للتحرك من أجل الفلسطينيين في العراق

حالة اللاجئين الفلسطينيين في العراق تستوجب التحرك العاجل والدائم. نعم لقد حدثت تحركات سابقة، لكن لم تكن تحمل التنظيم الكافي للضغط على القوى الحاكمة لتغيير نهجها. فالاختطاف العشوائي ما يزال حاضراً، ولا يُعرف مصير المخطوفين منذ سنوات. ولم يُحاكم أي من القتلة المعروفين، والذين تسببوا بقتل حوالي 600 فلسطيني في العراق منذ الاحتلال الأميركي عام 2003.

إضافة إلى ذلك، فإن القوانين التي تجرد الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية، ما تزال تصدر، فتحرمهم من أبسط حقوقهم في الإيواء والعمل والحصول على التموين، بما يشبه الإبادة المباشرة والمكشوفة وحتى غير المستترة بأي من الحيل القانونية التي سار عليها الحاكمون لفترة معينة، ثم أسفروا عن وجوههم وصار استهداف الفلسطينيين دون تقديم أية أعذار.

لم يكن استهداف الفلسطينيين في العراق صدفة، بل هو ممنهج لتحقيق أهداف واضحة. أولى هذه الأهداف محاولة خلق شرخ بين الشعب العراقي والشعب الفلسطيني، وهي علاقة تاريخية مبكرة. وحتى لا نعود إلى زمن قديم، فهناك في التاريخ الحديث الكثير من الشواهد على عمق هذه العلاقة، وعلى دم عراقي وفلسطيني اختلط ورسم معالم في التاريخ.

فعام 1942 كان الفلسطينيون جزءاً أساسياً من قيادة ثورة رشيد عالي الكيلاني ضد الإنكليز، بل إن المفتي أمين الحسيني كان القائد الفعلي لهذه الثورة، ومرشدها الروحي، كما أثبتت كتب التاريخ، ومذكرات العديد من صانعي تلك الثورة.

أما مشاركة الجيش العراقي في حرب فلسطين عام 1948، فلا ينساها الفلسطينيون أبداً، خصوصاً تلك المآثر التي سجلها هذه الجيش في الضفة الغربية ومدينة جنين بشكل أساسي، واستطاع الجيش العراقي والمجاهدون الفلسطينيون تحريرها بعد أن لم يبق غير قلعتها بيد المجاهدين، وقد شيد الفلسطينيون مقبرة دفنوا فيها شهداء الجيش العراقي تكريماً لهم. وبلغ هذا التآخي والاندماج حدّ أن شكل العراقيون فرقة فلسطينية عسكرية هي فرقة الكرمل وضموها للجيش العراقي، وقاتلت في حرب 1948.

ما تقدّم للإشارة إلى العلاقة التاريخية ومحاولات ضربها منذ الغزو الأميركي عام 2003 من خلال أعمال إجرامية، قادت معظم الفلسطينيين في العراق إلى الصحاري والمنافي. أما اليوم فالمطلوب الضغط الإعلامي والسياسي على الحكومة والأحزاب العراقية من أجل تعديل القوانين المجحفة بحق الفلسطينيين، والكشف عن مصير المختفين، وإطلاق سراح الفلسطينيين المعتقلين. ومن باب الانحياز للعدل المطلوب من المؤسسات الحقوقية والأفراد والشعوب التفاعل الجدي مع كل التحركات الهادفة لتحقيق هذه المطالب.