الجمعة 21/يونيو/2024

انشقاقات وتمزق.. الأحزاب الإسرائيلية تتجهز لانتخابات رابعة

انشقاقات وتمزق.. الأحزاب الإسرائيلية تتجهز لانتخابات رابعة

على قاعدة رخوة ترقد الحياة السياسية الإسرائيلية وهي تتجهز لانتخابات برلمانية رابعة خلال أقل من عامين، وحده نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال حافظ على موقعه في قمرة القيادة متشبثاً بحصانته خوفاً من دخول قفص الاتهام بتهم الفساد.

وتعيش الأحزاب الإسرائيلية في الأسابيع الجارية سلسلة انقسامات خرج فيها أقطاب من أحزاب كبيرة، وأسسوا أحزاباً جديدة في محاولة للقفز عن معضلة بقاء “نتنياهو” فوق مقعد رئاسة الحكومة الإسرائيلية.

انقسامات الأحزاب الإسرائيلية تدلل على أزمة متراكمة بدأت تدور عجلتها تتجسد في تعاطي الاحتلال من أزمة وجود بدأت من عام 2000م وليس مع أزمات ما تفعله من قبل.

ويسعى نتنياهو للبقاء في رئاسة الحكومة مفتتاً تكتل الأحزاب السياسية من حوله لكتل وأحزاب صغيرة كي يبقى الليكود هو الحزب الأكبر في المشهد السياسي. 

وحسب آخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة “معاريف” العبرية، ارتفعت شعبية حزب الليكود، بحصوله على أعلى عدد مقاعد بالكنيست (32) مقعدا في الانتخابات القادمة. 

وبحسب نتائج الاستطلاع، الذي نشرت الصحيفة نتائجه، صباح اليوم الجمعة، في حال جرت الانتخابات العامة، سيحصل حزب الليكود برئاسة نتنياهو على 32 مقعدا بينما سجل حزب “تكفا حدشاه” 17 مقعدا، “يش عتيد” 14 مقعدا. 

أما حزب “يمينا” 12 مقعدا، القائمة العربية 11 مقعدا، “شاس” 8 مقاعد، “يهدوت هتوراة” 8 مقاعد، “يسرائيل بيتنا” 7 مقاعد، “ميرتس “6 مقاعد، “كحول لفان” 5 مقاعد. 

انقسامات حزبية

منذ تأسيس الكيان تشكلت حكوماته المتعاقبة من ائتلاف أحزاب سطع من بينها نجم حزب “العمل” ومطلع السبعينات ظهر حزب “الليكود” اليميني الذي استفاد في العقدين الماضيين من تحول المزاج الشعبي لجهة اليمين ليبقى المسيطر على سدة الحكم.
 
مؤخراً، انشق “ساعر” نائب “نتنياهو” عن حزب الليكود مؤسساً حزباً جديداً ولحق بع “يعلون” في انشقاق عن حزب “لبيد”، بينما بدأ الحديث عن عودة “باراك” للعودة إلى الحياة السياسية والترشح عن حزب “العمل”.

المضي نحو انتخابات رابعة وزيادة الانقسامات الحزبية لا يشير إلى خلافات في الأيدلوجيا بل اختلاف سببه فساد على رأسه “نتنياهو” المتشبث بالرئاسة.

ويؤكد سعيد زيداني، الخبير في الشئون الإسرائيلية، أن النظام السياسي الإسرائيلي يعيش أزمة بعد إجراء 3 انتخابات برلمانية خلال أقل من عامين، وأن المعضلة لا تزال تكمن في تشكيل الحكومة بسبب حضور “نتنياهو” المثقل بتهم الفساد والرشوة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام: “طالما بقي نتنياهو على رأس الحكومة هو من سيشكل الحكومة، وسيستمر المأزق، نتنياهو اجتهد في تقسيم الأحزاب المنافسة له، وجرّ تحالف أزرق-أبيض أكبر كتلة منافسة مخططاً لانهياره، وأضعف القائمة العربية المشتركة”.

انشقاق “ساعر” نائب “نتنياهو” والذي يعد متطرفاً أكثر من رئيسه، يؤكد أن الحكومة المقبلة لن تخرج عن طوع اليمين واليمين المتطرف، فـ”ساعر” منزعج من فساد “نتنياهو” ويسعى للإطاحة به بالخروج من “الليكود” لكن فرص نجاحه لا تؤيدها استطلاعات الرأي.

أما الانشقاقات التي تجري في أحزاب أخرى فهي إعادة تموضع، فـ”باراك” يقود منذ سنتين حملة لإسقاط نتنياهو “الذي يهدد مصالح إسرائيل الاستراتيجية”-كما يقول.

وعقب إعلان رئيس حزب “تيلم”، موشيه يعالون، عن انفصاله عن “يش عتيد” وخوضه الانتخابات لوحده قال “يعالون” في تغريدة على  صفحته في الفيسبوك، “إسرائيل في أسوأ أزمة قيادة عرفتها، من يترأس حكومتنا موجود في تضارب مصالح مع إسرائيل”.

ويمارس “نتنياهو” دور اللعب على التناقضات الحزبية بين الكتل والأحزاب من الوسط واليسار واليمين التي لم تنجح في توحيد ائتلاف يقصيه من الرئاسة في زمن غاب فيه الكبار المؤسسون لكيان الاحتلال عن المشهد.

ويقول محمود العجرمي المحلل السياسي، إن أزمة الانتخابات في إسرائيل ترتبط بوصول كيان الاحتلال لجدار المستحيل وسط صمود قوى المقاومة حول الكيان، ورفض الشعوب العربية للتطبيع رغم موافقة كثير من الأنظمة عليه.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أي عمل حربي هو عمل سياسي ساخن، والاحتلال يعيش تآكل في قوة الردع وفشل في ترميمها، تفتت الأحزاب مقدمة لمستقبل تنازلات سياسية، فالدول التي تخشى من خطر خارجي مثل خشيتهم من إيران تصنع تحالفات ولا تنقسم”.

تراجع عميق

تتصدر انقسامات الأحزاب الإسرائيلية مشهد السياسة في الكيان، لكن جذور الأزمة نمت منذ عقدين ليس على المستوى الحزبي فقط؛ بل في “أيدلوجيا” الصهيونية التي اعتمدت الاستيطان وفق نظرية “إسرائيل” من النيل إلى الفرات.

ويشير المحلل العجرمي إلى محطات أضعفت الحياة السياسة الإسرائيلية، أهمها، انسحابه من جنوب لبنان عام 2000م وغزة 2005م وحروب غزة ولبنان 2006-2014م وعجزهم عن استعادة جنود أسرى لدى المقاومة.

بقاء كيان الاحتلال كجسم غريب رافقه مقاومة من حوله نشطت وفق نهج حركات التحرر التي اعتمدت تراكمية في صراع الإرادة وتحول في الوعي شهدت سقوط قيادات إسرائيلية وانقسامات وبقيت هي تقاوم.

ويضيف العجرمي: “أزمة الاحتلال الحزبية مرتبطة بمحطات الانسحاب والفشل في غزة ولبنان، ثم سقوط أولمرت، ودخوله السجن بعد حرب 2008م وسقوط باراك 2012م وفشل ليبرمان 2014م وفشل وحدة نخبته بغزة في عملية 2018 وهناك الكثير..”.

القول إن “إسرائيل” قد تصبح مستقبلاً دولة فاشلة يؤديه تعبير لهنري كسنجر الذي قال عام 2012م لن تعيش أكثر من 10 سنوات وهذا كلام خطير من سياسي ودبلوماسي مخضرم.

نتنياهو وترمب

الحقبة الترامبية شهدت شهر عسل مستمر بين “نتنياهو وترمب” منحه فيها الهدايا السياسية بتشريع الاستيطان وصكوك التطبيع وفق صفقة القرن؛ لكن كل ما جرى لن يشفع لترمب الذي ختم حقبته بفوضى اقتحام الكونجرس.

وكان زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، أفيغدور ليبرمان، صرح إنه في حال خسارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الانتخابات المقبلة، فإنه سيفعل أسوأ مما جرى في الولايات المتحدة الأمريكية من اقتحام للكونغرس.

ويقول محمد مصلح، الخبير في الشئون الإسرائيلية، إن نزول أنصار نتنياهو إلى الشارع حال فشله، أمر غير قريب للواقع وغير مألوف في المجتمع السياسي الإسرائيلي، لكن وزير الأمن أخذه على محمل الجدّ.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أي زعيم يثير فوضى بعد خسارته في إسرائيل يحرق نفسه، نتنياهو غالباً سيختفي، وما يهمه فقط الحصانة، وحتى الآن لم يتمكن حزب غيره من تشكيل حكومة”.

رحيل “ترمب” عن المشهد السياسي قد يرافقه رحيل صديقه “نتنياهو” حيث ترك الاثنان إرثا من الفساد والجدل.

ويؤكد أحمد رفيق عوض المحلل السياسي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن القرار السياسي في “إسرائيل” ينبع من مؤسسات كبيرة “أمنية-سياسية-عسكرية” وأن الحالة الأمريكية المنقسمة لجمهوري وديمقراطي تختلف عن “إسرائيل” متعددة الأحزاب والتوجهات السياسية.

التركيبية الطائفية والديمغرافية والنظام السياسي في “إسرائيل” مليء بالأشواك، ولعل انقسامات الأحزاب السياسية قرب الانتخابات الرابعة دليل على تعددية غير صحية في الحياة السياسية التي قبلت أن يقودها أطول رئيس حكومة في تاريخها، ومتهم بالفساد والرشوة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مسؤولة أممية: ما رأيته في غزة يفوق الوصف

مسؤولة أممية: ما رأيته في غزة يفوق الوصف

جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الممثلة الخاصة لمكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، ماريس غيموند، الجمعة، إن 9 أشهر من الحرب الإسرائيلية...