الأربعاء 26/يونيو/2024

اغتيال محسن زاده.. لماذا أصابع الاتهام تشير لواشنطن وتل أبيب؟

اغتيال محسن زاده.. لماذا أصابع الاتهام تشير لواشنطن وتل أبيب؟

اغتيال العالم النووي الكبير محسن فخري زاده، شكل ضربة كبيرة بلا شك للجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ لكون الأخير يرأس منظمة الأبحاث والابتكار بوزارة الدفاع، ويطلق عليه أبو “القنبلة النووية”.

وما أن أعلن عن وفاة زاده، حتى أطلق سؤال واحد: من يقف وراء الاغتيال الكبير في قلب العاصمة طهران؟ لم يتأخر القادة الإيرانيّون في اتهام الولايات المتحدة و”إسرائيل” بالوقوف وراء عملية الاغتيال.

اهتمام إسرائيلي كبير
وسائل إعلام إسرائيلية تناولت الحدث تناولا كبيرًا، وأفردت له مساحات واسعة من التغطية والتحليل، وكان يوما سعيدًا لـ”إسرائيل”، وفق مراقبين.

وفي أول تعقيب له قال رئيس وزراء الاحتلال “بنيامين نتنياهو” في فيديو نشره على صفحته على الفيسبوك بعد وقت قصير من عملية الاغتيال: إنه “لا يستطيع أن يكشف جميع ما قام به هذا الأسبوع”.

في حين ذكرت صحيفة “معاريف” العبرية أن قادة المنظومة الإستخبارية الأمنية الإسرائيلية انشغلوا لسنوات بمتابعة “محسن فخري زاده” الذي اغتيل في إيران.

وبينت الصحيفة أن تقريراً إعلامياً بُثَ قبل عامين ركز على شخصية العالم؛ حيث أشاد قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بدور “فخري زاده” في بناء القدرات النووية الإيرانية.

ونقل عن “أمنون سوفرين” الذي شغل سابقاً منصب رئيس شعبة الاستخبارات في الموساد قوله: إن العالم القتيل كان أول من بادر للبرنامج النووي، وكان من القليلين القادرين على استكمال المشروع حتى النهاية.

وتحدث “سوفرين” عن المحاولات الإسرائيلية لاغتياله قائلاً: “يجب علينا فهم روتينه اليومي، وهل يوجد به نقاط ضعف، وليس دائماً هنالك فرصة لإيجاد ذلك”.

بدوره قال رئيس وزراء الاحتلال الأسبق “ايهود أولمرت”: إنه “يعرف الرجل جيداً لدرجة إمكانية تشخيصه حال لقائه في الشارع، لافتاً إلى أنه لا يتمتع بأي حصانة على مدار سنوات، وبالتأكيد فلن تكون له حصانة في المستقبل.

أما الرئيس الأسبق لشعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يوسي كوبرفاسر قال: “فقط إسرائيل وأمريكا، يمكنها تنفيذ عملية الاغتيال، أما عن التوقيت فهو بسبب نهاية ولاية ترمب”.

في نهاية عهد ترمب
الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني حمزة أبو شنب قال: إن عملية الاغتيال جاءت بعد أن أثارت العديد من الأوساط السياسية والإعلامية نيّة واشنطن توجيه ضربةٍ عسكريةٍ لإيران، قبل رحيل ترمب.

يضيف أبو شنب في مقالة تابعها “المركز الفلسطيني للإعلام” أنه قد تعزّزت هذه الرواية بعد تغيير وزير الدفاع الأميركي، كما تلتها زيارات مكوكية لبومبيو، إضافةً إلى تحريك بعض القوات الأميركية بالمنطقة.

توجه إدارة ترمب هذا ينبع من اعتقادها بأن سياستها خلال السنوات الماضية قد حقّقت نتائج جيدة في التضييق على طهران، وخنقها عبر تشديد الحصار عليها، ما أثّر على اقتصادها، وأن هذه الإستراتيجية كانت ستؤتي ثمارها -حسب اعتقاد ترمب- إذا استمرّ بالبيت الأبيض.

واستدرك أبو شنب: إلاّ أنّ خلفه القادم، والذي يبدو أنه يتجه إلى إحياء الاتفاق النووي السابق، يجعل ترمب يرغب في طمأنة حلفائه في المنطقة العربية بتوجيه ضربةٍ عسكريةٍ لإيران، قد تكون حلاً استباقياً لسلوك بايدن.

تهيؤ إسرائيلي
وانتقل أبو شنب إلى الاحتلال، وأوضح أنه قد نُقِل عن كبار المسؤولين بأن الجيش تلقى تعليماتٍ في الأسابيع الأخيرة بالاستعداد لاحتمال قيام واشنطن بضربةٍ عسكريةٍ ضد إيران قبل مغادرة ترمب. التعليمات لم تصدر -حسب المسؤولين- بناءً على معلوماتٍ استخباريةٍ أو إشارةٍ مسبقةٍ من الإدارة الحالية، بل هي ناتجةٌ عن توقّعٍ بأنّ المدّة الحالية وحتى موعد التنصيب يوم 20 من يناير القادم، حساسةٌ للغاية، فالعدوّ الصهيوني يخشى من أيّ ردّ فعلٍ على توجيه ضربة عسكرية لطهران.

يدرك العدو بأنه في حال قرّرت واشنطن شنّ عملٍ عسكريٍّ باستهداف المنشآت النووية الإيرانية، فإنها ستتلقّى إشعاراً مسبقاً قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة، لكن السؤل المطروح: هل يؤيد العدوّ الصهيوني توجيه ضربةٍ عسكريةٍ لإيران في هذا التوقيت؟ عند الحديث عن الموقف الإسرائيلي، لا بدّ لنا أن نستذكر بأن القيادة السياسية الإسرائيلية كانت على وشك اتخاذ قرارٍ بضرب المنشآت النووية الإيرانية قبل ثماني سنوات منفردةً، خشيةً من سلوك الإدارة الأميركية بقيادة أوباما، إلا أن القيادات العسكرية والأمنية -سواء كان الموساد أو الشاباك- رفضت هذا التوجّه، ونجحت في كبحه.

وأشار أبو شنب إلى أن الأوساط الاستخبارية والعسكرية تفضل الخيارات العملياتيّة الإستخباريّة على خيار الضربات العسكرية المباشرة، فهي أقلّ كلفة وأبعد عن الدخول في مواجهةٍ مباشرةٍ مع إيران.

وتابع: لذلك، لن يكون الموقف الإسرائيلي مشجّعاً لتوجيه ضربةٍ عسكريةٍ لإيران خلال الأيام القادمة، إلّا في حال ضمنت “إسرائيل” عدم الردّ من الجبهات المتعدّدة عليه، وتفضّل الأوساط المؤسساتية في الموساد وقيادة الجيش تعطيل البرنامج النووي الإيراني عبر العمل الاستخباري الذي لا يُظهر البصمة الإسرائيلية بوضوح.

وأوضح أن “إسرائيل” مع أي عمل لا يُلحق بها الضرر على غرار اغتيال القائد الإيراني الكبير قاسم سليماني، مع تمسّكها بالخيارات الأخرى الأفضل لها.

لن توقف البرنامج النووي
أما الكاتب ناصر ناصر فقد طرح تساؤلا: كيف تستطيع أجهزة الأمن الاسرائيلية والأمريكية اختراق قلب الأمن الإيراني في طهران.

يؤكد في مقالة نشرت عبر “المركز” أن إيران لم تنجح حتى الآن في تشكيل رادع يمنع استمرار الهجمات ضدها رغم أن مشروعها النووي على ما يبدو يتقدم. 

ويتوقع أن تزيد العملية من إصرار إيران وتمسكها بمشروعها النووي، وقد يضع الاعتداء المزيد من العقبات في وجه بايدن في حالة محاولته العودة للاتفاق النووي، وقد يكون هذا هو المقصود الأول من العملية.

كما أكد أن تصريحات نتنياهو تشير إلى تورط “إسرائيل” بالعملية، وتبجّحه بالاغتيال حتى قبل وقوعه، حيث قال: لا أستطيع بأن أشارككم بعض الأشياء التي فعلتها هذا الأسبوع، ولكن أود أن أقول لكم إنّ هناك شيئًا ما يتحرك في الشرق الأوسط، وأن أمامنا مدةً متوترة .

وقال ناصر: عملية اغتيال زاده زودّت ترمب ونتنياهو بما يريدانه بالضبط؛ فالأول كان يبحث عن ضربة قبل مغادرته، وها هي تتحقق على صورة إنجاز معنوي وفي إطار كيّ الوعي الإسلامي والإيراني، أما نتيناهو فستخدمه هذه العملية كثيرا في استعداداته لمواجهة خصومه السياسيين في الداخل في انتخابات مارس أو يونيو القادم للكنيست الاسرائيلي. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات