السلطة الفلسطينية والدور الضعيف

انعقد في البيت الأبيض عام 1993 اتفاقية السلام الفلسطيني الإسرائيلي والتي كان من مخرجاتها تكوين ما عرف باسم السلطة الفلسطينية لتستمر المفاوضات لمدة خمس سنوات كما قرروا لها، حيث تنتهي بتكوين الدولة الفلسطينية.
ولكن المفاوضات استمرت حتى وصلت لطريق مسدود ولم يحصل الفلسطينيون على بعض حقوقهم ولكن الصهاينة أمعنوا في الضغط على الفلسطينيين حتى قام شارون عام 2000 بزيارته المشؤومة للمسجد الأقصى متحدياً بذلك الشعور الوطني والإسلامي للجماهير الفلسطينية والمسلمة فاندلعت انتفاضة الأقصى والتي قلبت المعادلة وأثبتت أن الشعب الفلسطيني رقم صعب وأنه يملك من مقومات القوة ما يمكنه من تغيير الموازين بعد أن ثبت له أن مسيرة التسوية لم تقرب الفلسطينيين من أي نتائج مرجوة من المفاوضات.
ثم ارتفعت حدة المواجهات مما دفع بالعدو الصهيوني بشن حرب على السلطة الفلسطينية منقلباً عليها ولو أنها شريكه التفاوضي واستخدم كل أساليب الضغط السياسي والإعلامي والاقتصادي، ثم دك مؤسساتها عسكرياً في محاولة أن يدفعها للاستسلام بسبب عدم تماشيها مع ما تصوره مهندسو التسوية الإسرائيليين والأمريكيين من وظيفة وأهداف.
إن هذه الحملات المسعورة ضد الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية تدل أن هذا السلام هو سلام بين قوي منتصر وآخر ضعيف مهزوم، وأثمرت حملات الضغط إلى تراجع السلطة في ظل هذه الهجمة الشديدة إلى محاولة إقناع الجانب الصهيوني في تخفيف ضغطه واستئناف المفاوضات، وذلك بقيامها بمنع المقاومة الشعبية العنيفة مثل إلقاء الحجارة وأبدت استعدادها للتعاون الأمني بشكل أكبر مع الكيان الصهيوني وداعمه الأكبر الولايات المحتدة والذي أثمر زيادة الانفصال بين السلطة الفلسطينية وبين الفصائل المقاومة المعارضة لمسار التسوية وقطاع عريض من الشعب الفلسطيني.
إن هذا التنسيق والتعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني تمكن من نزع مخالب المقاومة الفلسطينية من الضفة الغربية وتمكن من إخماد أي تحرك شعبي منتفض وتوجيهه ليظل هبة مؤقتة سرعان ما تخفت وتزول وبالرغم من كل ها التعاون لم يحصل أي تقدم في المفاوضات.
فلم تعلن الدولة الفلسطينية وانحصر أداء السلطة في دور وظيفي مستخدم لخدمة الاحتلال حتى جاء ترامب بمشروعه المتهور ليقوم بتصفية القضية الفلسطينية وكما يريد الصهاينة، وهذا يعني أن لا دولة فلسطينية ولا عودة للاجئين ولا قدس عاصمة للفلسطينيين، مما أدى إلى حشر السلطة الفلسطينية في زاوية لا تحسد عليها.
وبدأت السلطة تتعرض لضغوط دولية حتى أن بعض الدول العربية توقفت عن دعمها وصمتت عن الاعتراض أو الاستنكار وقامت الدول المطبعة بطعن السلطة في ظهرها إيذانا بانتهاء صلاحية هذه السلطة.
ولما شعرت السلطة الفسطينية بانتهاء أيامها واقتراب إلغائها هرولت نحو المصالحة الفلسطينية مع الفصائل المقاومة لترد شيئاً من الاعتبار لها ولتظل في موقع المقدمة أمام الشعب الفلسطيني واستبشر الناس خيراً وتمت الزيارات واللقاءات والتصريحات وكان معظمها يخلو من الحديث عن أوسلو ومخرجاته.
ولكن بعد فوز بايدن وتصريحاته حول القضية الفلسطينية لاحظنا التغير في سلوك وتصريحات مسؤولي السلطة الفلسطينية باستعدادهم لإعادة مسار التفاوض الأمني والتوقف عن مسار المصالحة.
إن مسيرة التسوية الطويلة نجحت في تحويل الفدائيين القدامى في قيادة السلطة إلى “بيت الطاعة” الأمريكي والإسرائيلي فأصبحوا لا يروا غنى عن البقاء في هذا البيت وأن أي محاولة لغير ذلك هو نفخ في رماد وصيحة في واد، وهذا يثبته التحول السريع في الموقف وكأن بايدن سينصف الشعب الفلسطيني أو السلطة الفلسطينية.
إن المراهنة على الإدارة الأمريكية الجديدة هو لهث وراء السراب فالإدارات الأمريكية المتعاقبة ظلت منحازة دائما للكيان الصهيوني، وإن هذا الوهم والتسارع نحو مسار التفاوض ليؤكد أن هؤلاء القوم لم يقتنعوا بعد بفشل هذا المشروع وأنهم لا زالوا يعتقدون أن وجود السلطة الفلسطينية هو هدف لذاته بل أنه من أهم أهداف الشعب الفلسطيني وهذا يعني مزيداً من التدهور للقضية الفلسطينية في المرحلة القريبة حال استجابة السلطة للضغوط الأمريكية والإسرائيلية أو المراوحة في نفس المكان السابق دون تحقيق أي تقدم يذكر للشعب الفلسطيني وهذا ما ستشهده الأيام القادمة والله أعلم.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الجبهة الشعبية تحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير القائد أحمد سعدات
فلسطين المحتلة- المركز الفلسطيني للإعلامحملت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الاحتلال الصهيوني، ورئيس حكومته الفاشية بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه إيتمار...

إصابة 3 مواطنين واعتقالات بمداهمات للاحتلال في الضفة
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامأُصيب ثلاثة مواطنين بكدمات وكسور، واعتُقل آخرون، خلال شن قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الثلاثاء، حملة...

حماس: العدوان على اليمن جريمة حرب وإرهاب دولة ممنهج
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام دانت تدين حركة "حماس" بأشدّ العبارات العدوان الاسرائيلي على اليمن، والذي نفّذته طائرات جيش الاحتلال، واستهدف مواقع...

تحذيرات من انهيار كامل لمستشفيات غزة خلال 48 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الإثنين، من أن مستشفيات القطاع على شفا الانهيار خلال 48 ساعة بفعل منع...

غوتيريش: توسيع إسرائيل هجماتها بغزة سيؤدي لمزيد من الموت والدمار
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن خطة إسرائيل لتوسيع هجماتها على غزة ستؤدي إلى مزيد من الموت...

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن
صنعاء- المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...

9 شهداء بغارتين إسرائيليتين في مخيم النصيرات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 9 شهداء على الأقل، وأصيب عدد كبير من المواطنين بجروح، الإثنين، جراء غارتين شنتهما مسيّرات إسرائيلية، على منطقة...