عام 2021.. هل تكون المصالحة في الثلاجة مجددا؟!

يذوي وهج المصالحة الفلسطينية مبشّراً بإطالة عمر الانقسام في سياق تعثّر عجلة الحوار بين فتح وحماس وتغيرات متراكمة في السياسة الإقليمية من حول القضية الفلسطينية وكيان الاحتلال.
عودةً على بدء تدير السلطة الفلسطينية ظهرها لسلسلة حوارات مكثفة عن المصالحة والانتخابات والمرجعيات الوطنية عقدت عام 2020م في بيروت ورام الله واسطنبول والقاهرة عقب فوز “جو بايدن” برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية أملاً في استئناف المفاوضات.
حالة التفاؤل التي ظللت المشهد الفلسطيني طوال عام مضى مارست فيه إدارة “ترمب” دعماً مطلقاً للاحتلال، وأشرفت على اتفاقيات تطبيع مع أنظمة عربية تنهار خلال أسابيع من الترقب السياسي لأزمات الاحتلال وعودة الديمقراطيين لإدارة البيت الأبيض.
وظهر جليّاً الحديث عن انتخابات تشريعية ورئاسية مقدمة على انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني لم تكن سوى تكتيك من السلطة الفلسطينية للتلويح بأوراق تخدم إستراتيجية التسوية التي تؤمن بها، ولم تجلب سوى مزيد من الهزائم لقضية فلسطين.
لقاءات مكثفة
للمرة الأولى منذ 14 عاماً من عمر الانقسام تقوى عضلات وجوه الفلسطينيين على الابتسام تفاؤلاً بدوران عجلة المصالحة للأمام لكن ما ذكرته البيانات الصحفية لختام الحوارات يكذبه الواقع السياسي والميداني الفلسطيني.
ويعدّ اجتماع الأمناء العامّين في “بيروت ورام الله” ولقاء حماس وفتح في اسطنبول وجولات الحوار في القاهرة والضفة وغزة من أهم محطات الحوار الفلسطيني خلال عام 2020م التي ذُكر فيها الكثير المبهج ولم تر النور بعد.
ويؤكد محمود العجرمي -المحلل السياسي- أن حركة فتح ورئاسة السلطة تواصل التصرّف منفردةً في علاقتها مع فصائل المقاومة لفرض رؤيتها السياسية، وأن الفصائل الفلسطينية لم تنجح في وقف سياستها.
ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لقاءات عام 2020م كانت تكتيكات من فتح لاستثمار ورقة حضور الفصائل للضغط خدمة لأهدافها الإستراتيجية التي تعتمد التفاوض والتنسيق الأمني والاعتراف بإسرائيل وكافة مخرجات اتفاق أوسلو”.
سنةً بعد سنة يطول عمر الانقسام، وتستمر الحوارات حول المصالحة وإعادة إحياء المرجعيات الوطنية ضمن قافلة طويلة بدأت عام 2005م-2020م في عواصم عربية وإسلامية دون أن تثمر شيئاً.
ويقول مصطفى الصواف -المحلل السياسي-: إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس استخدم جولات الحوار طوال عام 2020م لاستهلاك الوقت حتى تظهر نتائج الانتخابات الأمريكية.
ويتابع لـ“المركز الفلسطيني للإعلام“: “عندما فاز بايدن أدارت السلطة ظهرها للكل الفلسطيني، وأعادت العلاقة مع الاحتلال علناً ضاربةً عرض الحائط بكل ما جرى الحوار حوله”.
ملف الانتخابات
الحديث عن ضرورة عقد الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني كان واضحاً في حديث رئاسة السلطة ورؤية حركة فتح خاصةً في لقاء الأمناء العامّين وحوارات اسطنبول قبل أشهر.
الاتفاق على عقد انتخابات متزامنة أو بآلية متقاربة للأجسام الوطنية الفلسطينية سواء “المجلس الوطني الفلسطيني” و”المجلس التشريعي والرئاسة” محل اتفاق جميع الفصائل، لكن السلطة تريد تقديم انتخابات التشريعي إرضاءً للداعمين من أمريكا وأوروبا ولطرد من يخالفها الرؤية من أهم مؤسسة قانونية فلسطينية.
ويرى المحلل العجرمي أن إجراء انتخابات للمجلس التشريعي سيشهد سلسلة معيقات إدارية وسياسية تتعلق بحرية الحركة والتنقل في الضفة، والأولوية هي لانتخابات المجلس الوطني المظلة الجامعة للفلسطينيين في الداخل والخارج قبل التشريعي.
وتلوي رئاسة السلطة الفلسطينية عنقها حائرة أمام ضغوط أوروبية وأمريكية حول تجديد شرعية مؤسساتها التي فازت حماس فيها بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي عام 2006م، والذي حلّته رئاسة السلطة بقرار مخالف للقانون.
ويشير المحلل الصواف أن جولة الحوار الأخيرة من عام 2020م تحدثت عن انتخابات للمجلس التشريعي فقط، وأن فتح لم تدفع باتجاه انتخابات المجلس الوطني وإحياء منظمة التحرير لتأسيس شراكة سياسية حقيقية.
استئناف التسوية
ويزهر ربيع التسوية في عيون السلطة الفلسطينية مع عودة الديمقراطيين لإدارة البيت الأبيض، لكن واقع وتاريخ التسوية يثبت أن ما جلبته إدارة الديمقراطيين لم يكن أفضل حالاً من الجمهوريين وعلى رأسهم “ترمب”.
ويقول المحلل العجرمي: إن عمل السلطة الفلسطينية ورئاسة فتح في حالة التقارب مع الفصائل الفلسطينية عام 2020م كان خطوة تكتيكية لمواجهة مشروع صفقة القرن وخاصّةً خطة الضم (السلب) التي حظيت برفض الكل الفلسطيني.
سجلّ الديمقراطيين أسوأ حالاً؛ فقرار نقل السفارة للقدس اتخذ عام 1996م في إدارة “كلينتون”، ونفذه إدارياً فقط “ترمب”، في حين عززت سياسة الديمقراطيين واقع الاحتلال.
ويضيف المحلل العجرمي: “تاريخياً أمريكا في كل إدارات الديمقراطيين كانت حتى فترة الثمانينيات في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة تعدّ المستوطنات غير قانونية، ثم انتقلت لمربع دعم الاستيطان. أوباما قدم 38 مليار$ دعما ماليا تاريخيا غير مسبوق لإسرائيل”.
كما أمدت إدارة الديمقراطيين في عهد “أوباما” إسرائيل بطائرات إف 35، ونقلت مستودعات أسلحة مركزية لها في الشرق الأوسط لـ”إسرائيل” استخدمتها في عدوان 2014م؛ ما يدلل أن التأميل على الديمقراطيين لن ينفع مستقبلاً في قضية فلسطين.
ويؤكد المحلل الصواف أن إعادة السلطة الفلسطينية سفراءها إلى الإمارات العربية المتحدة والبحرين يدلل أنها لا ترفض جدّيًّا قضية التطبيع الذي عارضته في البداية.
وصوتت الولايات المتحدة طوال مدّة الصراع في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة 88 مرة بالفيتو ضد القضية الفلسطينية، وهو ما يؤكد دعمها المطلق والمستمر لـ”إسرائيل”.
ويداعب “بايدن” ونائبته “هاريس” آفاق التسوية بين السلطة و”إسرائيل” من قبل فوزهما بإدارة البيت الأبيض من بوابة دعم حل الدولتين واستئناف الدعم للسلطة وأونروا، لكن متاهة المفاوضات ستبتلع عام 2021م عاماً جديداً من عمر القضية.
مستقبل 2021
ويعيش الشارع الفلسطيني وهو يستقبل عاماً جديداً حالة انتكاسة من نجاح المصالحة الوطنية وإصلاح البيت الفلسطيني أمام استمرار خلافات موضوعية وتباينات جوهرية بين فتح وحماس في إدارة الصراع.
ويوضّح المحلل العجرمي أن عام 2021م لن يكون سوى عام جديد يستمر فيه عباس رئيس السلطة في أداء دور وظيفي لإدارة حكم ذاتي يتعاون مع الاحتلال.
ويضيف: “سنستمر أمام برنامجين؛ الأول مقاوم يدعمه شعبنا وفصائله لحماية الثوابت، والثاني لعباس وفتح يتعاون مع الاحتلال ويتناقض مع المقاومة. المطلوب العمل لإنهاء وهم التفاوض مستقبلاً وتعزيز المقاومة في الشارع الفلسطيني”.
خشية فتح من انتخابات المجلس الوطني هي خشية من يفقد مفتاح باب مخزن أسراره الوحيد؛ فاتفاق أوسلو وعملية التسوية حتى صفقة القرن قفزت عن ملف اللاجئين، وبقيت فتح وحدها تعوّل على التفاوض وبقية الفصائل ترفض نهجها.
ويقول المحلل الصواف: إن عام 2021م لن يختلف في الشأن الفلسطيني عن عام 2020م؛ فالمصالحة مستقبلها معلّق، والسلطة الفلسطينية تعود لحضن الاحتلال، وفق تعبيره.
ويتابع: “الفصائل الفلسطينية تريد تحرير السلطة من عبء ارتهانها للاحتلال، ولكن استمرار نهج عباس الذي لا يؤمن بالشراكة السياسية لن ينتج مصالحة أو إصلاحًا للحالة الفلسطينية عام 2021م”.
ولا تعد إجراءات السلطة الأخيرة بحق قطاع غزة على الصعيد الإداري وملف الموظفين ووزارة الصحة سوى مقدمة لعودة السلطة لمربع الانقسام، وانكفاءة صريحة على كل ما اتفقت فيه فتح مع الفصائل طوال عام 2020م.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يستهدف مجموعات شرطية أثناء ملاحقتها عصابات لصوص بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد وأصيب عدد من عناصر الشرطة الفلسطينية، مساء اليوم الجمعة، إثر استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة غزة...

أجبره الاحتلال على هدم منزله في العيسوية فجعل منه محرابا
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام أجبرت بلدية الاحتلال الإسرائيلي، المقدسي محمود عبد عليان على هدم منزله في حي المدارس بقرية العيسوية بالقدس المحتلة...

المظاهرات تعمّ المدن المغربية للمطالبة برفع الحصار عن غزة
الرباط – المركز الفلسطيني للإعلام طالب آلاف المغاربة، الجمعة، وللأسبوع الـ74 على التوالي برفع الحصار عن غزة وفتح كافة المعابر لدخول المساعدات...

حماس: الاحتلال يسعى لكسر إرادة شعبنا بكل السبل وسط غياب الضمير العالمي
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عبد الرحمن شديد، الجمعة، إن قطاع غزة يواجه اليوم واحدة من أسوأ...

المقاومة تعلن تفجير جرافة وقنبلة برتل لآليات الاحتلال شرق غزة
الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي " سرايا القدس" عن تفجير جرافة عسكرية إسرائيلية وقنبلة من مخلفات الاحتلال...

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الآلاف من اليمنيين، الجمعة، في 14 محافظة بينها العاصمة صنعاء، دعما لقطاع غزة في ظل استمرار الإبادة...

ايرلندا تدعو “إسرائيل” لرفع الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات
دبلن – المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت ايرلندا من استمرار الكارثة الإنسانية في غزة، وأنه لم تدخل أي مساعدات إنسانية أو تجارية منذ أكثر من ثمانية...