الخميس 27/يونيو/2024

في غزة.. اقتصاد مقاوم صموده اضطراري!

في غزة.. اقتصاد مقاوم صموده اضطراري!

أمام مشهد اقتصادي هجين في قطاع غزة لا يتمتع باستقلالية العمل في القطاع العام ويعاني من الحصار والأزمات وعدوان الاحتلال تعد الملفات الاقتصادية أهم آفاق المستقبل لسكان القطاع.

وبلغت نسبة الفقر في فلسطين عامةً (30%) منها (45%) بغزة و(20%) بالضفة، في حين سجلت البطالة (45%) بغزة و(13%) بالضفة، حسب جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني.

واستخدم الاحتلال المشهد الاقتصادي منذ عام 2006م نافذةً لتشديد حصار غزة ومراكمة أزمات الفقر والبطالة وتضرر البنية التحتية حتى أضحى أكثر من 80% من القطاع يحصلون على مساعدات إغاثية من المؤسسات الإنسانية.

وأشار تقرير جديد للبنك الدولي نهاية العام الماضي 2020 أن وباء “كورونا” ما يزال يلحق أضرارًا بالغة بالاقتصاد الفلسطيني، “الذي يتعثر بالفعل، مما أدى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11.5% في عام 2020”.

وحاولت وزارة الاقتصاد الوطني بغزة التكيّف مع أزمات الحصار وعدوان الاحتلال وإغلاق المعابر المتواصل منذ عام 2006، فنجحت في الحفاظ على جزء أساسي من الاستقرار عاجزةً عن تحقيق نمو اقتصادي أو نمو مستدام لأكثر من مليوني نسمة محاصرين.

اقتصاد مقاوم
منذ مطلع التسعينيات روّج “شمعون بيريس” رئيس وزراء “إسرائيل” السابق في كتابه “شرق أوسط جديد” لفكرة السلام الاقتصادي، لكن جوهر فكرته انعكس باستخدام سلبي لحكومات الاحتلال وهي تشدد الخناق على تفاصيل الحياة اليومية للفلسطينيين.

هيمنة الاحتلال شوهت البنية الاقتصادية الفلسطينية، وعطلت مستقبل التنمية الذاتية للاقتصاد بغزة في إطار الانقسام واستمرار العمل وفق (بوروتوكول) باريس الاقتصادي الذي لم يطرأ عليه أي تغيير رغم مقدرة السلطة على تعديله.

يقول د. معين رجب، أستاذ علم الاقتصاد بجامعات غزة: إن المشهد الاقتصادي بغزة يظهر جليًّا في بنيتها التحتية في قطاعات “الماء-الكهرباء-الصرف الصحي”.

وبلغت نسبة المياه غير الصالحة للاستخدام بغزة 97%، في حين بلغت نسبة العجز في الكهرباء 53%، ولوّث الصرف الصحي التربة ومخزون المياه الجوفي.

ويضيف رجب لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “الكهرباء غير قادرة على الوصول بشكل كاف، وإتمام مشاريع ضرورية ومشاريع تحلية المياه تصطدم بأزمة الكهرباء”.

وحاولت وزارة الاقتصاد الوطني بغزة العمل بنمط مقاومة اضطرارية للتكيف مع واقعها، وقدمت مشاريع دولية وعربية لتنشيط القطاعات الأساسية، لكنها تعاني من معضلة عدم التكامل ومضايقات الاحتلال.

الحفاظ على الحد الأدنى من استقرار المشهد الاقتصادي كانت مهمة وزارة الاقتصاد بغزة التي عملت في إطار حصار وإغلاق معابر وانهيار قطاعات عديدة للقطاع الخاص.

النشاط الزراعي للقطاع العام والخاص حافظ على استمراريته، لكنه يعاني رغم كفاءة وخبرة المزارع الفلسطيني من خسارة متكررة في الحروب وإغلاق المعابر.

ويتابع د. رجب: “الإرادة عززت فكرة الاقتصاد المقاوم خاصة في الزراعة الحدودية التي تتعرض لرش مبيدات وتجريف الاحتلال ومطاردة المزارعين وتدمير منشآتهم، لكن غزة تحاول دوماً الحفاظ على إنتاجها الزراعي لتوفير حاجاتها الأساسية”.

وكانت وزارة الاقتصاد بغزة أعلنت مؤخراً عن جملة تسهيلات أهمها إعفاء المصانع المستأجرة في المنطقة الصناعية من الضريبة المضافة المتراكمة على الإيجار اعتباراً من تاريخ 2016م.

كما قررت إعفاءً كاملًا من الرسوم الجمركية الضريبية لمستلزمات الإنتاج، وأعفت المشاريع الصناعية الصغيرة التي لا يزيد رأس مالها على 10000 $ من رسوم التسجيل لدى وزارة الاقتصاد الوطني لسنتين.

تعزيز فكرة الاقتصاد المقاوم تنمو بتبني الطاقات الشبابية التي يملك فيها القطاع مخزوناً إستراتيجيًّا في التخصصات جميعها، لكنها دوماً بحاجة لدعم أصحاب القرار الحكومي ماليًّا وإداريًّا.

القطاع العام
في وزارة الاقتصاد الوطني بغزة انشغل الموظفون بتفصيل إجبارية منذ عام 2006م وهم يحصون الخسارة والأضرار والاستماع لمشاكل القطاع الخاص، لكنهم نجحوا في الحفاظ على استقرار المشهد الاقتصادي بالحد الأدنى.

ورغم تعثّر المشهد الاقتصادي بغزة إلا أن القطاع العام والخاص حاول الاستمرار، فسجلت وزارة الاقتصاد من عام 2006-2020م في محاضرها الرسمية (13088) سجلا تجاريا، و(60450) مستخرجَ سجلٍّ تجاري.

وبلغ عدد الشركات المسجلة (6095) شركة في حين تم إنجاز (9146) معاملة تعديل على الشركات، وشطب (8325) شركة نشطت في قطاعات مختلفة.

ويؤكد عبد الفتاح موسى، الناطق باسم وزارة الاقتصاد الوطني بغزة أن وزارته أشرفت على المشاريع المعتمدة من هيئة تشجيع الاستثمار خلال (سبتمبر2008 حتى نهاية 2020م والتي بلغت (1336) مشروعا بقيمة (6832967) $.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أحلنا (13086) قضية للنائب العام بشأن أشخاص ارتكبوا مخالفات اقتصادية، وأجرينا (8000) تسوية مالية وتصالح مع عدد من التجار بتسويات مالية لارتكابهم مخالفات وتجاوزات للقوانين والتعليمات الفنية المعتمدة”.

وركزت الوزارة عملها في عدة برامج أهمها برنامج حماية المستهلك والحفاظ على صحة المواطن، وبرنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وبرنامج حماية وتشجيع المنتج المحلي، وبرنامج المشاريع الصغيرة ومتابعة العمل في جائحة كورونا.

وحافظت الوزارة على استقرار المخزون السلعي خلال الأزمات والحروب من خلال توفير المخزون من القطاع الخاص إضافة لتخصيص 20 دونمًا لإقامة أرض المعارض، والإشراف على إعادة إعمار المصانع المدمرة.

ودعمت الوزارة المنتج المحلي بتقنين الواردات التي لها بديل محلي، وتقنين إدخال البضائع الإسرائيلية المنافسة ومنع إدخال بعضها، ومنحت إعفاء بقيمة 20% من فاتورة الكهرباء للمصانع في قطاع غزة.

يشير الناطق باسم وزارة الاقتصاد الوطني أن وزارته تشجع الصناعات الوطنية مثل (العجوة، والألبان، والشبس، والبسكويت، والعصائر)، وهو ما انعكس على ظهور عدة مصانع محلية.

وفي جائحة كورونا نشطت في استقرار المخزون السلعي للأصناف الأساسية وإصدار قرار بإعفاء ضريبي لـــ 22 سلعة أساسية، وتتابع مؤسسات مهمة مثل المخابز ومحطات الوقود وتحلية المياه.

ويترقب سكان قطاع غزة تحسناً على المشهد الاقتصادي الذي اعتمد منذ قدوم السلطة الفلسطينية على الدعم الخارجي، لكن تجربة الحصار بغزة رسخت وعي المواطن والمنتج بضرورة الاعتماد على الذات في الإنتاج ومراقبة المخالفين للنظام العام.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات