الأحد 23/يونيو/2024

الفروق العشرة بين التنسيقات الأمنية وتفاهمات التهدئة

فايز أبو شمالة

كلما انتقد الشعب الفلسطيني التنسيقات الأمنية مع المخابرات الإسرائيلية خرج عليك من يقول: وغزة أيضاً تنسق أمنياً، فإذا قلت: إن التنسيق الأمني هو التعاون المباشر مع المخابرات الإسرائيلية لتصفية المقاومة، يقولون لك: وغزة أيضاً تمنع المقاومة، وتمنع الآخرين من إطلاق النار على الحدود.

الذي يحرص على اتهام رجال غزة بالتنسيق الأمني أسوة بالسلطة الفلسطينية يريد أن يقول: كلنا مجرمون ما دام التنسيق الأمني جريمة، ولا أحد أحسن من أحد، وإذا كانت التنسيقات الأمنية خيانة عظمى للقيم الوطنية، فالجميع ينسق، والجميع خائن، لأن التفاهمات هي الوجه الآخر للتنسيقات!

وما أضعف منطقهم! أولئك الذين يشبهون تفاهمات التهدئة بين المقاومة الفلسطينية في غزة والجيش الإسرائيلي بالتنسيقات الأمنية بين سلطة رام الله والحكومة الإسرائيلية، وما أوهن حجتهم! أولئك الذين يقاربون بين غزة ورام الله في هذا الشأن، والقائلون: إن رجال المقاومة في غزة مثل رجال الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، وإن (إسرائيل) ترقص على حبل التفاهمات كما رقصت على حبل التنسيقات، وإن القضية الفلسطينية قد سفكت دمها على سكين التفاهمات كما تكسر عظمها بين فكي التنسيقات!

أولئك الذين يشبهون التنسيقات بالتفاهمات ليسوا أغبياء، هم يضربون عن قوس واحدة، وهدفهم التشكيك بالمقاومة وبمكانتها في قلوب الأمة، وهم يعرفون جيداً جملة من الحقائق تميز بين التنسيق الأمني وتفاهمات التهدئة، التي يمكن حصرها في عشرة فروق، وهي كالآتي:

أولاً: التنسيق الأمني كسر البندقية الفلسطينية، وسلمها على مفرق طرق أوسلو، وتسلم بدلاً من بندقية الفدائيين بندقية مرقمة من المخابرات الإسرائيلية، في حين تفاهمات التهدئة بين غزة والعدو الإسرائيلي لم تلمس البندقية، ولم تقترب من النفق، ولم تطالب بتسليم الصواريخ التي لما تزل تهدد تل أبيب.

ثانياً: التنسيق الأمني يهدف إلى سحق المقاومة الفلسطينية، واعتقال المقاومين، في حين تفاهمات التهدئة لا تعطي الأمن للأعداء، وتجعلهم يعيشون تحت ضغط الصواريخ على مدار الساعة.

ثالثا: التنسيق الأمني جعل الفلسطيني محبطاً، في حالة دفاع عن نفسه وبيته وأرضه المصادرة، في حين التفاهمات جعلت من العدو الإسرائيلي قلقاً خائفاً غير مطمئن على مستقبله.

رابعاً: التنسيق الأمني وفر الأمن للمستوطنين، وأعطى الهناء والراحة لجيش المحتلين، على عكس التفاهمات التي وفرت الأمن للفلسطيني، ونزعت الأمن من حياة المستوطن اليهودي

خامساً: التنسيق عمل سياسي، جاء بعد الاعتراف بدولة إسرائيل، في حين تفاهمات التهدئة عمل ميداني، لم ينجم عنه الاعتراف السياسي بإسرائيل.

سادساً: التنسيقات الأمنية مكنت الجيش الإسرائيلي من الدخول لوسط رام الله ونابلس، واعتقال من يشاء، وقتل من يشاء، ونسف بيت من يشاء، في حين التفاهمات كسرت رجل الاحتلال دون الاقتراب من حواكير غزة.

سابعاً: التنسيقات الأمنية ضيقت حركة الفلسطينيين بين مدن الضفة الغربية ومنطقة ج، ولا انتقال إلا عبر الحواجز، وبعد موافقة منسق شؤون المناطق الجنرال كميل أبو ركن، على عكس تفاهمات التهدئة التي فرضت على الإسرائيليين البقاء على مسافة قريبة من الملاجئ، تحسباً لصفارات الإنذار.

ثامناً: التنسيقات الأمنية طويلة الأمد، وقد تجاوز عمرها 28 عاماً، ونتائجها السلبية تفضح مسارها، في حين التفاهمات مؤقتة، يومية، قد تتكسر مع كل قذيفة، وقد تحطمت التفاهمات عشرات المرات بفعل صواريخ الرجال.

تاسعا: التنسيقات الأمنية جاءت بعد اتفاقات سياسية، أعقبتها مصافحات على رؤوس الأشهاد، ثم ابتسامات، تلاها عناق وقبلات، في حين التفاهمات جاءت بعد حروب عدة، وبعد مواجهات ميدانية، ولم يقبل بها العدو إلا بعد أن قصفت تل أبيب.

عاشراً: السلطة الفلسطينية تتسلم أموال المقاصة مقابل التنسيقات الأمنية، وكلما تلكأت السلطة في مهمتها، يصير الخصم، ويتأخر دفع الأموال، في حين رجال غزة المحاصرون من إسرائيل، فرضوا على عدوهم أن يسمح لدولة قطر العربية بتزويد غزة ببعض حاجاتها الإنسانية والحياتية، وكلما تلكأ العدو، يكون الرد بالتصعيد، والتلويح بقصف تل أبيب.

وهنا أترك لشعبنا الفلسطيني البطل فرصة ليضيف بالتجربة ما يراه مناسباً من فروق بين التنسيقات الأمنية والتفاهمات الميدانية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات