الإثنين 05/مايو/2025

القدس.. بيضة الميزان في نجاح الانتخابات الفلسطينية؟

القدس.. بيضة الميزان في نجاح الانتخابات الفلسطينية؟

هذه هي الدبلوماسية المناسبة التي تعيد التذكير بأهمية مدينة القدس المحتلة في الحياة السياسية الفلسطينية وسط احتدام الصراع مع الاحتلال لحسم المستقبل الديمغرافي والسياسي للمدينة المقدسة.

أمام المشهد السياسي الفلسطيني المقبل على انتخابات جديدة للمجلس التشريعي، تفرض إمكانية عقد الانتخابات في القدس المحتلة نفسها على أجندة نجاح أو فشل الانتخابات برمتها.

ويلعب الاحتلال دوراً مركزيًّا في أي سلوك سياسي أو شعبي يمارسه الفلسطينيون في المدينة المقدسة التي تعاني من مسلسل تهويد وتهجير لإزالة المعالم العربية والإسلامية عن القدس.

وثمة سؤال وسط انقسامات متوالية تعانيها حركة فتح التي يرأسها محمود عباس رئيس الحركة والسلطة الفلسطينية، هل تكون انتخابات القدس سبباً لإلغاء أو تأجيل الانتخابات إذا رفض الاحتلال السماح للفلسطينيين فيها بحرية ممارسة حق الترشح والانتخاب.

جوهر الصراع

وتجسد القدس المحتلة بفواعلها كافة جوهر الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ففي حين يتمسك الطرف الأول بحقه التاريخي والإسلامي في المدينة، يعيق الاحتلال أنماط الحياة الفلسطينية كافة في القدس، ومنها الممارسة السياسية.

ويربط المحلل السياسي د. جورج جقمان بين نجاح عقد الانتخابات في القدس المحتلة وموقف الحكومة الإسرائيلية التي لم تعلن حتى الآن موقفها النهائي والمعلن من الانتخابات في القدس.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “قريباً ستتشكل حكومة من اليمين واليمين المتطرف، وغالباً هم ضد الانتخابات في القدس، إذا نجحت الضغوط الأمريكية والأوروبية قد تعقد لكن حتى الآن نسمع تصريحات لم تترجم لمواقف صريحة”.

وكانت “إسرائيل” قد سمحت في انتخابات عام 2006م لأهالي القدس بالانتخاب حين أعلنت موافقتها قبل 10 أيام فقط من موعد التصويت، لكن لا أحد يدري هل ستكرر فعلها هذه المرة أم ستمنع الانتخابات بالمطلق.

قديماً لم يجمع “إسرائيل” اتفاقيات تطبيع مع أنظمة عربية، لذا كانت تعد أصابعها العشرة قبل تصدير موقف نهائي من القدس المحتلة يمس الشعب الفلسطيني؛ لكنها الآن قفزت عن تلك الهواجس.

ويؤكد د. جمال عمرو -الخبير في شئون القدس أن القدس المحتلة- بقيت آخر محطة استراتيجية في اتفاق “أوسلو” بملف التسوية حاول الاحتلال دوماً ترحيل الحديث عنها للمرحلة النهائية.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “مع فشل التسوية ظهرت القدس كأنها حمولة زائدة مثل غزة، وأزاحوا الحوار عنها للمرحلة النهائية، ورغم أهميتها اتخذها رؤساء عرب ذريعة لتبرير فشلهم في نصرة قضيتها”.

وفي ظل تراجع القضية الفلسطينية عامةً، والقدس خاصةً، من أجندة السياسة العربية لم تعد معظم الأنظمة العربية التي انخفض سقفها في الصراع تربط موقفها من “إسرائيل” بممارساتها في القدس.

حسابات انتخابية

منذ أيام فقط اشتدت موجة تصدير المواقف التي تربط بين نجاح الانتخابات الفلسطينية وعقدها في القدس، فهل هي استفاقة متأخرة أم حسابات انتخابية لرئاسة السلطة التي تراقب انقسامات في حركة فتح أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.

تفحص القوائم المرشحة جاهزية قواعدها الانتخابية، وتجري قياساً للمشهد العام عند الحديث عن انتخابات القدس، فحركة فتح التي تعاني انقسامات في قوائمها ستنعكس بالضرورة على نتائجها المتوقعة، وحماس تبدو أكثر تماسكاً ووحدة.

يقول المحلل جقمان: إن كثيرا من المواقف الفلسطينية تؤكد على عدم نجاح الانتخابات دون مدينة القدس المحتلة، لكن السؤال الأساسي يكمن في أهداف من يريد عقد الانتخابات الآن ومن لا يريد، ومن يتعاون ومن لا يتعاون.

ومن المرجح أن تتوزع أصوات حركة فتح بين 3 قوائم بعد انشقاقات وتباين في مواقف قيادة فتح بالضفة وغزة، وهو ما يفتح احتمال إلغائها إذا رأى الرئيس عباس النتيجة تسير لغير صالحه مبرراً ذلك بمعيقات الاحتلال لانتخابات القدس.

ويستهجن الدكتور عمرو مواقف الفصائل الفلسطينية التي تجسد قفزة في الهواء حين يأتي ذكر انتخابات القدس وتمسكهم بها في مرحلة الترشيح والانتخاب، ومطالبتهم المجتمع الدولي بدعم الانتخابات فيها بينما لم يقدم أحد شأناً واقعيًّا لإنجاح انتخاباتها.

القدس تنتخب

وشارك المقدسيون في انتخابات التشريعي 1996م و2005 الرئاسية، و2006 التشريعية قبل أن ترفض “إسرائيل” لاحقاً طلبات السماح لهم بالمشاركة.

وتُشير تقديرات وإحصاءات فلسطينية، إلى أن أكثر من 417 ألف فلسطيني يعيشون في شرقي القدس المحتلة، وحسب لجنة الانتخابات فإن 118 ألف فلسطيني يحق لهم الاقتراع في القدس المحتلة.

ووضعت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية سيناريوهات تمكّن المقدسيين من المشاركة، رغم أنها ممنوعة من ممارسة عملها العمل في القدس المحتلة.

وأفادت لجنة الانتخابات في تصريحات صحفية سابقة أن اللجنة تسجل المقدسيين الذين يقترعون في 6 مراكز بريد بالمدينة، وأنهم يستطيعون التوجه إلى 15 مركزاً في محيط المدينة (مناطق تابعة للسلطة) للتسجيل والاقتراع في اليوم نفسه.

ويلفت المحلل جقمان إلى نقطة مهمة، وهي أن “إسرائيل” حين توافق على الانتخابات في القدس، توافق على أن يصوّت المقدسيون في حقوق ليست في مدينة القدس.

ويتابع: “الاحتلال موافق أن تكون نقاط التصويت في مكاتب بريد تقع أول طريق صلاح الدين في القدس وحتى البريد في الرام، يفصلون بين القدس والسكان، ويسمحون للسكان بالتصويت كغائبين عن بلدهم”.

ويشكك المحلل عمرو في سماح “إسرائيل” للمقدسيين في الانتخابات بمراكز البريد التي قد تتعرض للإغلاق حتى يعجز معظمهم من ممارسة حقهم سوى بضعة آلاف.

وتخضع الانتخابات هذه المرة للنظام النسبي الكامل، ما يؤدي إلى عجز أي كتلة كبيرة تفوز في المجلس التشريعي عن تشكيل حكومة بمفردها، ما يعني مشاركة عدة كتل بالضرورة في حكومة ائتلافية.

وعلاوةً على البعد السياسي في ملف انتخابات القدس، تحضر الحسابات الأمنية الإسرائيلية المرتبطة بالشكل العام للمشهد السياسي الذي يحدد مصير سكان ومستقبل القدس.

ورددت وسائل إعلام إسرائيلية أنباء عن لقاء جمع بين رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، ورئيس الشاباك الإسرائيلي طالب فيه الشاباك أبو مازن بإلغاء الانتخابات، بسبب مشاركة حماس ورفض عباس موقفه.

ولا تزال السلطة الفلسطينية تتلمس الموقف الأمريكي حيث تتحدث وسائل إعلام أخرى عن مبعوثين لها يجرون حوارات مع مسئولين في إدارة “بايدن” تخص ملف الانتخابات الفلسطينية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات