إنها غزة يا صاحب البرستيج

يوم أمس الأحد، طالعنا النائب السابق في البرلمان اللبناني نعمة افرام بحديث عنصري خلال لقاء معه عبر قناة الـ (mtv) حذر فيه من وصول الأوضاع في لبنان لدرجة غزة، قائلاً “لبنان ليس غزة، غزة قبلت أن تخرج من مستوى حياة معيّن وتعيش بمحل فيه الجردون أكبر من البسين (القط) نحن في لبنان لا نقبل بهذا المستوى من الحياة.. لبنان بلد متطور وتكنولوجي وفيه علم وثقافة وحضارة”.
لا يمكن وصف هذا الكلام إلا بالكلام العنصري المرفوض جملة وتفصيلًا، ولا يمكن أن يقبل به أي فلسطيني، ولا أي حر في العالم، فالواقع في قطاع غزة مختلف تمامًا عن لبنان وباقي دول العالم لسبب رئيس، وهو وجود الاحتلال الإسرائيلي على حدود القطاع، والمسؤول الأول عن الأوضاع المأساوية التي يعاني منها أهالي غزة بسبب الحصار الخانق الذي يفرضه عليهم منذ نحو 14 عامًا، ولا يمكن إطلاق هذا التوصيف العنصري تجاه أي شعب، لأن ذلك يتعارض مع الروح الإنسانية التي يفتقدها افرام وغيره من العنصريين في بلادنا العربية.
قد نسي أو تناسى النائب اللبناني أن قطاع غزة تعرض لثلاث حروب إسرائيلية خلال 12 عامًا بمعدل حرب واحدة كل أربع سنوات، وهو الأمر الذي أدى إلى استشهاد الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، فضلًا عن تدمير مقومات الحياة، وما يقوم به الفلسطيني في قطاع غزة ليس دفاعًا عن أرضه ووطنه فحسب، إنما يدافع عن كرامة الأمة المهدورة بفعل الانبطاح العربي الذي اعتاد عليه افرام وغيره من المنبطحين العرب. “إنّ الإنسان لا يرث الكرامة ولا المهانة بل يصنعها بنفسه”.
أهل غزة ورثوا تلك الكرامة وحافظوا عليها، ويسعون لتحرير وطنهم كاملًا، حينها يكتمل المشهد وتتربع فلسطين على قوائم الشرف والكرامة قبل قوائم التطور و”البرستيج” الذي تتباكى على فقدانه.
حركة حماس استنكرت كلام افرام
المكتب الإعلامي لحركة حماس أصدر بيان رفض واستنكار لكلام افرام، وعدَّ أن هذا الخطاب يخلق أجواء الكراهية، ويُناقض ضرورات العلاقات السوية بين شعبين شقيقين، ويعارض كل القيم الإنسانية. فضلاً عن مناقضته والحقيقة الساطعة، أن الشعب الفلسطيني في غزة من الأقل أميّة في المنطقة كلها (حوالي 2.2 بالمائة)، ونسبة حملة شهادة البكالوريوس وما فوق، تقارب العشرين بالمائة.
وأضافت حماس: إن “الحصار الذي تتعرض له غزة، نتيجة رفضها للتسويات التي تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني، تفرض على جميع الأحرار في العالم رفض هذا الحصار، وليس القفز نحو بعض نتائجه، وتحميل الضحية المسؤولية، وتبرئة المجرم الحقيقي”.
وختمت الحركة بيانها: إنّ “نقد التجربة في غزة نقداً علميًّا وموضوعيًّا، بعيداً من الكلام المرسل، هو نقد مطلوب، ولا يشكل حرجاً للشعب الفلسطيني في القطاع المحاصر، وهو ما تقتضيه المصلحة، وتسمح به الحريات المصونة. إنما نأسف وندين تلك العبارات التي تشكل استفزازاً للمشاعر الإنسانية، وانطلقت في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني. وإننا نربأ بقناة MTV من أن تتماهى مع تلك العبارات.
يشكل بيان حماس وما ورد فيه القواعد الثابتة والركائز الأساسية للخطاب الإعلامي الإنساني، وأعطى قيمة مضافة للعلاقة الأخوية التي يجب أن يتمتع بها الشعبان اللبناني والفلسطيني، ووضع النقاط على الحروف في توضيح المُسبب الرئيس في واقع غزة دون أن ينجر إلى ميادين الردح والقدح.
فيما وصلت أصداء العنصرية والتعالي التي تفوه بها نعمة افرام إلى أوروبا، جاء الرد الإعلامي الإنساني من لجنة دعم الصحفيين في سويسرا التي أدانت كلام افرام وعدَّت كلامه عنصريا يتضمن تحقيرا لأهل غزة، ” تدين لجنة دعم الصحفيين في سويسرا سماح MTV (إحدى القنوات اللبنانية) لأحد ضيوفها باستخدام لغة عنصرية تتضمن تحقيرا وازدراء بمناطق وشعوب غير لبنانية، دون أن تلجأ المذيعة الى لفت انتباه الضيف إلى خطورة وحساسية المحتوى في البرنامج”.
وعدّت اللجنة أنَّ استمرار الضيف في توجيه إهانات عنصرية إلى شعب يرزح تحت وطأة الحصار منذ سنوات طويلة ما فاقم من أزماته الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى الأزمات الصحية التي زادت من حدتها تفشي جائحة كورونا، من شأنه أن يسيء إلى المهنية الإعلامية والالتزام المفترض بقواعد وأصول البث الإعلامي، ويخالف في كل تفاصيله ميثاق شرف الصحفيين.
وتابع البيان: “اللجنة، وإن كانت تؤمن إيماناً مطلقاً بحرية الرأي والتعبير وكشف الحقائق أمام الرأي العام لتوعيته على حقوقه، وخاصة المسلوبة منه، إلا أنها ترى أيضاً أن ما بث خلال الحلقة يتضمن منسوبا ملحوظاً من خطاب الكراهية والتحامل على فئة معينة من الناس بكراهية غير مفهومة، ما قد يهدد السلم الأهلي والاستقرار بين الشعوب، ويعزز الانقسامات والتوتر ويحرض فئات ضد بعضهم البعض، خصوصا مع وجود عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين على الأراضي اللبنانية”.
إنَّ ما صرح به النائب اللبناني يستدعي اعتذرًا واضحًا وصريحًا للشعب الفلسطيني بأكمله؛ خاصة أهالي قطاع غزة المحاصرين، وأن تقدم القناة توضيحًا حول موقفها من كلام افرام، لأن كلامه أضر بمشاعر الفلسطينيين وأهالي قطاع غزة، الذين كانوا في طليعة من قدم الواجب الإنساني والأخلاقي للبنان وشعبه إثر انفجار بيروت في 4 آب، وأعربوا عن تضامنهم الكامل مع لبنان وشعبه بالوسائل المتاحة لديهم.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

15 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....