الإثنين 24/يونيو/2024

كورونا.. الجائحة تلقي بظلال قاتمة على رياض الأطفال بغزة

كورونا.. الجائحة تلقي بظلال قاتمة على رياض الأطفال بغزة

هذا هو الموسم الثاني الذي تجهض فيه جائحة كورونا بغزة بسمة رياض الأطفال، وتعطّل العمل في عشرات مؤسسات الطفولة في إطار التباعد الاجتماعي وإجراءات السلامة.

وأغلقت رياض الأطفال أبوابها نهاية أغسطس الماضي مع بدء الموسم الدراسي أسوةً ببقية المؤسسات التعليمية في غزة التي فرّقت فيها الجائحة بين الطلبة والمعلمين.

ولجأ عشرات الخريجين الجامعيين بغزة خلال سنوات الحصار إلى مغادرة مربع البطالة القسرية بافتتاح مشاريع رياض الأطفال تحت إشراف وزارة التعليم لكن انقطاع العمل سبب لهم خسارة تفوق إمكاناتهم المتواضعة.

ووفق إحصائية وزارة التربية والتعليم بغزة؛ هناك أكثر من 695 روضة مرخصة تعمل بها 2851 مربية لم يتلقوا مساعدات في سياق الجائحة التي بدأت مارس 2020م.


null

تحدّي البطالة

قبل 3 سنوات قررت 5 فتيات أنهين دراستهن الجامعية افتتاح مشروعهن الخاص “روضة الأنامل الذهبية” وفق برامج نموذجية تعتمد تعليم الأطفال عدة مهارات في مرحلة “التمهيدي والبستان”.

وتشير آخر الإحصاءات الرسمية بقطاع غزة أن نسبة البطالة تخطت 61% من منهم عشرات الآلاف من الخريجين الجامعيين الذين عجزوا عن دخول سوق العمل.

وتقول سناء العفش، مديرة روضة الأنامل الذهبية بمخيم النصيرات: إن العمل مضى بسلام في العام الأول، لكن المشروع تعرّض للخسارة في عامه الثاني عندما حلت جائحة كورونا في مارس 2020م، وبدأ الأهالي بالمطالبة بالرسوم التي دفعوها.

وتضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لدينا أجرة مكان شهرية بقيمة 250$ وأثاث وألعاب نطوّره كل عام، وبرامج تعليم القاعدة النورانية، والتعلم باللعب، وتحسين مهارات النطق، والدعم النفسي، ولقاءات وتقارير شهرية مع أولياء الأمور”.

ويعيش آلاف الأطفال في قطاع غزة ظروفاً إنسانية صعبة بسبب الفقر وبطالة معيليهم بعد أن وجدوا أنفسهم حبيسي جدران المنازل التي تغيب عنها الكهرباء ساعات طويلة؛ ما زاد من معاناتهم النفسية والتعليمية.

ولا يختلف الحال في روضة حمدية أبو مدين بمخيم البريج التي تضم 100 طفل؛ ففي مارس الماضي لم تحصّل الروضة بقية الرسوم التي تشكل عماد نفقات رواتب المعلمات والموظفات السبع.

وتؤكد سعاد السمّاك، مديرة روضة حمدية أبو مدين، أنها حاولت بداية صيف 2020م تعويض خسارة الموسم الماضي بالإعلان عن بدء التسجيل لكن 30 طفلًا انضموا فقط للفصول قبل انقطاع العمل بسبب الجائحة.

وتضم الروضة 5 خريجات جامعيات ومديرة وآذنة في الروضة التابعة لجمعية دار اليتيم، والتي فقدت موظفاتها مصدر رزقهن الوحيد ولازمن المنازل.

وفي مخيم المغازي الذي شهد ظهور أول إصابات فيروس كورونا في 24 أغسطس 2020م أغلقت روضة “شموع الغد” أبوابها للمرة الأولى بعد مشوار امتد 12 عاماً.

بدأت روضة “شموع الغد” عملها بمبادرة فردية من مديرتها فاتن إسماعيل انضم معها 4 فتيات من الخريجات الجامعيات اللاتي لم يحصلن على فرصة عمل فقبلن العمل بأجر منخفض في روضة ضمت 120 طفلًا.

وتضيف المديرة فاتن إسماعيل لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “سجلنا الأطفال في أول يوم لظهور أول إصابة في قطاع غزة بالمخيم، وسجل 32 طفلًا دون دفع شيكل واحد، وتعرضنا العام الماضي لخسارة تفوق إمكاناتنا، والأهالي الآن امتنعوا عن العودة خوفاً من الجائحة ولو باتباع إجراءات السلامة”.



قطاع متضرر

 وانتشرت في قطاع غزة منذ بدء الحصار عام 2006م مهن ومشاريع صغيرة مع ازدياد نسبة البطالة والفقر، وأضحت شوارع وأزقّة مخيمات قطاع غزة موقعاً لمشاريع ومجالاً لبيع سلع بسيطة يحاول أصاحبها تحدّي شبح البطالة والفقر.

ويعدّ قطاع رياض الأطفال من أكثر المشاريع والمهن التي تضررت بسبب جائحة كورونا، والتي لم تتلقَّ أي مساعدات من جهات محلية أو حكومية منذ مارس 2020م.

وتقول سناء العفش مديرة روضة “الأنامل الذهبية”: إن المربيات لم يحصلن على جزء كبير من رواتب العام الماضي، في حين لم يحصلن على شيء في هذا الموسم.

وتتابع: “الروضة مغلقة ومع ذلك لدينا تكلفة شهرية لأجرة المكان ورواتب غير مدفوعة، فلا يوجد دوام، ولا يوجد دفع رسوم، ولم ننل أي تعويض من أي جهة إغاثية أو حكومية، والأهالي يطالبون بسحب رسوم الأطفال المسجلين مبكّراً”.

وتراوح رواتب معظم مربيات رياض الأطفال بين (250-500) شيكل شهريًّا يحصلن عليها من رسوم الدراسة السنوية، ومعظمهن من الخريجات الجامعيات وذوات الخبرة الطويلة في المجال التربوي.

وتتساءل سعاد السماك -مديرة روضة حمدية أبو مدين- والتي تعدّ من أقدم مؤسسات رياض الأطفال في مخيم البريج، عن مصير العمل ونفقات الرواتب؟!.

وتضيف: “ترقبنا أن نكون ضمن أي كشف للمساعدات من متضرري جائحة كورونا، وسجلنا أسماءنا لننال مساعدة إغاثية بواسطة أحد المؤسسات دون أن نحصل على شيء. المربيات وضعهن المالي صعب، وفقدن مصدر دخل بسيطا لكنه كان قديماً مستمرا”.  

وبدأت فاتن إسماعيل -مديرة روضة “شموع الغد”- التفكير في التخلي عن مشروعها الذي بدأ قبل 12 عامًا، والذي عانت مراراً في سداد نفقات أجرة موقعه (300 شيكل)، لكنها الآن عاجزة بالكامل عن فعل أي شيء لنفقة الأجرة وزميلاتها.

وتقول: “2400 شيكل أجرة المكان السنوي، ونحن خلال عام لم يدخل علينا شيكل واحد، وحاولنا بدء الموسم بحال صعب، وأخبرنا الأهالي أننا سنحافظ على إجراءات السلامة، لكن مخيمنا سجل أول إصابة بغزة، وأصاب الناس خوف كبير، ولا أتوقع أن نعود للعمل هذا العام”.

وتهدد جائحة كورونا روضة فاتن التي أُقيمت بمبادرة فردية دون دعم أي مؤسسة بالإغلاق بعد أن حاولت مراراً التواصل مع عدة جهات خيرية ومحلية للنظر في مصير الروضة.

وقفزت تفاصيل جائحة كورونا في غزة المحاصرة عن مصير قطاع رياض الأطفال الذي يعيش ظروفاً اقتصادية هشّة ويعتمد في نفقاته على رسوم الأطفال السنوية؛ الأمر الذي سيلقي بالمربيات والموظفات مرةً أخرى بين فكي شبح البطالة المتعاظم.


من الأرشيف

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات