الأربعاء 26/يونيو/2024

بيت دجن.. صمود إسطوري في وجه حملات الاقتلاع الإسرائيلية

بيت دجن.. صمود إسطوري في وجه حملات الاقتلاع الإسرائيلية

التاريخ والجغرافيا في فلسطين تقاومان الغريب الإسرائيلي، فكل شيء هنا يدلل على فلسطينية الأرض وقدسيتها، وأن لا مكان للإسرائيلي.

المركز الفلسطيني للإعلام” يتحدث في هذا التقرير الخاص عن قرية بيت دجن شرقي مدينة نابلس، وما تتعرض له من حملات تهويد، وما يقابل تلك الحملات من صمود إسطوري.

تقع القرية على بعد 10.74 كيلو متر من مركز مدينة نابلس، وترتفع 530 مترًا فوق سطح البحر، وتبلغ مساحتها بحسب رئيس المجلس القروي عبد الرحمن حنيني 48 ألف دونم، ويبلغ عدد سكانها 4500 نسمة.

نبذة تاريخية 

سميت بهذا الاسم نسبة إلى معبود كنعاني كان يعبد في العراق ويسمى “داجون”، وتعني بالسريانية “بيت القمح”.

وسميت بذلك بسبب شهرتها في زراعة القمح، ويعود تاريخ إنشاء التجمع الحالي إلى العهد الروماني، فيما تعود أصول سكان بيت دجن إلى داعل في سوريا، وبيت حنينا في القدس. 

كما يوجد في القرية مجموعة من الأماكن الأثرية مثل: خربة عرفان الصقور، وخربة روس الديار، لكنها غير مؤهلة سياحيًّا، وفقًا لما ورد في دليل قرية بيت دجن، الصادر عن معهد الأبحاث التطبيقية “أريج”.

الوضع الجيوسياسي

 
بالعودة إلى اتفاقية أوسلو الثانية المؤقتة والموقعة في 28-9-1995 بين منظمة التحرير و”إسرائيل” فقد قُسّمت أراضي القرية إلى مناطق (ب) و(ج)، وصُنفت غالبية أراضي القرية ضمن مناطق (ج)، وهي المناطق التي تخضع لسيطرة سلطات الاحتلال بالكامل أمنيًّا وإداريًّا، إذ يمنع المواطن الفلسطيني من البناء فيها أو الاستفادة منها إلا من خلال تصاريح من “الإدارة المدنية الإسرائيلية”.

ومعظم هذه الأراضي مناطق مفتوحة، وأراضٍ زراعية، ومستوطنات، وقواعد عسكرية لجيش الاحتلال.

يشار إلى أن غالبية سكان القرية يقطنون في المناطق المصنفة (ب)، وهي المناطق التي تخضع إداريًّا للسلطة الفلسطينية، لكن “إسرائيل” تسيطر فيها على الأمور الأمنية سيطرة كاملة. 

ممارسات الاحتلال

صادر الاحتلال آلاف الدونمات من أراضي القرية لإقامة المستوطنات والقواعد العسكرية، وإنشاء الطرق الالتفافية لخدمة المستوطنات.

وفي حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“؛ قال رئيس المجلس القروي عبد الرحمن حنيني: إن سلطات الاحتلال صادرت ما يزيد عن 20 ألف دونم من الأراضي، كما تعد معظم الأراضي الشرقية منطقة عسكرية إسرائيلية، ويمنع الفلسطينيون من دخولها، إذ تخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية. 

وأقامت سلطات الاحتلال مستوطنتي “حمرا” و”ميخورا”، في محيط القرية، وتقع مستوطنة “حمرا” في الجهة الشرقية للقرية، والتي تأسست عام 1971، ومعظمها مبني على أراضي قرية فروش بيت دجن المجاورة.

أما مستوطنة “ميخورا” فتقع جنوب شرقي القرية، وتأسست عام 1973، ومعظمها مبني على أراضي قريتي بيت فرويك والجفتلك المجاورتين، كما أقامت سلطات الاحتلال قاعدة عسكرية على ما مساحته 54 دونمًا في الجهة الشرقية للقرية.

الحواجز العسكرية

 
أقام الاحتلال حاجزًا عسكريًّا على مدخل القرية، وذلك بعد اندلاع انتفاضة الأقصى 2000، وهو عبارة عن بوابة حديدية ومكعبات إسمنتية وسواتر ترابية، واستمر إغلاق الشارع المؤدي لمدينة نابلس حتى عام 2013، ثم أعيد فتحه في حينها بقرار صادر عن “محكمة العدل العليا الإسرائيلية”.

لكن سلطات الاحتلال عادت وأغلقت مدخل القرية في شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2015، ونصبت كاميرات مراقبة عسكرية، بهدف مراقبة حركة تنقل الفلسطينيين، ولا يزال المدخل مغلقًا حتى يومنا هذا.

وعن ذلك يقول حنيني: بات لزامًا على أهالي القرية السير باتجاه قرية بيت فوريك المجاورة قبل التوجه إلى مدينة نابلس أو التجمعات السكنية المجاورة، وهو ما يزيد من أعباء التنقل على أهالي القرية، كما يزيد المسافة المقطوعة بنحو 4 كيلو متر.

وأشار إلى أن سلطات الاحتلال ترفض أن يسلك أهالي القرية ما مسافته حوالي الكيلو ونصف من طريق التفافي مستوطنة “ألون موريه” للوصول لمدينة نابلس، بدعوى أن هذه الطريق طريق عسكرية تابعة لجيش الاحتلال. 

ويضيف حنيني أن سلطات الاحتلال تغلق الطريق الترابية المؤدية لقرية فروش بيت دجن ببوابة حديدية مغلقة دائما، بسبب وجود مستوطنة “ماخورا” في تلك المنطقة، وهو ما يعيق وصول أهالي القرية إلى أراضيهم في الفروش، ويجبرهم على قطع مسافات طويلة جدًّا من خلال المرور بالقرى المجاورة الأخرى قبل الوصول لأراضيهم في الفروش.

كما أقامت سلطات الاحتلال على مفرق قرية بيت فوريك حاجزًا عسكريًّا دائمًا وبرج مراقبة، وذلك على الطريق الاستيطاني المؤدي لمستوطنة “ألون موريه”.

ولهذه الحواجز أثر سلبي على حياة الفلسطينيين، إذ تعيق حرية التنقل، وتمنع التواصل بين مدينة نابلس والقرى المجاورة، وكذلك بين هذه القرى وأراضيها الزراعية، مما يكبد المواطنين خسائر مادية ومعنوية كبيرة، ويزيد العبء الاقتصادي عليهم.

الطرق الالتفافية الإسرائيلية

أنشأ الاحتلال العديد من الطرق الالتفافية والتي تمتد على آلاف الكيلومترات من شمال الضفة إلى جنوبها، ملتهمة آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية وغير الزراعية، بهدف ربط المستوطنات ببعضها البعض، وتقطيع أوصال القرى والمدن الفلسطينية، وتعزيز السيطرة الأمنية عليها.

وعلى أراضي قرية بيت دجن، وإلى الجهة الشرقية منها، صادرت سلطات الاحتلال المزيد من أراضي القرية لشق طريقين التفافيين، أحدهما طريق عسكري يربط معسكرًا لجيش الاحتلال يقع شرقي القرية بمستوطنة “ميخورا”، والثاني طريق استيطاني رقم 508 لربط مستوطنة “ميخورا” بمستوطنة “الحمرا” وتلتهم هذه الطرق ما يقرب من 4 كيلومتر من أراضي قرية بيت دجن. 

الأوامر العسكرية الإسرائيلية

 
أصدر الاحتلال سلسلة من الأوامر العسكرية بهدف مصادرة الأراضي، وإخطارات الهدم ووقف البناء، وبحسب رئيس المجلس القروي عبد الرحمن حنيني أصدر الاحتلال مؤخرًا ما بين 40 إلى 50 إخطار هدم لمنازل سكنية وزراعية، بدعوى أنها تقع في المنطقة (ج).

الاعتداءات الأخيرة على القرية

 
مؤخرًا أقدم مستوطنون على إقامة بؤرة استيطانية في المنطقة الشمالية الشرقية للقرية، وهي المنطقة المطلة علي الأغوار، فقد نصبوا نحو خمسة بيوت متنقلة، وحظيرة أبقار ومواشي.

وأوضح حنيني لـ”المركز” أن المستوطنين استغلوا حالة الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا، وجرفوا الأراضي وشقوا الطرق في الليل خلسة، بطول عدة كيلومترات، ما أدى إلى مصادرة مئات الدونمات من أراضي القرية،  ثم أقدموا على إقامة البؤرة الاستيطانية، كما مددوا خطوط مياه من مستوطنة “ألون موريه” القريبة لتزويد البؤرة الاستيطانية الجديدة بالمياه.

وأكد أن المجلس القروي توجه إلى الصليب الأحمر بهذا الشأن، كما رفع أصحاب الأراضي دعاوى قضائية من أجل استعادة أراضيهم المصادرة.

وشدد حنيني أن ما يجري لا يمكن أن يكون بمحض الصدفة، وإنما يأتي في سياق عملية الضم، فهناك ضم حقيقي لآلاف الدونمات من أراضي القرية لصالح المستوطنات القائمة، أو التي يمكن أن تقام في الفترة المقبلة.

وذكر حنيني أن بيت دجن فقدت في الماضي آلاف الدونمات الزراعية في منطقة الأغوار وفي الجبال القريبة من مستوطنة “الحمرا”.

وتشهد المنطقة الشمالية الشرقية لقرية بيت دجن فعاليات أسبوعية مناهضة للاستيطان، لكن جيش الاحتلال لا يدخر جهدًا في قمعها، فقد صادرت قوات الاحتلال خيمة الاعتصام التي أقامها أهالي القرية في المنطقة رفضًا للمشاريع الاستيطانية المقامة على أراضيهم، والتي كان يبيت فيها عدد من النشطاء.

كما منعت قوات الاحتلال أهلي القرية من حراثة أراضيهم الواقعة في المنطقة الشمالية الشرقية، واعتدت على عدد من المواطنين، وأطلقت الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى لإصابة عدد من المواطنين بالاختناق جراء استنشاقهم للغاز السام.

من جانبه، قال مسؤول ملف الاستيطان شمالي الضفة غسان دغلس، إن سلطات الاحتلال تحاول استغلال الظرف الراهن وما تبقى من الفترة الرئاسية لدونالد ترمب، وما يجري من اتفاقات تطبيع مع عدد من الدول العربية، والانقسام الفلسطيني الداخلي، من أجل إنشاء البؤر الاستيطانية وضم الأراضي الفلسطينية في مناطق مختلفة من الضفة مثل بيت دجن ومنطقة الأغوار وغيرها من المناطق.

وبين لمراسلنا أن المستوطنين أقدموا على إقامة بؤر استيطانية، أزيلت لاحقَا بفعل صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني في أكثر من مرة مثل: عصيرة الشمالية مرتين، وبيتا ودير شرف مرة، وجبل صبيح ثلاث مرات، ومنطقة جالود ويانون والساوية ويتما وغيرها من المناطق، إذ تحاول سلطات الاحتلال والمستوطنون السيطرة على الأراضي الفلسطينية وملء الفراغ أينما وجد، بغض النظر عن المكان الجغرافي للمنطقة التي يحاولون السيطرة عليها.

وبالعودة للحديث عن بيت دجن، أكد دغلس أن سلطات الاحتلال تستهدف بيت دجن وكل المناطق القريبة من الأغوار.

وأوضح أن سلطات الاحتلال أقدمت على تجريف وشق طرق من مشارف مستوطنتي “ميخورا”  و”الحمرا” وصولًا إلى بيت دجن، بهدف خدمة وتسهيل حركة تنقل المستوطنون وقوات الاحتلال.

وحذر دغلس من الاتجاه نحو إنشاء بؤر استيطانية جديدة في المنطقة، والاستيلاء على مزيد من أراضي المواطنين.

وفيما يخص إغلاق مدخل قرية بيت دجن ومنعهم من المرور عبر الطريق الالتفافي الخاص بمستوطنة “ألون موريه” من أجل الوصول لمدينة نابلس والقرى المجاورة؛ أكد دغلس أن سلطات الاحتلال تحاول تفريغ الطرق لصالح المستوطنين، وتمارس سياسة الفصل العنصري، وأن ذلك ينطبق على عديد القرى الفلسطينية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال ينفذ 21 عملية هدم في الضفة والقدس

الاحتلال ينفذ 21 عملية هدم في الضفة والقدس

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامنفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، 21 عملية هدم في الضفة الغربية والقدس المحتلة، إلى جانب منزل...