التطويب.. أسلوب استيطاني جديد لحسم واقع القدس ومستقبلها

“تطويب” أراضي القدس المحتلة هي خطوة الاحتلال الأخيرة لحسم مستقبل الفلسطينيين في شرق المدينة المحتلة، بواسطة مصادرة ممتلكات مقدسيين وفلسطينيين تعرف بأراض “الغائبين”.
ويسعى الاحتلال لفرض سياسة الأمر الواقع فوق أراضي المدينة المحتلة عامةً وأجزائها الشرقية والبلدة القديمة والمسجد الأقصى للمساومة عليها في أي مرحلة مفاوضات مقبلة.
ويكثف الاحتلال من عملية الاستيطان والتهويد في مناطق “ج” بالضفة المحتلة في هذه المرحلة من الصراع وفق خطّة الضمّ التي تنفذ بهدوء وتدريجيا بذرائع ومبررات قانونية تخالف القانون الدولي.
ويعود مخطط الاحتلال لمصادرة أراضي القدس منذ عام 1967م حين احتل المدينة ومن يومها، وهو يسعى للسيطرة على “أملاك الغائبين” أو ممتلكات، وأراضي لمواطنين مقدسيين وعرب يتواجدون خارج مدينة القدس حالياً.
وسيجري وفق إجراءات “الطابو” الجديدة مصادرة 95% من تلك الأراضي للتحول بشكل كامل تحت السيادة الإسرائيلية، ولا يملك أصحابها الحق في التصرّف بها أو الإقامة فوقها.
ذريعة التسوية
ويستخدم الاحتلال مصطلح “تسوية الأراضي” لإنهاء آمال الفلسطينيين بتثبيت وجودهم فوق أراضي القدس المحتلة التي تضم “أملاك الغائبين” أو مالكين يعيشون الآن خارج القدس، أو توفاهم الموت، وأقام الاحتلال مستوطنات فوق أراضيهم.
وأصدر الاحتلال عام 2018م ملف “تسوية الأراضي” على لسان وزيرة العدل الإسرائيلية “إيليت شاكيد” في كامل مدينة القدس وأحواضها ومناطق تجاور مستوطنات، وبعض المستوطنات مستهدفاً بشكل أساسي الجزء الشرقي من القدس.
ويعد تسجيل الأراضي في القدس المحتلة وفق إجراء “الطابو” المرحلة الأخيرة من تهويد كامل المدينة المقدسة خاصّةً الشطر الشرقي منها ومصادرة نهائية لملاّك يتواجدون خارج القدس أو ضمن “أملاك الغائبين”.
ويؤكد سهيل خليلية، مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد أريج للأبحاث التطبيقية، أن خطورة إجراءات “الطابو” الآن تستهدف أراضي “القدس الشرقية” خاصة، وتركز على الأراضي المسجلة كأملاك غائبين أو أملاك دولة وهي مساحة كبيرة.
ويضيف في تصريح لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “يعملون على ترسيخ واقع قانوني وميداني للقدس بشكل كامل، ويحسمون أوضاع الأراضي غير الثابتة قانونياً في الأحياء العربية والمناطق المدرجة تحت مسميات أملاك عامة، حتى لا تبقى باسم أملاك غائبين في كل مناطق “ج” وحتى داخل المستوطنات نفسها”.
ومن الأمثلة الحاضرة على مصادرة الأراضي في القدس ومناطق ج استخدام ذريعة البناء بدون ترخيص تمهيداً لإكمال مخطط ضم كامل مناطق “ج” وأهمها أجزاء من القدس.
ويتابع: “أتوقع أن يعلن الاحتلال عن خطة مختلفة للقدس بعد مصادرة وسيطرة كاملة تجري الآن بشكل استباقي لكن أخطر الاستهداف داخل البلدة القديمة وأسوار الحرم القدسي والجزء الشرقي منه لأن هنا ممتلكات لا تعود لسكان القدس الذين يعد جزءًا مهما منهم، سكانا ومنتفعين ومستأجرين فيها”.
ويقول راتب الجبور منسق اللجنة الوطنية والشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في جنوب الضفة المحتلة إن “الكنيست” والجمعيات الاستيطانية يضغطون مؤخراً من أجل تسوية كاملة لمستقبل مناطق “ج”.
الظهور بمسميات “التسوية” أو “تطويب” الأرض في مناطق “ج” والقدس المحتلة شكل مستحدث لمصادرة الأراضي بذرائع قانونية وتحويلها لأراض دولة إسرائيل وبذلك يحسم الاحتلال مستقبل شرق القدس ومناطق الخان الأحمر وما يجاوره .
ويتابع الجبور لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “حجة عدم وجود ترخيص للبناء في مناطق “ج” ومع سكان القدس جاهزة، ويتلوها هدم مباشر للمباني، الاحتلال أصلاً لا يمنحهم ترخيصا، وأي إخطار لا يتجاوز 26 ساعة لا يستطيع فيها الفلسطيني الاعتراض القانوني أو فعل شيء”.
كما يستخدم الاحتلال أسلوب إجبار المقدسيين على دفع ضرائب بأثر رجعي يعود لعام 1967م بمبالغ تزيد عن ثمن قيمة الأرض نفسها حتى يعجزوا عن الاحتفاظ بأرضهم.
أهداف سياسية
ومنذ تولي إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية تعيش حكومة “نتنياهو” وجمعيات الاستيطان أفضل أوقاتها؛ فالدعم الأمريكي مطلق من “ترمب” وسفيره “فريدمان” وخطة الضم ماضية بهدوء وإن تأجل إعلانها رسمياً.
ورغم مخالفة أسلوب “التطويب” للقانون الدولي إلا أن 5% فقط من أراضي القدس مسجلة في حين تشغل الأراضي المدرجة تحت مسميات عامة وأملاك غائبين مساحة كبيرة يحاول الاحتلال التلاعب في ملكيتها.
ويرى سهيل خليلية مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد أريج للأبحاث التطبيقية أن خطوة “تطويب” أراضي القدس تجري ضمن مخطط مصادرة أكبر مساحة من القدس لاستخدام تلك الورقة في أي عملية مفاوضات أو تسوية مقبلة.
ويضيف لمراسلنا: “ستكون تلك الأراضي التي تطوب ضمن مساومات مستقبلية، وقد يصلوا لدرجة التحكم في من يدخل ومن يخرج للحرم القدسي والبلدة القديمة والجزء الشرقي ليس من العرب فقط بل من أي زائر حتى إذا بدأت مفاوضات يساومون على أمر واقع فرضوه بالقوة”.
وتصنّف أراضي القدس المحتلة من حيث مبدأ “التسوية” لأربعة أنواع: أولها أراض جرى تسويتها تسوية نهائية، وأخرى جرى تسويتها جزئياً، وثالثة بقيت دون تسوية، ورابعة مستثناه من التسوية، مما سهل الاستيلاء على 88% من أراضي القدس منها 35% لصالح الاستيطان.
ويستهجن راتب الجبور منسق اللجنة الوطنية والشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في جنوب الضفة المحتلة استخدام الاحتلال مصطلح “حارس أملاك الغائبين” في حين يمارس هو سرقة تلك الممتلكات في القدس وكامل مناطق “ج” مستخدماً قوة الجيش ودعم الحكومة في التهويد والمصادرة.
وكان الاحتلال أقام في السنوات القليلة الماضية عدة أحياء استيطانية دون ترخيص، وقد منحها خلال الفترة الماضية تراخيص بأثر رجعي، وفق مبررات قانونية تخالف مخالفة صريحة القانون الدولي ووضع القدس القانوني منذ احتلالها عام 1967م.
ولا يعد تخصيص مبلغ 14 مليون $ من ميزانية عام 2018م لقضية “تسوية الأراضي” والعقارات سوى خطوة قانونية مدعومة بسلطة الحكومة لترسيخ واقع سياسي يخدم الاحتلال في أي عملية تسوية سياسية مقبلة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مستوطنون يحتجزون 3 صحفيين في رام الله
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلاماحتجز مستوطنون، اليوم السبت، ثلاثة صحفيين وناشطا في قرية المغير شمال شرق رام الله، فيما اعتقلت قوات الاحتلال...

362 عملاً مقاوماً في الضفة والقدس خلال إبريل
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامتواصلت أعمال المقاومة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه خلال شهر إبريل/نيسان...

المجاعة تتفشى بمستويات كارثية والأورومتوسطي يوثق ارتفاعًا حادًا في معدلات الوفاة الطبيعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ارتفاعًا حادًّا في معدلات الوفاة الطبيعية بين البالغين من سكان قطاع غزة، إلى...

مستشفى الكويت برفح: المخزون الطبي لدينا يكفي لأسبوع واحد فقط
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر مستشفى الكويت التخصصي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، اليوم السبت، من توقف عملياته معلنا أن المخزون الطبي لديه "يكفي...

77 شهيدا و275 جريحا في غزة خلال 48 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 77 شهيدا، و275 جريحا وذلك خلال 48 الساعة الماضية...

ألبانيزي: تجويع الفلسطينيين عار على الضمير العالمي
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام استنكرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي مواصلة الاحتلال...

معظمهم أطفال.. 57 شهيداً ضحايا الجوع في غزة منذ بدء الإبادة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفاد المكتب الإعلام الحكومي في غزة، بارتفاع عدد الوفيات في القطاع بسبب سياسة التجويع إلى 57 شهيداً، مرجحا ارتفاع عدد...