس خط أحمر، وأنها كانت وستظل أصل الصراع وعنوان الوجود، والرمزية المتداخلة مع الهوية الدينية والوطنية، مما يعني أنها ستظل مفتاح الصراع على هذه الأرض، والأرضية التي تنضج عليها ظروف الثورات، وتتهيأ فيها إمكانات الانبعاث، وتجديد العزائم والهمم، حتى ومفردات الواقع المادية تشي بوجود ركام كبير من الانكسارات، والضعف المتراكم، والتراجع الواسع في الاستعداد، وشحّ إرادة المواصلة، وانغلاق آفاق التحدي.
في هبة القدس هذه، كما في غيرها، لا ينحصر مداها في كسر إرادة المحتل، ومفاجأته بتوفر إرادة الفعل والمجابهة، وبتجديد دماء الانتفاض، وتنويع آلياته، وعدم التهيّب من التبعات، بل إن مدى هذه الهبّات يتسع ويمتد ليحرر كل ساحاتنا من جمودها، وليرسي في ربوعها سارية الوعي والنهوض، حين يحيلها إلى أصل الصراع وكنه المعركة، واضعاً كل فلسطيني فيها أمام مسؤولياته مباشرة.
تُحرّرنا القدس دائماً من كل أثقال المراحل المعتمة، تخلّصنا من أدران التيه، وتعيد إلينا ألق البدايات، وتجدد فينا المعاني الغائبة، وتمتّن أواصرها، وتذكّرنا بأننا في فلسطين نعيش في بركة وافرة رغم كل ما نعانيه من ضيق وحصار وملاحقات، هي بركة وجود الأقصى عندنا، ووجودنا في أكناف بيت المقدس، وأي رمزية أعمق من هذا الوجود لكي نظلّ مشحونين بإملاءات الواجب، ولكي تستعصي هممنا على الانطفاء؟
ولعل السؤال المهم اليوم هو: كيف تغدو هذه الهبات المباركة في ساحات القدس حالة دائمة، وليست فعلاً مؤقتاً؟ كيف تصبح لبنة أساسية في مشروع التحرر الواسع، ووقوداً له؟ وكيف تحافظ على ريادتها وألقها بحيث لا يطفئها أي مسار آخر؟ وكيف نصنع منها حالة وعي عامة تسكن المجموع وتختمر بها ذاكرته، فلا يعود ممكناً نسيانها أو التخلص من آثارها أو التحوّل عنها؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

العفو الدولية تطالب بخطوات جادة لوقف جرائم إسرائيل في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، جميع الجهات الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الاتحاد...

كتائب القسام تعلن عن كمين مركب لقوة هندسة صهيونية شرق خانيونس
المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الاثنين، تنفيذ كمين مركب لقوة هندسة صهيونية وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح...

حماس تُثمن حصار اليمن الجوي على دولة لاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على كيان الاحتلال...

القوات المسلحة اليمنية تُعلن فرض حصار جوي شامل على إسرائيل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأحد، فرض حصار جوي على كيان الاحتلال الإسرائيلي، رداً على التصعيد...

حماس تثمن إعلان اليمن فرض حصار جوي على كيان الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على العدو الصهيوني، رداً على...

منظمات أممية تعلن رفضها الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام رفضت منظمات أممية وغير حكومية، المشاركة في الخطة التي يستعد الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذها في قطاع غزة بخصوص توزيع...

الاتصالات تُحذر من انقطاع الخدمة جنوب ووسط قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، مساء اليوم السبت، أنها ستُنفذ أعمال صيانة اضطرارية على أحد المسارات الرئيسية في قطاع...