الأحد 04/مايو/2025

إسرائيل.. هل فقدت الردع الحقيقي واكتفت بالتهديد والوعيد؟!

إسرائيل.. هل فقدت الردع الحقيقي واكتفت بالتهديد والوعيد؟!

هذه هي الفترة الرمادية من سياسة إدارة “بايدن” رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الجديد، التي لم تحسم حسما قاطعا مخرجات أثر كبير من إدارة سابقه “ترمب” خلفت جدلاً واسعاً في العالم والشرق الأوسط. 

العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” دفعت الأولى تاريخيًّا للحفاظ على تسيُّد وتفوق الثانية اقتصادياً وعسكرياً في الشرق الأوسط، لكن متغيرات السياسة والأمن من حول “إسرائيل” أصابت نظريتها الأمنية القديمة القائمة على الضرب دوماً في أرض العدو.

نظرية الردع الإسرائيلية من زمن “بن غوريون” أبرز مؤسسي “إسرائيل” التي ركزت على “حسم الحروب ضدّ العرب بسرعةٍ، ومنع انتقالها للعمق الإسرائيلي”، لم تعد ماثلة مع تطور قدرات مقاومي “إسرائيل”، خاصّة قوتهم الصاروخية، ومع أسلحة تخطت الحدود.

الحديث عن قوة الردع الإسرائيلية مرتبط بقدرتها على توجيه ضربات عسكرية لخصومها، أو ثنيهم عن البدء في سلوك ميداني ترفضه “إسرائيل” ويحسب له خصومها ألف حساب.

وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي “أفيف كوخافي”، قال قبل أيام، إن: “قوة الردع الإسرائيلية زادت في وجه الدول التي تهدد أمنها” مشيراً في كلمة له خلال مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، “هذه الدول ليست لها النية لشن هجمات ضدنا، وكل عملياتها ضدنا تأتي في سياق الرد على نشاطات نقوم بها نحن”.

جاءت تصريحات “كوخافي” متزامنة مع تزايد الحديث عن خطط عسكرية إسرائيلية لضرب منشآت إيران النووية، بينما تشهد الساحة الدبلوماسية نشاطاً ملحوظاً بين دول (5+1) وإيران قبل العودة للاتفاق حول نشاطها النووي الذي انسحبت منه إدارة “ترمب”.

كما أصدر “كوخافي” تعليمات لمسؤولين أمنيين بإعداد خطة عسكرية لمواجهة “التهديد” الإيراني، وهو ما يعد تصعيداً صريحاً وتهديداً محتملاً لقصف أهداف إيرانية.

ردع متضرر

ابتعلت “إسرائيل” النصل عدة مرات وهي تقود جولات وحروب في غزة وجنوب لبنان “2006-2014م” قُصفت فيها “تل أبيب” والمدن الكبرى التي ظلت لعقود بعيدة عن مرمى النيران، يومها بدأت نظرية “بن غوريون” الأمنية عن الردع في التهاوي.

الهجوم الوقائي، والضربات الاستباقية، لم تعد بدون تكلفة لـ”إسرائيل”؛ فرغم تفوقها في القدرة التدميرية والتكنولوجية؛ إلا أن هناك من يده متحفزة على الزناد، وكرر إطلاق الصواريخ فوق تجمعاتها السكنية والعسكرية.

ملف إيران النووي ومربعها مع جنوب لبنان وسوريا وغزة كان ولا يزال مادةً خصبة للدعاية السياسة والتبرير العسكري في كل محطة من عقد ونصف مضى. 

ويؤكد ناجي البطة، الخبير في الشئون الإسرائيلية، أن المشهد الميداني قد تستخدم فيه “إسرائيل” أسلحة غير تقليدية إذا سقطت قذائف صاروخية على مدن “إسرائيل” الكبرى مثل يافا و”تل أبيب”.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “إسرائيل تحاول العمل في ساحات بعيدة مثل إيران وسوريا وأخرى قريبة مثل جنوب لبنان وغزة، ولديها 3 أنواع من الأسلحة النووية حسب التسريبات”.

الردع منذ أعلنه “بن غوريون” وُصف بأنه “بوليصة” تأمين لاستمرار وجود “إسرائيل” وقد بدأ مشروع “إسرائيل” النووي لتعزيز الردع في الإقليم كأهم أداة عسكرية استراتيجية عام 1952م، بينما مدت أمريكا مؤخراً حليفتها بطائرات إف35 للحفاظ على تفوقها، إضافة إلى أدوات قتالية عديدة يفخر بها الجيش الإسرائيلي.

ويشير الخبير البطة، أن الأسلحة النووية تنقسم الآن لثلاثة أنواع؛ وهي المستخدمة على نطاق كبير مثل التي قصفت بها “هيروشيما وناجازاكي”، وأخرى تقصف منطقة محدودة مثل قرية أبو بلدة مثل قصف أمريكا لمطار بغداد، وثالثة موضعية بقطر 1-2 كم، فهل تستخدم “إسرائيل” ما يعزز لها الردع وهي تقصف إيران أو أصدقاءها؟.

ويقلل اللواء يوسف شرقاوي الخبير العسكري من احتمال قيام “إسرائيل” بضربة عسكرية؛ لأنها باتت مهددة من أطراف عديدة من بعيد، وعلى رأسهم إيران واليمن والعراق، بالإشارة لامتلاكهم صواريخ بعيدة المدى.

الردع الذي مارسته “إسرائيل” ولم تعد ممسكة بخيوطه كافة الآن، هو في نظريتها “نقل المعركة لأرض العدو وسط حالة تفوق دون أن يرد العدو”، وقد تباينت القضية حسب رؤية الخبير شرقاوي منذ حرب الاستنزاف 1967-1973م، وأكملت حرب أكتوبر المشهد.

دعم أمريكي

غضت الإدارة الأمريكية عينها ودعمت سياسياً وعسكرياً “إسرائيل” في عدوان متكرر على غزة ولبنان وسوريا، بل ونقلت مخازن أسلحتها وقذائفها قبل سنوات “لإسرائيل” التي تواصل استخدامها في الغارات على دول الطوق وغزة. 

السؤال الآن، وبينما أمريكا ترتب أحجار رقعة الشطرنج، هل ستدعم الإدارة الجديدة “إسرائيل” وهي تلوح بهراوة القصف ضد إيران ما يهدد ويشعل منطقة الخليج والإقليم بأكمله؟.

يقول الخبير البطة؛ إن مراكز صنع القرار في أمريكا “البنتاغون-وزارة الخارجية-البيت الأبيض-الكونجرس” لن يجتمعوا على تأييد “إسرائيل” وأن البنتاغون في آخر عهد ترمب كان ضد توجيه ضربة لإيران.

ويتابع: “البعد المحلي يخص غزة ولبنان، وسوريا تعمل في فضاء إسرائيل المحلي وعلى حدودها قد تعزز الردع فيها منفردة، لكن قصف إيران بحاجة للدعم الأمريكي، النفط سيكون مهماً في قرار الضربة، وإذا وقعت سيكون بايدن مع ضربة محدودة بخلاف ترمب الذي كان ينوي القصف بجنون كبير”.

ومع تقدم 3 دول في الإقليم “إيران-تركيا-أثيوبيا” تكافح “إسرائيل” للحفاظ على تفوقها مستفيدة من حالة الدعم الأمريكي والغربي لها، لكن التفاصيل لا تمضي في ملفات عسكرية مثل ملف إيران النووي، أو اقتصادية مثل غاز شرق المتوسط ،على مقاسها.

ويؤكد الخبير شرقاوي أن مذكرات “هنري كيسنجر” وزير الخارجية الأمريكي السابق، ذكرت رؤيته لضرورة الانتصار في حرب أكتوبر 1973م حين انهارت للمرة الأولى قوة الردع وقُهر الجيش الذي لا يقهر، وكررت “رايس” مستشارة الأمن القومي في إدارة “بوش” دعوة “إسرائيل” للصمود في عدوان 2006م.

التطبيع  والردع

تسلل “إسرائيل” لكثير من دول وأنظمة عربية في ظل التطبيع يحمل أبعاداً سياسية لتعزيز هيمنتها، ولعل إشراف شخصيات أمنية وعلى رأسها رئيس الموساد على تفاصيل اتفاقيات التطبيع يكشف اهتمام “إسرائيل” بالحضور الأمني في الخليج ودول التطبيع.

ويرى الخبير البطة، أن التطبيع الذي وافقت عليه أنظمة عربية، وترفضه الشعوب، يشكل مواقف غير حضارية لأنظمة هشة قد تبدي استعداداً لتمويل ودعم عدوان “إسرائيل” على جيرانها وصولاً إلى إيران.

ارتباط تعزيز قوة الردع بمشوار التطبيع ماثل بوضوح، فـ”إسرائيل” هي المستفيدة الوحيد من التطبيع على الصعيد الأمني والعسكري والاقتصادي، فهي من يخطط لإقامة قواعد أمنية وعسكرية في الخليج بجوار إيران، وهي من يسوّق منتجات بمليارات الدولارات للخليج لا العكس.

ويوضح الخبير شرقاوي أن مشوار التطبيع لن يدوم طويلاً، فهناك مشاكل متصاعدة في الخليج ورفض شعبي، وحصول “إسرائيل” على قواعد عسكرية تجاور إيران من الخليج قد تبطل أهميته الاستراتيجية صواريخ إيرانية تخطت الجغرافيا.

مربع الممانعة، وتزامن الجبهات، سيناريو تحسب له “إسرائيل” ألف حساب، فهي إن قررت إكمال مشهد الردع بقصف إيران، لن تقصف، حسب رؤية الخبير شرقاوي، إلا بعد تحييد واستهداف جبهة غزة وجنوب لبنان.

وفهماً لتفاصيل السياسة الإقليمية والمشهد الميداني في الإقليم، لن يكون قصف إيران نزهة للطائرات الإسرائيلية أو الأمريكية، فالجبهات والخصوم من حول “إسرائيل” لن يفضلوا المشاهدة الصامتة، والدبلوماسية في عهد “بايدن” ربما تميل لتهدئة الخواطر وتفكيك عقد الأزمات التي خلفها “ترمب”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح

رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...