الثلاثاء 06/مايو/2025

الركن الشديد تطرد دبابات الاحتلال من تل قطيف

الركن الشديد تطرد دبابات الاحتلال من تل قطيف

جلد الذاكرة سميك بمقدار أعاد فيه قادة المقاومة فوق رمال محررة “تل قطيف” وسط قطاع غزة، شريط العمر لخمسة عشر عاما مضت حين طردوا الجيش “الإسرائيلي” من المستوطنة المحاذية لساحل دير البلح.

انفجارات عنيفة تهزّ محررة “تل قطيف” وصوت إطلاق نار وقذائف مضادة للدروع تسمع في المكان ورائحة بارود محمولة فوق غيمة من الدخان ضمن تدريب بالذخيرة الحية في مناورة “الركن الشديد” التي أطلقتها الغرفة المشتركة في قطاع غزة.

بعيداً عن عدسات الكاميرات ووسائل الإعلام أجرت فصائل المقاومة المسلحة في قطاع غزة مناورة عسكرية دفاعية في “تل قطيف” تحاكي التصدّي لرتل من الدبابات الإسرائيلية، وأسر عدد من الجنود على يد المقاومة، والدفاع عن منطقة سكنية هاجمها جنود الاحتلال.


جانب من مناورة الركن الشديد بغزة

قبل عام 2005م لم تخالط قدم مزارع أو مواطن فلسطيني رمال محررة “تل قطيف” جنوب غرب دير البلح التي حولت المقاومة جزءًا منها لموقع تدريب ميداني كرر الاحتلال قصفه 2005-2020م عشرات المرات بقذائف الطائرات.

في أرجاء المكان لا تزال نبتة بريّة ناعمة الملمس قادرة على الصمود والإنبات من جديد. هي نبتة “القطيف” التي أغرت سكان المنطقة من عشرات السنين بتسمية تلال الكثبان المرتفعة باسمها التاريخي.


null

التصدي للدبابات
فوق سطر طويل من المقاعد البلاستيكية جلس قادة الأجنحة العسكرية متمنطقين بالمسدسات والبزات المرقطة وقد غزا الشيب رؤوسهم لمتابعة تدريب بالذخيرة الحية يجريه مقاتلون كانوا في مثل عمرهم قبل 20 عاما وهم يهاجمون مواقع الاحتلال بقذائف الهاون أو يقصون أسلاك المستوطنة من الجهة الجنوبية.

أكثر من 70 مقاتلا من أجنحة المقاومة العسكرية انتشروا في ساحتين للميدان نصفهم تصدّى لرتل من الدبابات تقدمت لأحد مناطق قطاع غزة، وآخرون انشغلوا بمواجهة العدو الذي هاجم منطقة سكنية.


ضابط جهاز الإشارة كرر توجيهات عسكرية من هاتف سلكي متصل بصندوق ثقيل حمله زميل له رافق جولته طوال ساعة من النشاط العسكري في الميدان.

أكملت عقارب الساعة دورتها عند الثانية عشرة ظهراً قبل وقوع أول انفجار سببه قذيفة دبابة تلاه صوت إطلاق نار غزير قبل ظهور مقاتلين ببزات عسكرية يزحفون على الأرض محاولين الاقتراب من الدبابة.


الرفاق في الجوار يشدون الحزام متقدمين من الجهة الجنوبية قبل تكرار انفجارات ناجمة عن قذائف مضادة للدروع ثم اشتباك مسلح بنيران متوسطة وخفيفة وانفجار أشد عنفاً أثار سحابة دخان بيضاء كثيفة.

سطر القادة المراقب للمشهد ابتسم بتزامن وبعضهم تحسس المسدس على الخاصرة وهم يشاهدون مقاتلًا جيد التدريب يتسلق دبابة ويفجر عبوة ناسفة قبل صدور صيحات وأسر أحد الجنود.



سحب ضابط الإشارة سلك الهاتف المثبت على صندوق زميله وكرر صيحات التكبير قبيل انتهاء العملية وانسحاب المقاتلين من الميدان وفق الخطة المتفق عليها.

انتهى المشهد قبل التواء الأعناق للشطر الشمالي من الموقع العسكري، هناك جرى الجزء الثاني من المناورة الذي حاكي توغل جنود الاحتلال في حي سكني وتصدي مقاومين لهم من أمام الجدران وخلفها.

سياحة ومقاومة
الإطلالة من “تل قطيف” سياحية بامتياز لكن خلخلة عنيفة تحدثها انفجارات العبوات الناسفة تخترق نظرة التأمل مؤكدةً أن الكثبان الرملية تشهد نشاطاً عسكرياً يعانق فيه الرصاص رمال التل.

يتميز التل بارتفاعه عن سطح البحر، ومن فوق الكثبان الرملية بالإمكان مشاهدة الطرادات الإسرائيلية والبواخر التي تعبر المياه وقد ضمّت أحشاؤه الرملية آثارًا سرقها “موشي ديان” وزير حرب الكيان من موقع التل الأثري الذي لم تُلجم شهوته لسرقة التاريخ طوال احتلاله لغزة.


null

تأسست مستوطنة “تل قطيف” عام 1992 كمستوطنة زراعية دون موافقة حكومية، وتبلغ مساحتها 500 دونم، زرعها الاحتلال بأنواع عديدة من الخضراوات، وشهدت كثيرًا من عمليات المقاومة النوعية وقصف بقذائف الهاون منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000م.

تدور جلبة وصيحات قتال خلف جدران منازل فلسطينية يسمع عقبها صوت إطلاق نار كثيف ومتبادل. لحظات ويتكرر المشهد لكن هذه المرة مع إلقاء قنابل يدوية وعبوات ناسفة شدّتها تخلع القلب.

بعد 5 دقائق من الاشتباك ينجح رجال المقاومة في صد عدوان الاحتلال على الحي السكني، وتقوى مع آخر رصاصة عضلات وجوه الحضور على الابتسام مجدداً؛ فرحاً بسير الأمور وفق التدريب المعد سلفاً.


يكرر ضابط الإشارة صيحة النصر من قيادة الميدان لجميع المقاتلين في الميدان، ويلتئم عقد المشاركين في الميدان تارةً أخرى أسفل التل مكبرين بانتهاء العمل قبل التقاط الصور.

يوزع الرضا ملامحه على قادة الأجنحة العسكرية الذين انشغلوا بمقابلة مقاتليهم المشاركين في المناورة وتفقّد العدة والعتاد، ويكشف التأمل هويات وجوه مموهة بالألوان الداكنة عادت للتوّ من ميدان المناورة قبل تبادل المزاح.


مناورة مشتركة
وتتزاحم على شفاه المقاتلين والقادة العسكريين بعد انتهاء المناورة ذكريات معركة الفرقان عام 2009م، والتي أجرى فيها جيش الاحتلال عملية بريّة اقتحم فيها حدود قطاع غزة في مثل هذه الأيام.

ويقول أبو الحسن الشيشنية، الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية الذي حضر المناورة: إن العمل العسكري المشترك في مناورة “الركن الشديد” نتاج سنوات طويلة من الإعداد وفق برنامج إستراتيجي موحد وتكتيك مستمر للمقاومة يحمل مفاجآت إن حاول الاحتلال اقتحام غزة.

ويضيف: “اليوم تترجم المقاومة وحدتها في الميدان بإعداد وتسليح نوعيّ عكس تطورها من عام 2008-2020م ضمن عمل موحد ومشترك”.


ويؤكد قائد أحد الحالات العسكرية المشاركة في المناورة، والذي أخفت قبعته جزءًا من وجهه، وأكمل منظاره الطبّي إخفاء الباقي: إن المناورة تؤكد جاهزية المقاومة لرد أي عدوان من الاحتلال.

في الجوار، حديث بين اثنين من قادة الفصائل المسلحة كشف فيه أولهما أن تنفيذ المناورة عكس نجاح ساعات طويلة من التدريب من وحدات متخصصة، وتجاذب زميله معه الحديث مشدداً أن العمل المقاوم المشترك بدأ عام 2000م، وتعزز بعد انسحاب الاحتلال 2005م، وتطور في عام 2020م.


null

ولم تكد تمر لحظات على انتهاء مناورة “الركن الشديد” في الموقع العسكري حتى أفرغ الميدان حمولته من الحضور، وامتد سطر طويل من المركبات العسكرية والمدنية مغادراً لمتابعة الجزء الثاني من المناورة في محررة “القسطل” شرق دير البلح.


null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...

الاحتلال يُمدد اعتقال 58 أسيرا إداريا

الاحتلال يُمدد اعتقال 58 أسيرا إداريا

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين وجمعية "نادي الأسير الفلسطيني"، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت 58 أمر...