صغار المزارعين بالضفة الغربية.. ضحايا للإغلاقات وانكشاف بلا تعويض

لا يعرف المزارع عوني صوالحة -من جنين شمال الضفة الغربية- كيف سوف يتدبر التزاماته تجاه محل المواد الزراعية الذي يدفع له أثمان الأدوية والأسمدة على بيع الموسم، بعد أن جعلته الإغلاقات الأخيرة التي أقرتها الحكومة للحد من انتشار كرونا يتكبد خسائر لمزروعاته من الخيار.

وأما المزارع مروان ثابت، والذي اعتاد تسويق منتجاته من منطقة فروش بيت دجن لحسبة نابلس، فقد عدّ أن الإغلاق الأخير تسبب له بضربة قاسية؛ لأن منفذ التسويق الرئيس له قد أغلق.

وأضاف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن حسبة نابلس تعد مصدر تسويق غالبية الخضروات من المنطقة، وفجأة وجدنا أنفسنا أمام إغلاق أسبوعين، فتركنا المزروعات في الأرض.

وشهدت الأيام الأخيرة انخفاضا ملحوظا لأسعار الخضار؛ حيث انخفضت الأسعار بنسبة 70%، فعلى سبيل المثال لا الحصر، كان يباع صندوق الكوسا (15 كغم) بخمسين شيكلًا، والآن وفي ظل الظروف الحالية يصل إلى 15 – 20 شيكلا في الأسواق المركزية، نظرًا لقلة الطلب من تجار التجزئة على شراء كميات بسبب الإغلاقات وضعف القدرة الشرائية للمستهلكين.

إعادة الاعتبار للقطاع الزراعي
بدوره، دعا اتحاد لجان العمل الزراعي وحركة طريق الفلاحين الحكومة إلى وضع إجراءات تأخذ بعين الاعتبار أهمية القطاع الزراعي في صمود واستدامة سبل عيش صغار المزارعين الفلسطينيين، وأن يتم تخصيص موازنة لدعم صغار المزارعين المتضررين بسبب الإغلاقات واستمرار الجائحة.

ونبّهت إلى أنه ورغم أن المنتجات الزراعية تندرج في نطاق السلع الأساسية المعفاة من قيود الحركة في ظل الإجراءات المتبعة للحد من انتشار الجائحة، إلا أن الأسواق المركزية في رام الله وقلقيلية ونابلس وطولكرم تأثرت كثيرًا بالإغلاق الكلي والجزئي، وقد تجلى هذا التأثير في شكل حجم الطلب والعرض على السلع الزراعية .

ويشير المزارع صوالحة لمراسلنا إلى أن المزارعين الصغار عملوا على الهروب من الأزمة إلى تأخير فترة حصاد منتجاتهم بديلًا عن تكبد الخسائر من تكاليف حصاد وتعبئة وتغليف، وأجور نقل للحسبة المركزية، ولكن في النهاية ما جرى هو البيع بأسعار متدنية جدًّا لا تغطي تكاليف ما بعد الحصاد.

وبحسب بيانات وزارة الزراعة؛ فإن القطاع الزراعي يساهم بنسبة 4.6% من إجمالي الناتج المحلي، ويساهم بنسبة 15% من إجمالي صادرات فلسطين إلى دول الخارج، بالإضافة إلى مُساهمة الزراعة في تشغيل الأيدي العاملة بنسبة 13.4%.

نتائج كارثية

وفي تقرير لحركة طريق الفلاحين عن الإغلاق الأخير، حذر ورصد من “النتائج الكارثية” للإغلاق على صغار المزارعين، ففي محافظة نابلس، وبالأخص في منطقة فروش بيت دجن والنصارية ومناطق الأغوار الوسطى، التي يزرع فيها 700 دونم من الدفيئات الزراعية 90% منها مزروعة بمحصول البندورة و10% مزروعة بمحصول الخيار ومحاصيل أخرى.

ويعتمد المزارعون فيها على تسويق منتجاتهم الزراعية من خلال التجار إلى الأسواق المركزية، انخفضت القدرة الاستيعابية للحسبة المركزية فيها من 80% للمنتجات المحلية و20% من الفاكهة المستوردة، إلى 20% من الإنتاج المحلي و5% من المستوردة، حيث كانت حسبة نابلس المركزية في الوضع الطبيعي تسوّق 80 % من المنتجات الزراعية و20% منها يسوق خارج المحافظة أو مع تجار التجزئة.

أما في محافظة طولكرم، والتي تعدّ من المحافظات المنتجة للخضروات بشكل كبير حيث تنتج تقريبًا 1000 طن من محصول البندورة، وأكثر من 2000 طن من الخيار، وما يقارب 200 طن من الفلفل الحلو والحار و10 طن من الفاصولياء…الخ، فخلال الشهر الحالي وفي ظل إغلاق الحسبة المركزية التي تستوعب في الوضع الطبيعي 50% من المنتجات الزراعية في المحافظة 30% منها يتم تسويقها إلى أراضي 48 و20 % في الحسب الأخرى، فقد تسببت الإجراءات الحالية كالإغلاق الكلي أو الجزئي، إلى ترك المزارعين لمحاصيلهم في الأرض دون قطاف أو بأحسن الأحوال تسويق جزء من المحصول بنسب قليلة محليًّا.

وينطبق أيضا على المزارعين في محافظة قلقيلية الذين يعانون من إغلاق الأسواق المحلية نتيجة الإغلاق الشامل، حيث تنتج المحافظة 2400 طن من الليمون والذي من المفترض أن يتم تصديره إلى الأردن الشقيق.

ولكن نتيجة لإغلاق المعابر وإغلاق الحسبة المركزية في المحافظة وعدم السماح لفلسطينيي الداخل بالوصول إلى المحافظة جعل مصير 280 دونما من البندورة، و100 دونم من الخيار، و120 دونما من الفاصولياء والخيار والكوسا أن تبقى في أرضها دون حصاد أو بيعت بأسعار متدنية لا تغطي تكاليف الإنتاج.

وفي محافظة رام الله -حسب التقرير- والتي تعدّ من المحافظات المستهلكة للمنتجات الزراعية فقد أغلقت أبواب المحافظة أمام جميع المنتجات الزراعية نتيجة استمرار الإغلاق المشدد.