الإثنين 24/يونيو/2024

الدكتور نضال جبارين.. القتل ثمن العبور

الدكتور نضال جبارين.. القتل ثمن العبور

بابتسامة وتوكل على الله لطلب الرزق، توجه الدكتور نضال أكرم جبارين من منزله في حي مراح سعد في جنين شمال الضفة الغربية إلى بلدة برطعة الشرقية، المعزولة خلف جدار الفصل العنصري جنوب جنين من أجل استقبال زبائنه من فلسطينيي 48 الذين اعتادوا ارتياد عيادته في طب الأسنان.

يستلزم مرور الدكتور جبارين وباقي المواطنين من العمال وأصحاب الأعمال وسكان تلك المنطقة؛ المرور من حاجز برطعة العسكري، أو ما يعرف بمعبر برطعة، ذلك أن جدار الفصل العنصري الذي أقيم عام 2003 عزل برطعة وعدة بلدات أخرى خلف الجدار، وأصبح الدخول إليها يستلزم تصريحا من سلطات الاحتلال ومرورا من بوابة عسكرية.

الدكتور جبارين واحد من مئات المواطنين الذين لهم منشأة أو محل تجاري في بلدة برطعة الشرقية، فبحكم وقوع برطعة خلف الجدار؛ أصبح وصول فلسطينيي 48 إليها لا يستلزم الدخول من خلال معابر، فأقيم فيها سوق تجاري مركزي بات يضاهي السوق المركزي بجنين، ما حدا بتجار وأطباء وحرفيي جنين ممن لهم ارتباطات أعمال مع فلسطينيي 48 إلى افتتاح مراكز لهم في برطعة.

وفي سنوات الإغلاق التي تعرضت لها مدينة جنين، ومنع خلالها فلسطينيو 48 من دخول المدينة عبر معبر الجملة، كانت سوق برطعة تشكل بديلا مؤقتا مع كل ما تحمله من معاناة، ولكن كرونا أعادت فرض حصار من نوع مختلف على محافظة جنين على وجه الخصوص.

معابر الاحتلال
يقول التاجر محمد شواهنة لمراسلنا إنه منذ بدء جائحة كرونا أغلق معبر الجملة؛ فشلت الحياة الاقتصادية بجنين، ولكن بعد أن فتحت جميع المعابر الأخرى مع باقي المحافظات لم يفتح معبر الجلمة حتى الآن، ما جعل جنين تعاني حالة كساد أشد من الحالات التي كانت تعانيها خلال الانتفاضات المتلاحقة.

وأضاف: عمد عديد تجار وأصحاب مهن للتوجه مجددا وتجديد أعمالهم في سوق برطعة لعلهم يعوضون جزءا من تعطل أعمالهم بجنين بسبب إغلاق معبر الجلمة.

ولا تعد جنين مكانا تجاريا فقط لفلسطينيي 48، بل أيضا يعدُّ فلسطينيو 48 الزبائن الأساسيين لكثير من عيادات طب الأسنان في المحافظة، وبالتالي توجه الدكتور جبارين لتخصيص جزء من وقته للعمل في عيادته في بلدة برطعة مارا من حاجز برطعة مرورا قانونيًا وطبيعيا كما آلاف آخرون يرتادونه يوميا.



مر الدكتور جبارين بالبوابة كما المعتاد، وعاد منها كما المعتاد، ولكن صلف جنود الاحتلال في التعامل مع المواطنين كان ثمنه غاليا هذه المرة، وفق رواية المواطن إياد قبها والذي كان قريبا من المكان.

يقول قبها لمراسلنا: دائما كان لنا شكاوى من طريقة تعامل جنود الاحتلال على معبر الجلمة مع المواطنين، فبالرغم من محطات التفتيش المتدرجة، مرورا بالمماطلة وغرفة التفتيش، وأحيانا التفتيش العاري، إلا أن الأمر يخضع أحيانا لمزاج جنود في تعطيل حركة المواطنين أو توقيفهم لفترات داخل ممرات المعبر أو ترهيبهم لأسباب في غالب الأحيان تكون تافهة.

وأضاف قبها: لم يعد معبر الجلمة الممر الوحيد، فمنذ أكثر من عام نشطت في المنطقة الفتحات العشوائية في جدار الفصل العنصري والتي يمر منها العمال والمواطنون دون تصاريح، وهي ليست بعيدة عن أعين الاحتلال الذي يتعامل معها بمزاجية ، فأحيانا يغض الطرف عنها، وأحيانا يلاحق المواطنين بالرصاص والقنابل الصوتية والغازية والتنكيل.

وأضاف: لا يعير الجنود اهتماما للمواطنين حين يلقون القنابل الصوتية والغازية، ولا أين تقع هذه القنابل، وأحيانا يكون الضحايا من كبار السن الذين ليس لديهم مرونة الشباب في الحركة.

وقع الدكتور نضال جبارين ضحية لعمل استفزازي من جنود ألقوا قنابل صوتية وغازية على مقربة منه بالرغم من أنه لم يكن يشكل أي خطر، ويمر مرورا طبيعيا في مسرب الممر المعتاد للعودة، ولكن قدر الله أصابه بسكتة قلبية للموقف المفاجئ الذي وجد نفسه به، فارتقى شهيدا.

يقول عضو مجلس قروي برطعة غسان قبها لمراسلنا: يشكل معبر الجلمة مكانا يوميا للمعاناة،، سيما لأولئك الذين يضطرون للعبور منه يوميا، وكان لنا في المجلس شكاوى عديدة على سلوك الجنود على المعبر، وطريقة التفتيش والتعامل مع المواطنين.

وأشار إلى أن القرى المعزولة خلف جدار الفصل العنصري تعاني وضعا خاصا، وإن كان متفاوتا من مكان لآخر، إلا أنه يبقى سجنا من نوع خاص لسكان هذه المناطق ومرتاديها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات