الأحد 04/مايو/2025

دلالات إشراك الأسرى ضمن القوائم الانتخابية

دلالات إشراك الأسرى ضمن القوائم الانتخابية

برزت قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال من جديد على سلم القوائم الانتخابية، عندما اشتملت القوائم مرشحين من الأسرى القابعين في السجون، في صورة تعكس الاحترام والتقدير الذي يحظى به الأسرى المعتقلين والمحررين عند الشعب الفلسطيني.

وفي ظل حالة التغييب والتهميش التي يسعى الاحتلال الإسرائيلي لفرضها على الأسرى داخل السجون، إلا أنه لا يزال لهم دور فاعل في القضايا المجتمعية التي تمكنهم من صنع القرار واتخاذ القرارات المناسبة.

وبذل الاحتلال الإسرائيلي جهوداً جبارة على كل المستويات لوسم الأسرى المعتقلين والمحررين وكل من يقاومه بـ”الإرهاب” ولم يستثن حتى شهداء المقاومة، إلا أن هذه المحاولات سرعان ما تبوء بالفشل أمام عزيمة وإصرار هذا الشعب وهذه الفئة الصابرة.

حضور شعبي وسياسي

الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، قال إن وجود الأسرى ضمن القوائم الانتخابية أمر مهم وضروري، مشيرًا إلى أنه لا يمكن استيعاب أن تكون هناك قوائم فلسطينية وطنية بدون الأسرى.

وأكد المدهون في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن الأسرى مكون متقدم من مكونات الشعب الفلسطيني، وأحد رموزه وإن كانت تُغيبهم السجون، مشيرًا إلى أنهم حاضرون شعبيًّا وفصائليًّا وسياسيًّا، ولهم دور كبير ويتم التواصل معهم واستحضار آرائهم.

وأفاد أن الأسرى هم من نُخب الشعب الفلسطيني وأكثرهم صفاءً ونقاءً وعلمًا وتعلمًا وتقدمًا، واصفًا إياهم بأنهم “شامات تنير الوجه الفلسطيني”.

وأشار إلى أن وجود الأسرى رسالة للاحتلال الإسرائيلي بأنهم -وإن تم تغييبهم في السجون- إلا أنهم فاعلون ولن يستطيع إطفاء نورهم، وقضيتهم من أولويات الشعب الفلسطيني، وأن مكانهم هو البرلمان وليس السجون، وأن اعتماد الشعب الفلسطيني على المقاومة وإبقاء قضية الأسرى أمر مهم.

وأضاف: “أحسنت الفصائل الفلسطينية صنعًا أن طعمت قوائمها بأسرى من داخل السجون؛ فالأسرى هم قادة هذا الشعب، والقيادات الحقيقية هم من هؤلاء الأسرى مثل: مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعباس السيد وأبو الهيجا وعبد الله البرغوثي وإبراهيم حامد وغيرها من الرموز التي تستحق أن تقود المرحلة عامة”.

وعدّ إدراج أسماء أسرى ضمن القوائم الانتخابية “توجيهًا للبوصلة الوطنية في الاتجاه الصحيح لإعادة الاعتبار لقضية الأسرى، وإشراك هذه الفئة التي ضحت بأجمل سني عمرها من أجل حريتنا جميعًا في القرارات المفصلية للقضية الفلسطينية”، مضيفًا: “الأسرى ليسوا بمعزل عن الحياة السياسة الفلسطينية؛ فهم من داخل سجنهم يتابعون أدق التفاصيل في الخارج، ويشاركون برأيهم ومواقفهم في غالبية القضايا المصيرية التي تهم شعبنا وقضيتنا”.

من جانبه؛ قال الباحث في شؤون الأسرى رياض الأشقر، إن مشاركة عدد من الأسرى ضمن القوائم الانتخابية يعيد قضية الأسرى وأهميتها إلى الواجهة مرة أخرى، ويفتح هذا الملف الذى لم يأخذ حقه السياسي والوطني بالكامل، ويعكس مدى اللحمة والالتحام بين هؤلاء الأبطال داخل السجون، وأبناء شعبهم خارج السجون، كما ويتيح الفرصة للعمل  أكبر من أجل القضية وإنهاء معاناة الأسرى.

وأشار الأشقر في تصريح لمراسلنا، أن هذه الخطوة تعكس مدى قناعة الفصائل الفلسطينية بأهمية ودور الأسرى كونهم شريحة وطنية ناضلت من أجل الكل الفلسطيني.

وأوضح أن هذه الخطوة تؤكد أن الأسرى مقبولون ومحبوبون من أبناء شعبهم الذين يحتضنون قضيتهم، ويشعرون بمدى التضحية التي قدموها، وهم أوفر حظًّا من غيرهم في الفوز والحصول على أعلى الأصوات من الناخبين الفلسطينيين.

أبعاد سياسية ووطنية

من جهته؛ قال المختص في الشؤون السياسية والقانونية أحمد أبو زهري، إن حرص القوى والفصائل الفلسطينية على وضع عدد من الأسرى في قوائمها له أبعاد سياسية ووطنية مهمة؛ كون قضية الأسرى تحتل أولوية بارزة أمام باقي القضايا الوطنية على الرغم من أهميتها جميعًا.

وأوضح أبو زهري في تصريح خاص لمراسلنا، أن حرص الفصائل ظهر من خلال اختيار أصحاب المحكوميات العالية من أصحاب المؤبدات لما لهم من رمزية كبيرة في وجدان الشعب الفلسطيني، مضيفًا: “هذا بدوره سينعكس بالإيجاب على كل القوائم التي يوجد فيها الأسرى من حيث ارتفاع قيمتها وطنيًّا أمام الجمهور والمساهمة في استقطاب نسب تصويت كبيرة”.

وتمثل هذه الخطوة وفق أبو زهري، إرباكًا للاحتلال، كونه يحاول طمس قضية الأسرى وتنحيتها جانبًا، لافتاً إلى أن ترشيح الأسرى جاء لإعادة الاعتبار لهذه القضية الوطنية وتصديرها في الواجهة أمام الرأي العام العربي والدولي لفضح الاحتلال وتحريك قضيتهم.

أما بالنسبة لحركة حماس، فأوضح أن هذه الخطوة تأتي ضمن عديد من الخطوات التي تبذلها الحركة من أجل الأسرى، فهي أفرجت عن ما يزيد عن ألف أسير ضمن صفقة تبادل، ولا زالت تفاوض على صفقة تبادل أخرى.

وأضاف: “أرادت الحركة أن يكون الأسرى في مقدمة المرشحين كي تحرج الاحتلال وتساند الأسرى بالوسائل الأخرى المتاحة، كما أن نجاح الأسرى بعضوية التشريعي ربما يعزز من مكانتهم بما يشكل عامل ضاغط للإفراج عنهم لاحقًا”.

من جهته؛ يرى الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم أبراش، أن وجود أسرى في سجون الاحتلال ضمن القوائم الانتخابية وفوزهم في الانتخابات لا يعني أن الكيان الصهيوني سيطلق سراحهم حتى يمارسوا مهامهم في التشريعي أو في منصب الرئاسة.

دلالات معنوية

وأشار أبراش في مقال له، إلى أن الفصائل وعت ذلك من خلال التوافق على أن لا يبقى مقعد النائب الأسير شاغرًا وأن ينوب من يليه في الترتيب مكانه، “وقد رأينا كيف قام جيش الاحتلال باعتقال نواب التشريعي بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية السابقة وربما يكرر الأمر مع نواب آخرين جُدد في حالة ممارستهم ما لا يرضى عنه الاحتلال”.

وذكر أن مشاركة الأسرى في العملية الانتخابية -بالإضافة إلى أنه حق كفلته كل المواثيق الدولية والقانون الأساسي الفلسطيني- فهو إجراء له دلالات ومضمون معنوي حتى تبقى قضية الأسرى حاضرة في الوجدان الفلسطيني وحتى يعرف العالم أن الشعب الفلسطيني لن ينسى الأسرى والمعتقلين؛ بل يكرمهم ويحفظ لهم الجميل، ويعترف بفضلهم على الجميع.

وأكد أنه لولا الأسرى المعتقلين والمحرَرين، ولولا الشهداء، ما كانت القضية الوطنية حاضرة وتفرض وجودها دوليًّا، وما كان هناك دولة فلسطينية ورئيس دولة، ولا حكومة ورئيس حكومة ووزراء، ولا مجلس تشريعي وأعضاء مجلس تشريعي، فالشهداء والأسرى أكرم وأفضل مَن أنجب الشعب الفلسطيني، وفق قوله.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات