فلسطينيو سوريا في مصر.. سنوات عجاف على ضفاف النيل

من مخيم اليرموك، جنوب العاصمة السورية دمشق، إلى “أم الدنيا”، حطّ اللاجئ الفلسطيني، أسعد مجدلاني، رحاله مع أسرته في مدينة 6 أكتوبر في محافظة الجيزة بمصر، أواسط العام 2012، كان يمكنه أن يختصر المسافات، ويلجأ إلى لبنان أو الأردن، إلا أن أبواب البلدين كانت موصدة تماما أمامه، لا لشيء، إلا أنه فلسطيني!.
يقول “مجدلاني”، وهو ممثل العائلات الفلسطينية السورية في مصر، وفقا لـ”قدس برس”: “في البداية، كانت قيود الدخول إلى مصر أقل مقارنة مع الدول العربية الأخرى، فعندما وصلنا، دخلنا بدون تأشيرات، واستقبلنا المصريون، وقدموا لنا يد العون، وساعدونا في فرش المنزل بالضروريات”.
وتابع: “كان يصلنا مبلغ 1000 جنيه، وسلال غذائية في السنوات الثلاث الأولى لقدومنا، وكان الوضع جيدا في بداية الأمر”.
وأوضح، أن “المصريين آنذاك لم يكونوا مطلعين على أوضاعنا واختلط عليهم الأمر”، هل يعتبروننا سوريين أم فلسطينيين، نعامل معاملة أهل غزة أو الضفة؟.
وأضاف الناشط مجدلاني، عند قدومنا تم تصنيفنا كوافدين لا كلاجئين، و”هذا ما سبب لنا مشاكل عديدة فيما بعد، إذ بدأنا نعاني في السنوات الثلاث الأخيرة من كل النواحي القانونية والصحية والتعليمية والعمل”.
وأردف: “فمن الناحية القانونية، ليس لدينا غطاء قانوني أو حماية، ولا يوجد إقامات، ما أفضى إلى تراكم غرامات علينا، تتراوح بين 15 ألفا إلى 50 ألف جنيه، وجوازات السفر غير مجددة، وكل جواز يكلف تجديده 300 دولار، لمدة سنتين في السفارة السورية، وهناك من خُتم على جوازه عبارة ترحيل”، مشيرا إلى أن 95% من فلسطينيي سوريا في مصر باتو اليوم بدون إقامات.
أما بالنسبة للتعليم، فأوضح مجدلاني، أن “أبناء فلسطينيي سوريا لا يسمح لهم بدخول المدارس النظامية والجامعات، والأولاد يذهبون للسناتر (مدرسة خاصة غير مرخصة ولا تمنح شهادات)”.
تجريم العمل يفاقم المأساة
ويؤكد الناشط مجدلاني، أن نسبة البطالة بين الفلسطينيين القادمين من سوريا تصل إلى 98%، وعزا ذلك، لـ”اعتبار القانون المصري، فلسطينيي سوريا كوافدين، لا يسمح لنا بالعمل، وإلا فقد يتعرض المخالف للسجن أو الترحيل”.
وأوضح أن من يعمل من الشباب الفلسطيني، فإن “ذلك يكون في السر، على عكس السوريين، الذين يحصلون على الكرت الأصفر، ويعد لاجئا، وتدافع عنه مفوضية الأمم المتحدة”.
وأشار إلى وجود أرامل ومطلقات يعتشن على صدقات المحسنين، كما تطرق إلى إيجارات المنازل، التي “تكسر الظهور”، على حد تعبيره، بالإضافة للطبابة التي لا يلتفت لها أحد، خاصة لأصحاب الاحتياجات الخاصة.
أين الجهات الرسمية؟
ويستغرب “مجدلاني” عدم التفات أي جهة رسمية فلسطينية لمعاناتهم، قائلا: “عانينا من هذه المأساة مع سفير السلطة الفلسطينية السابق، جمال الشوبكي، الذي لم يقدم أي حل حتى رحيله، ومع مجيء السفير الجديد، دياب اللوح، مضينا على نفس المنوال، وشكلنا لجنة، ورتبنا أكثر من عشرة لقاءات، ولم نستفد منه بأي شيء حتى الآن”.
وأضاف، “توجهنا للأونروا، فتذرعت بأنها مكتب ارتباط ولا علاقة لها، فطالبنا، بأن يتم تحويلنا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فرفضوا”، وتابع “بالرغم من وصول مساعدات باسمنا، إلا أننا لم نستلم منها أي شيء منذ ثلاث سنوات”، وفق مجدلاني.
الحل هو الهجرة
بدورها، تطالب اللاجئة الفلسطينية “أم مالك” (فضلت عدم ذكر اسمها) بالسماح لها بالهجرة إلى كندا أو أي بلد آخر، وتقول في حديثها: “عندما نطالب بالهجرة، يحدثوك عن حق العودة، ويقولون لنا عودوا إلى سوريا، كيف سنعود، والناس فيها يهربون منها؟!
وناشدت “أم مالك”، وهي أرملة ولديها أربعة أبناء، “الدول والمنظمات أن يساعدوا في إخراج فلسطينيي سوريا من مصر”، مشيرة إلى صعوبة الحياة في هذا البلد في ظل الاضطهاد والحرمان من كل شيء.
بدورها، تشعر “أم خالد” بمرارة الخذلان، التي يتجرعها فلسطينيو سوريا في مصر، وتقول: “الكل تخلى عنا، الأونروا والسفارة والفصائل، ولا أحد يساعدنا، وتضيف، “أوراقنا وجوازاتنا كلها منتهية الصلاحية، وتراكمت علينا الديون وإيجارات المنازل، دون أن تقدم أي جهة يد العون لنا”.
أما “لينا عمايري” فلها قصة أخرى، تقول: “دمر منزلنا تدميرا كاملا في مخيم اليرموك، فاضطررنا للهجرة إلى السودان، إلا أننا لم نحتمل صعوبة الحياة، فقررنا التوجه لمصر عبر طرق التهريب الصعبة”.
“بعد 4 أيام تمكنت عمايري وعائلتها من الوصول لمصر، في رحلة سرقت فيها جوازات سفر زوجها وابنها” وفق ما قالت.
تضيف: “توجهنا للأونروا فلم يقدموا لنا أي شيء”، وتصف حياة عائلتها، بأنها دون المستوى الطبيعي، “فهي لا تستطيع تأمين إيجار المنزل، أو حليب الأطفال، أو حتى الطعام والشراب”.
تتمنى “عمايري” أن تحظى وعائلتها بفرصة لجوء إنساني في أي بلد أوربي شأنها شأن كل الفلسطينيين القادمين من سوريا الذين يحلمون بحياة كريمة ومستقبل أفضل لأطفالهم بعيدا عن الحروب والحرمان.
ومنذ اندلاع الصراع في سوريا، نزح حوالي 280000 لاجئ فلسطيني من سوريا إلى أماكن أخرى داخل سوريا، بحسب وكالة الأونروا، وفر نحو 120000 شخص آخرين إلى البلدان المجاورة، بما في ذلك لبنان والأردن وتركيا ومصر، فضلا عن أوروبا.
في مصر، سجّل حوالي 3480 فلسطينيًّا سوريًّا في السفارة الفلسطينية بين عامي 2012 و2018، لكن 2860 منهم فقط ما زالوا في مصر الآن، ولا تأخذ هذه التقديرات في الاعتبار أولئك الذين لم يسجلوا لدى السفارة، وفق الأونروا.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مؤسسة حقوقية: آلاف المعتقلين بسجون الاحتلال يواجهون عمليات قتل بطيئة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام يواجه الأسرى في سجون الاحتلال تصاعدًا غير مسبوق في عمليات التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، التي تمارسها الإدارة...

جماعة أنصار الله: واشنطن تجاهلت تحذيراتنا لأنها لا تأبه بحياة الصهاينة
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قالت جماعة أنصار الله اليمنية، الأحد، إن "الولايات المتحدة الأمريكية لا تأبه بحياة الإسرائيليين رغم توجيه تحذير لها...

مدير المستشفيات الميدانية بغزة: المجاعة قادمة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة بقطاع غزة، مروان الهمص، إن أغلب سكان قطاع غزة يعيشون تجويعاً ينفذه...

إصابة 43 فلسطينيًا باقتحام قوات الاحتلال البلدة القديمة في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 3 فلسطينيين بينهم طفل، برصاص قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي و40 آخرون بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، إثر اقتحام...

كتائب القسام تكشف تفاصيل كمين مركب شرقي رفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، اليوم الأحد، عن تفاصيل كمين مركب نفذته في قوة من جيش الاحتلال...

الصحة العالمية: غزة تفتقر إلى كل شيء والوضع قريب من الهاوية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام وصفت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارغريت هاريس، الوضع الصحي في قطاع غزة بأنه "كارثي وقريب من من الهاوية"،...

معركة زيكيم.. يوم فر مقاتلو النخبة الإسرائيلية من مواجهة القسام
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام كشف تحقيق إسرائيلي حول معركة زيكيم، عن هجوم نوعي نفذه مقاتلو كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عبر البحر،...