شوشحلة.. 4 فلسطينيين يدافعون عن قريتهم المهجرة

في واحدة من الملاحم التي يسطرها الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه، يواصل المسن سعد صلاح وعائلته في الذود عن حياض قريته “المهجرة” شوشحلة جنوب غرب بلدة الخضر جنوب بيت لحم، والتي يستهدفها المستوطنون للاستيلاء عليها.
عائلة المسن صلاح (ابنه مهند، وزوجته، وابنته سيدرا) تعيش وحيدة في القرية المهددة تتعرض شبه يوميّ لاعتداءات متواصلة بهدف طردهم منها، إلا أن الصمود والثبات سيد الموقف.
ويحيط بالقرية تجمع مستوطنات غوش عتصيون إحاطة السوار بالساعد، والتي يستوطنها 120 ألف إسرائيلي، وبسبب الاعتداءات الإرهابية للمستوطنين وحرمان سكانها من الخدمات الأساسية، اضطر سكانها البالغ عددهم 200 نسمة لمغادرتها إلى بلدة الخضر في سبعينيات القرن الماضي، واختارت عائلة صلاح البقاء لمواجهة الصلف الإسرائيلي.
ويعدّ المشي على الأقدام الوسيلة للوصول إلى القرية، ولا توجد طرق مجهزة للسيارات إلى القرية التي تتربع فوق جبل على الطريق الواصلة بين الخليل والقدس وتطل على بلدة الخضر في بيت لحم، ولم يبق من القرية المقامة منذ أكثر من 150 سنة، سوى بضعة بيوت مسقوفة بالصفيح.
ويصرّ سعد صلاح ونجله مهند على الإقامة في بيته على الرغم من الظروف الصعبة، وغياب شروط الحياة الأساسية، حيث اختارت هذه العائلة الصغيرة التي أُجبرت على الهجرة قبل عقود مع التهديدات الإسرائيلية، العودة في أوائل التسعينيات رافضة المغادرة مرة أخرى، على الرغم من الحياة البدائية التي تعيشها.
وتمكّن سعد ونجله مهند، من استعادة الأراضي على مدار 22 عاما على استعادة أراضي القرية عبر فلاحتها وزراعتها، كما بدأ في هذه السنوات بترميم الآثار والمواقع القديمة في القرية. وجودهم في القرية أجبر الاحتلال على السماح لهم باستصلاح 1200 دونم من أصل 2000.

يذكر أن العائلة واجهت هجمات مستمرّة من المستوطنين، حيث حاولوا عام 2014 دهس ابنة العائلة الوحيدة سيدرا، والتي كانت بعمر 9 أعوام آنذاك، وفي عام 2016 حرقوا منزل العائلة، وخطوا شعارات عنصرية على جدرانه.
وكان يوجد في هذه القرية مسجد قديم ومقبرة إسلامية، أعاد صلاح ترميمها، ومعاصر عنب قديمة إضافة إلى المنازل، لكنّ معالمها تغيّرت بسبب اعتداءات المستوطنين، فمنذ أن بدأ صلاح بترميم المنازل القديمة تعمّد المستوطنون الذين يُحيطون بقرية شوشحلة الاعتداء عليها من خلال كسر الحجارة واقتلاعها.
وتعد القرية أثريةً قديمة وتاريخية؛ حيث يمكن العثور على علامات الأختام العثمانية على جدران المنازل، كما أن أراضيها ملك للمواطنين الفلسطينيين.
وصباح الأحد الماضي، اعتدى مستوطنون إسرائيليون، على المواطن سعد صلاح ونجله مهند في القرية.
وأفاد المواطن مهند سعد صلاح (39 عاما) أنه كان برفقة والده (76 عاماً)، يرعيان الأغنام في أراضي القرية، وفجأة هاجمهم مستوطنون مسلحون من مستوطنة اليعازر، المقامة على أراضي البلدة، ورشقوهم بالحجارة، وحاولوا إجبارهم على مغادرة أرضهم، تحت تهديد السلاح، إلّا أنهم تصدوا لهم.
في لحظات الغروب وقف صلاح على مقربة من كوخه مقابل مشهد مضيء على طول المستوطنات الممتدة في الاراضي المقابلة، مشيرا بيده: “6 مستوطنات التهمت أراضي القرية.. هذه افرات وهذه اليعازر وسيدي بوعز وعصيون وبيتار عيليت”.
ويبدو أفراد القرية الأربعة فرحين لأنهم استطاعوا الصمود أمام استيطان عجز العالم عن وقفه، فكان قرار البقاء الذي اتخذه صلاح منذ تسلم عهدة القرية من والده بعد جده قبل 23 عاما صعبا؛ إذ يمنع الاحتلال البناء والماء والكهرباء عنه.
“كبرت هنا وتزوجت هنا وبقيت لوحدي هنا.. وجدُّ جدي كان هنا”، يقول صلاح في التاسعة والثلاثين من عمره جالسا على لوح خشب علق على حجرين من الأطراف وصمم لأن يكون مقعد الاستقبال، مبدياً عدم اكتراثٍ بظروف حياته الصعبة.

أحمد جرادات الباحث والناشط في مجال مقاومة الاستيطان، يقول: إن ما تفعله عائلة صلاح في القرية هو نموذج مصغر عن آلاف العوائل التي تتشبث بالأرض في الضفة الغربية في مواجهة الأطماع الاستيطانية.
يتابع في حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن هذه العوائل تخوض معارك من مسافة صفر؛ فهي على تماس مباشر مع الكتل والمستوطنات الإسرائيلية، والطرق الالتفافية، وتتعرض لأبشع الجرائم والملاحقات، ومنع العمل من الأرض، ومنع استصلاح الأراضي.
وعرّج جرادات في حديثه إلى الحركة الاستيطانية النشطة والواسعة في المناطق المصنفة “ج” (سيطرة أمنية ومدنية إسرائيلية)، وفق اتفاق “أوسلو”، وأكد أن هذه الهجمة المستعرة تواجه بصمود من الأهالي، وأنهم ليس لديهم إلا الصمود.
وقال: إن الاحتلال يستغل الوضع السياسي لمناطق ج لفرض السيطرة على الأراضي وتهجير المواطنين، ومنع الخدمات الأساسية عن المواطنين لدفعهم للهجرة.
وأكد أن المقاومة الشعبية، والفضح الإعلامي لسياسيات الاحتلال ومستوطنيه، والحملات الإعلامية والزيارات الميدانية، والدعم المالي كلها أدوات من شأنها أن تدعم بقاء الفلسطيني في أرضه مقابل هجمات استيطانية لا تهدأ.
وقال: إن قرية شوشحلة مصنفة قريةً أثرية، وأدعو وزارة الأثار واليونسكو إلى القيام بدورها في حماية المواقع الأثرية فيها من العربدة الإسرائيلية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

ما تأثير طوفان الأقصى على المكانة الدولية لإسرائيل؟
المركز الفلسطيني للإعلام خلصت ورقة علميّة، أعدّها وليد عبد الحي وأصدرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تحت عنوان: "تأثير طوفان الأقصى على مؤشرات...

عائلات أسرى الاحتلال تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو
المركز الفلسطيني للإعلام طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، اليوم السبت، بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو، محذرة من تصعيد القتال في القطاع كونه...

حماس تدين العدوان الصهيوني على سوريا ولبنان
المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العدوانَ الصهيوني الغاشم والمتواصل على الأراضي السورية واللبنانية، في تحدٍّ سافرٍ لكلّ...

حماس: شعبنا وعائلاته الأصيلة يشكّلون السدّ المنيع في وجه الفوضى ومخططات الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام حيّت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وفي طليعتهم العائلات والعشائر الكريمة، التي...

وجهاء غزة للعالم: كفى صمتا وتحركوا عاجلا لنجدة غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أدان وجهاء قطاع غزة وعشائرها -اليوم السبت- استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي الغذاء والتجويع "سلاحا" ضد أبناء القطاع،...

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...

القسام يبث تسجيلا لأسير إسرائيلي بعد نجاته من قصف قبل أسابيع
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، تسجيلا مصورا لأسير إسرائيلي قال فيه، إنه يحمل الرقم 24، وإنه...