عهد الشيخ.. الخدع البصرية لعبته وخشبة المسرح وطنه الفنّي

تتخطى موهبة الفنان الشاب عهد محمد الشيخ (21 عاماً) حدود الواقع وبصيرة الجمهور، وهو يقدم لوناً جديداً من الفن لم يألفه الناس في قطاع غزة.

الدهشة والإعجاب هي خيارك الوحيد وأن ترى طائر الحمام يقفز من قطعة قماش، أو تتابع اختفاء إحداها من صناديق سحرية فوق خشبة المسرح.

وبدأ عهد احتراف “فن الوهم” منذ ست سنوات؛ تأثراً بمشاهد تابعها على وسائل الإعلام أعجبه فيها اندهاش الجمهور بألعاب “خفة اليد والخداع البصري والعقلي”.

وينقسم “فن الوهم” إلى مستويين يقدم فيه محبوه في غزة “السحر القريب” في الشارع، وآخر على خشبة المسرح، لكن قلة من يتقن الفن في القاعات المسرحية.

ويحظى فن الوهم بتفاعل المشاهدين والجماهير في كل العالم، وتتناسب الخدعة مع عمر المشاهد، فالخدع المقدمة للصغار تختلف عن أخرى يتابعها الكبار.

وعلاوة على الجانب الترفيهي لرؤية أشياء غير متوقعة مثل حمام تطير من قطعة قماش صامتة، يدخل فن الوهم في إطار علوم مثل الفيزياء والكيمياء والطب والهندسة مستخدماً خواصها وإمكاناتها لصناعة خدع بصرية.

موهبة فريدة
أغرت خدع بصرية شاهدها عهد لمحترفين يخلطون الأوراق والعملات ويلعبون بالكرات والمناديل ليجرب تكرارها بنفسه بعد اللجوء لمصادر علمية وكتب أجنبية بعدة لغات تشرح “فن الوهم”.

ويعد الفنان عهد واحداً من 5 محترفين يؤدون هذا الفن فوق خشبة المسرح بغزة في حين يضم الشارع بغزة 300 لاعب خفة بقدرات متفاوتة.

ويقول عهد لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أدهشني كيف يخفي أحدهم ويظهر طائر الحمام من منديل أمام الجمهور فبدأت التفتيش عن هذا الفن وأنا في الثانوية العامة، ونجحت في تقديم عروض كلوز أب ماجيك في الشارع”.

تقاسم عهد مع أحد أصدقائه أداء العروض في الشارع، وعندما نال شهرةً بدأ ممارسة فن الوهم على خشبة المسرح مؤدياً عروضاً برعاية شركات تجارية في مناسبات ومهرجانات فنية.

ويتابع: “قبل عام شاركت في مهرجان فيس غزة للمواهب مع 600 موهبة تقلّصوا إلى 60 ثم إلى 11 كنت في مقدمتهم، حاولت لاحقًا دمج خدع جديدة”.

كتب فنية
رفض عهد تكرار تجاربه الفنية التي اعتمدت على الوهم والخداع البصري في الشارع “كلوز أب ماجيك”، واجتهد في تنويع العروض والفن بشكل أكثر صعوبة وتجديدا فوق خشبة المسرح.

لجأ إلى شبكة الإنترنت فوجد كتباً بالفرنسية والانجليزية، وبدأ بدراسة أصول الفن وترجمة كثير من القواعد والتعرف على ألوان جديدة في الفن مطوّراً ما يلزم لمجتمع غزة.

ويرجع عهد أصول الفن إلى الحضارة الفرعونية عندما كان خدم الملوك يخفون الغنائم ويوزعونها على الفقراء دون علم أسيادهم، لذا احتاجوا إلى الخدع، ثم ظهر الفن لاحقاً في فرنسا وبعدها بريطانيا.

ويضيف: “القاعدة تقول لا يوجد خدعة تعاد مرتين، وهناك خدع علمية تخص علم الفيزياء والكيمياء تحدث ترفيها للجمهور، وأخرى تستخدم خداع المرآة وتقلل المساحة والحجم”.

استغرق البحث العلمي والترجمة 6 أشهر قبل النزول للميدان الفني مجدداً وفي جعبته الجديد المبهر، مركزاً على ما أسماه “عناصر التشتيت- الإيحاء- التنويم”، وبعد عام ونصف أطلق على نفسه بثقة وصف “لاعب خفّة”.

ويعتمد فن الوهم على موهبة الفنان وإتقانه لما يؤديه بإبداع، وبحاجة إلى صفات شخصية لنيل ثقة الجمهور وانتباهه.

ونجح عهد مع صديقه في تعليم 32 شابا دورة لاعب خفّة لها 7 مستويات، قدموا منها 3 وبقيت أسرار أربعة أخرى في جعبتهم.

ويتابع: “فن الوهم المسمى كلوز أب ماجيك أتقنه، ولدينا قدرة على تحليله بعد طول دراسة معمقة، لكن الإبداع الحقيقي في ستاج ماجيك فوق المسرح”.

ووجد عهد أن بريطانيا خصصت مركزاً علميًّا يضم كتباً وخبراء لدراسة وتطوير فن الوهم يشارك فيه لاعبون عالميون ضمن اتحاد عالمي.

وأدهش عهد المشاهدين وهو يخرج لهم طائر الحمام من صورة ثابتة طارت فوق رؤوسهم أو عندما ظهرت من قطعة قماش وردة تحولت إلى حمامة وطارت.

سحر كورونا
ولم تحجب جائحة كورونا مشوار عهد الفني؛ فلجأ إلى مواصلة اللعب وممارسة الموهبة “أون لاين” مجهّزاً فيديوهات مصوّرة، وإن كان كثير من الخدع بحاجة لعمل خارجي.

ويضيف: “بدأت دورة إعداد ممثل لتقوية الجانب المسرحي في شخصيتي. أحب الكمبيوتر والتقنيات وتجديد الخدع. موجود الآن شركات تقدم خدعا بسيطة وجاهزة كسلع مثل ورقة تتحول لفراشة وتطير، وبالإمكان تعلم خدع بسيطة من الإنترنت”.

ويواصل عهد المشاركة في مهرجانات وعروض فنية في قطاع غزة يعرض فيها خدع فن الوهم عرضًا ترفيهيًّا يخفف من قسوة الحياة في غزة المحاصرة متقاسماً لوناً من الفن مع فنانين عالميين يأمل أن يصل لدرجة احترافهم.

ويرجو عهد أن يحمل المستقبل له احترافاً دوليًّا في فن الوهم يقدم فيه عروضا جديدة فوق خشبة المسرح، وأن ينال الفن اهتماماً علميًّا يدرس فيه المبتدئون والمحترفون أصوله ومجالاته.