كورونا والفقر يُغيبان الأجواء الرمضانية عن غزة

يتهيأ الفلسطينيون والمسلمون في شتى أنحاء العالم بعد أيام لاستقبال شهر رمضان المبارك، إلا أن الأجواء الرمضانية بدت شبه غائبة للعام الثاني تواليا خاصة مع غياب الطقوس الرمضانية في ظل جائحة كورونا التي تجتاح العالم بأسره.

ويخشى الفلسطينيون، خاصة في قطاع غزة، من التغيب للعام الثاني على التوالي عن صلاة التراويح والتي تعد أبرز طقوس شهر رمضان المبارك، وذلك على إثر التصاعد المتزايد  لحالات الإصابة بفيروس كورونا.

ورغم أنّ وزارة الداخلية بغزة حددّت اليوم الأول من شهر رمضان المبارك لتقييم الحالة الوبائية في ظل الإجراءات الوقائية التي تضعها للحد من تصاعد أعداد المصابين، إلا أنّ وزارة الأوقاف أوعزت لإدارات مساجد القطاع بلائحة من الشروط والتوصيات المهمة من أجل تفادي وقوع إصابات بين صفوف المصلين.

رمضان والإغلاق

وغيبت القيود، التي تفرضها وزارة الداخلية في قطاع غزة، مظاهر استقبال الشهر الكريم المعتادة، حيث منعت حركة المركبات لثلاثة أيام متتالية، مما تسبب في ركود الحركة الشرائية ركودا لافتا، عدا عن الإغلاق الليلي الذي يبدأ بالتزامن مع انتهاء صلاة العشاء مباشرة.

وكانت الأسواق والمراكز التجارية في قطاع غزة تشهد تزاحماً كبيراً للمواطنين في مثل هذه الأيام من كل عام من أجل شراء اللوازم الغذائية لشهر رمضان، عدا عن شراء مستلزمات الزينة والفوانيس وأحبال الزينة والإضاءة.

وسجلت وزارة الصحة الفلسطينية 1479 إصابة جديدة بفايروس كورونا خلال الـ24 ساعة الماضية، كما أعلنت وفاة ست حالات جديدة متأثرة بإصابتها بالفيروس؛ ليرتفع عدد الوفيات الكلي في قطاع غزة منذ دخول الجائحة للقطاع إلى 677 حالة وفاة.

وأوضحت الوزارة في تقريرها اليومي، أنّ إجمالي الحالات التي هي بحاجة لرعاية طبية في المستشفيات بلغ 379 حالة، عدا عن الحالات الخطيرة والحرجة التي وصلت إلى 274 حالة.

ويتوقع مواطنون التقاهم مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” استمرار القيود أو تزايدها خلال شهر رمضان، إذا ما استمر تزايد عدد المصابين بفيروس كورونا.

ويقول محمد عامر (37 عاماً) وهو يعمل في أحد صالونات الحلاقة الرجالية: إنّ مهنته تأثرت تأثرا كبيرا في ظل جائحة كورونا، متوقعاً أنّ تستمر القيود حتى في شهر رمضان الذي هو أحد أهم مواسم عمله خاصة في آخر أيامه.

ويضيف لمراسلنا: “رغم اتخاذنا التدابير الوقائية كافة، والعمل بحرص شديد مع الزبائن، إلا أنّ هناك ترددا كبير من المواطنين من ارتياد صالونات الحلاقة العامة وخاصة من كبار السن، وهذا يؤثر على عملنا”.

وتبدو المواطنة خالدة شاهين (55 عاماً) حزينة لغياب الأجواء الرمضانية للعام الثاني على التوالي عن قطاع غزة بسبب جائحة كورونا، وبدمعة انسابت على وجنتيها رفعت أكفها إلى السماء تدعو الله بأنّ يرفع هذا الوباء عن الأمة جميعاً، وعن فلسطين وقطاع غزة خاصة.

وقالت لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إنّها كانت تتمنى أن تُبقي وزارة الأوقاف المساجد مفتوحة أمام النساء لأداء صلاة التراويح لهذا العام.

وأوعزت وزارة الأوقاف في غزة إلى إدارات المساجد بضرورة إفساح المجال أمام أكبر عدد من الرجال لأداء صلاة التراويح في المساجد، ودعت النساء لأدائها في بيوتهن، كما جدّدت الرخصة الشرعية لكبار السن والمرضى والذين يخشون على أنفسهم من العدوى بأداء الصلاة في بيوتهم أيضاً.

الفقر يؤثر

ولا يخفي المواطن رامي النجار عجزه عن شراء فوانيس وزينة رمضان لبيته وأطفاله بسبب تأثر عمله بجائحة كورونا، حيث كان يعمل في إحدى صالات الأفراح والتي عادت وزارة الداخلية لإغلاقها على إثر ارتفاع إصابات الموجة الثانية من فيروس كورونا في قطاع غزة.

ويقول النجار لمراسلنا، إنّه يخشى أن يستمر الإغلاق في رمضان فيحرم من القدرة على الالتزام باحتياجات أسرته الغذائية التي غالباً ما تزيد في شهر رمضان.

ويعمل غالبية العمال في قطاع غزة بنظام المياومة؛ مما يعرضهم للتغيب عن أعمالهم أيام الحجر، عدا عن بعض الأيام الأخرى التي يقرر فيها أرباب العمل تقسيم العمال إلى فترات بسبب تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين على إثر الجائحة التي أثّرت سلباً على مناحي الحياة كافة في القطاع.

وبحسب مصادر حقوقية واقتصادية فقد ارتفعت نسبة البطالة في غزة خلال العام 2020، إلى 49 بالمائة، فيما قفزت معدلات الفقر في ذات العام إلى 56 بالمائة في ظل استمرار الحصار.

وفي إحصائية لوزارة العمل بغزة، فإنّ تداعيات جائحة كورونا انعكست على فئة الباحثين عن العمل، حيث ارتفعت أعداد المسجلين لديها، إلى 270 ألف شخص؛ منهم 140 ألف من خريجي الجامعات، و130 من العمّال، فيما بلغ عدد العمال المتضررين من الجائحة إلى أكثر من 155 ألف عامل.