مناورات الركن الشديد.. أي رسائل تبعثها المقاومة الفلسطينية؟!

كل شيء في شهر كانون ثاني يمضي ببرودة سوى احتمال اندلاع عدوان إسرائيلي على قطاع غزة يبدو الآن أكثر سخونة من أي وقت مضى. 

إعلان الغرفة المشتركة للمقاومة في غزة عن إجراء مناورة عسكرية مشتركة بين فصائل المقاومة أسمتها “الركن الشديد” تعدّ الأولى من نوعها وتحمل رسالة “جاهزون” لرد العدوان.

وكانت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة أعلنت أمس أنها ترتب لتنظيم مناورات عسكرية مشتركة هي الأولى من نوعها بعنوان “الركن الشديد”. 

ولا يمكن فصل توقيت ودلالة مناورة المقاومة بغزة عن تهديدات الاحتلال المتلاحقة لمربع المقاومة عامةً وجبهة غزة؛ خاصّة في وقت تحاول فيه “إسرائيل” تصفية القضية ملوحةً بعصا العدوان. 

وذكر بيان الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة، أن المناورة تأتي في إطار تعزيز التعاون والعمل المشترك، ورفع استعدادها للقتال دائما وفي كل وقت. 

تطور ميداني

 
لم يهدأ هدير الدبابات، ولم ينقطع صوت الرصاص على حدود قطاع غزة أو جبهة جنوب لبنان عام 2020؛ وجيش الاحتلال ينهي مناورة عسكرية ويدخل في أخرى. 

وكثف الجيش الإسرائيلي عقب عدوان 2014 من تدريباته ومناوراته العسكرية على حدود غزة،، وأجرى مناورات عام 2020 تحاكي احتلال مدن وقرى والتعرّض لقذائف الهاون وعمليات أنفاق. 

قبل 3 سنوات أعلنت فصائل المقاومة عن تأسيس الغرفة المشتركة التي قادت جولات الرد على قصف وتصعيد للاحتلال في تطوّر وحدوي لأداء المقاومة الميداني.

ويؤكد هشام المغاري، الخبير في الشئون الأمنية، أن عقد مناورة عسكرية مشتركة بين فصائل المقاومة يعد تطوّرا جديدا لأداء غرفة العمليات المشتركة. 

ويضيف المغاري لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “منذ 3 سنوات عملت الغرفة خلف الكواليس، لكن الإعلان الآن معناه الخروج للعمل العلني المؤسساتي والتنظيمي بشكل أفضل”.

وجسدت غرفة العمليات المشتركة منذ تأسيسها مظلة جامعة وإطارا عاما لفصائل المقاومة حوّل مسار عملها، ما أدى إلى توجهات موحّدة في جولات التصعيد المتكررة.

ويقول اللواء يوسف شرقاوي المحلل العسكري لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إن المناورة من جهة عسكرية عادةً تحمل رسائل للعدو “نحن ما زلنا أقوياء”، وتؤكد على مدى الجاهزية للدفاع ضد أي عدوان.

مواصلة الأداء المقاوم وفق معادلة “مقاومة غير مردوعة” أكثر ما تحرص عليه مقاومة غزة، حسب رؤية المحلل شرقاوي لتثبت للاحتلال أنها قادرة على صد هجماته، بل والمبادرة إن لزم الأمر.

وتعدّ المناورة في العمل العسكري جزءا من تجديد الذات، وهي في حالة الصراع مع “إسرائيل” تجدد جاهزيتها وفق تفسير المحلل شرقاوي أمام احتلال اعتاد الغطرسة ويتقدم وسط معسكر عربي انهار جزء منه في التطبيع.

توقيت وجبهات

تطبق “إسرائيل” مقولة الرئيس الأمريكي السابق “روزفلت” الشهيرة “تكلم برفق ولكن احمل عصا غليظة”،، وهي أمام تقدّم ملف التطبيع العربي لصالحها، ترفع من جاهزيتها العسكرية لتحييد مقاومة غزة عن أي دعم أو ظهير حولها.

ويعدّ المحلل المغاري الإعلان عن مناورة مشتركة للمرة الأولى خطوةً متقدمة تحمل دلالة مستقبلية يزيد فيها التعاون سواء على صعيد العمل المشترك أو الإعلان عن تبني أعمال تبنيًا مشتركا في مقارعة الاحتلال.

توقيت الإعلان عن مناورة مشتركة، في ظل استمرار مناورات الاحتلال على جبهات غزة ولبنان، مرتبط بتناغم لا يمكن فصله عن احتدام الصراع بين إسرائيل وإيران.

ويتابع المحلل المغاري: “الفصائل تقول للاحتلال سنعمل بطريقة مختلفة عما سبق، العدو لديه فهم استخباري ومعلومات عن أداء كل فصيل، لكنه قد يرى في العمل المشترك أداءً مختلفا”.

تمرّست المقاومة في صراع الأدمغة مع الاحتلال بقوة اعترف فيه الاحتلال الذي كانت طائراته ومدفعيته تقصف بشكل أعمى في عدوان 2014م وهو ما يجبره على تكثيف عمله الاستخباري وتجديد بنك أهداف غزة.

ويشير المحلل المغاري إلى أن المقاومة بلا شك تحتفظ بمفاجآت وأسرار للميدان، وأن العمل المشترك يلفّ أداءها الميداني بالغموض خلال جولات التصعيد.

ووفق نظرية “الأواني المستطرقة” يقرأ المحلل شرقاوي حالة التناغم بين تطورات الميدان على حدود غزة ولبنان وسوريا، وربما إيران من بعد.

ويضيف شرقاوي: “مناورات إسرائيل موجهة لجبهتها الداخلية، أما مناورات المقاومة عامةً أينما وجدت الآن مرتبطةً أساساً بتطورات حول مربع المقاومة في المنطقة والمرحلة التي تتعرض فيها القضية للتصفية، وربما تصعيد مع إيران”.

ورغم تطور الاحتلال التقني والعسكري؛ إلا أن عمله الاستخباري وحاجته للعنصر البشري على الأرض يعيش ضعفاً أمام تقدّم المقاومة للعمل وفق  تطور مشترك.

ويقول المحلل شرقاوي، إن الاحتلال لا يعرف كل شيء رغم تقدمهن وإلا لنفذ عملية نوعية لاستعادة جنوده، وتوسيع دائرة العمل المشترك لدى المقاومة لابد أن يراعي طبيعة المهمة للحفاظ على أمنها.