الجمعة 27/سبتمبر/2024

يقودها أنظمة.. هكذا تفشل عجلة التطبيع في كيّ الوعي العربي والإسلامي

يقودها أنظمة.. هكذا تفشل عجلة التطبيع في كيّ الوعي العربي والإسلامي

منذ اتفاقية “كامب ديفيد” بين “إسرائيل” ومصر عام 1978م، وبعض الأنظمة العربية تحاول دهن عجلة التطبيع بالعسل، ورغم كل ذلك فإن التطبيع لا يزال مرفوضًا على صعيد الشعوب العربية والإسلامية.

وتحتفظ حكومات وأنظمة عربية بعلاقات خفيّة وأخرى معلنة مع “إسرائيل” توّجتها الإمارات بالإعلان قبل أيام عن بدء علاقات دبلوماسية كاملة مع “إسرائيل” وفق مشروع صفقة القرن التي تمهّد لمشاريع تطبيع أخرى مع دول في الإقليم.

ورغم مسعى “إسرائيل” والولايات المتحدة الإستراتيجي في قيادة المنطقة واختراق موقف العرب والمسلمين الرسمي والشعبي التاريخي للوصول إلى تطبيع كامل للعلاقات إلا أن فكرة وقبول التطبيع لا تزال مرفوضة شعبياً؛ إيماناً بعدالة القضية الفلسطينية، وعدوان الاحتلال على فلسطين التاريخية ومقدساتها.

فشل تاريخي

اليد الإسرائيلية الملوثة بقتل الآلاف من جنود وضباط الجيوش العربية، إضافة لاغتيال العلماء والمفكرين العرب، لن يبددها صابون التطبيع الذي يعِد المنطقة بالازدهار ملوحا بخطر المشروع الإيراني على منطقة الخليج. 

ولا تزال أحزان الآلاف من الأسر العربية التي خاض أبناؤها حروبًا مع “إسرائيل” طازجة، ولعل أبرزها، ما جرى عام “1948-1956-1973-1982 وعدوان غزة 2008-2014م”، عدا عن جولات أخرى من العدوان في الضفة والقدس وعواصم عربية.

ويؤكد محمد لافي، الخبير في الشئون الأمنية، أن اتفاقية “كامب ديفيد” 1978م، لم تنجح في إقناع الشعب المصري بسلامة التطبيع مع عدو قتل عشرات الآلاف من أبنائه.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “بقيت مؤسسات التعليم بمصر والأزهر ترفض قبول إسرائيل رغم اتفاقية رسمية مع الحكومة، وظهرت كثير من الأعمال الفنية والدرامية ترفض عدوان إسرائيل، واستمر الانتماء لقضية فلسطين”.

وحظيت بعض الأعمال الفنية التي تناولت قضايا اليهود انتقادات واسعة في الوسط العربي كان آخرها مسلسل “أم هارون” الكويتي، ومسلسل “حارة اليهود” المصري، و”مخرج7″ السعودي، وعارضتها أعمال قديمة وجديدة مثل مسلسل “صقر فلسطين”، و”دموع في عيون وقحة”، و”رأفت الهجان”، و”العميل 1001″، و”الزيبق” عدا أفلام كثيرة تناولت الصراع العربي الإسرائيلي.

ويشير الخبير لافي أن الشعوب العربية والإسلامية متمسكة بهويتها وقضية فلسطين، وأن التطبيع أو توقيع اتفاقيات ظل محصوراً على صعيد حكومات وإعلام نخبوي ومؤسسات اقتصادية وأنشطة أخرى.

رفض شعبي

 دمج “إسرائيل” ككيان غريب فوق أرض فلسطين المغتصبة هو جوهر عمليات التطبيع التي لم تنجح في إقناع المواطن العربي بحق “إسرائيل” في الوجود أو تقبل استمرارها. 

وعلاوةً على موقف رئاسة السلطة الفلسطينية وحركة حماس الرافض لاتفاق التطبيع بين الإمارات و”إسرائيل”، أدانت دول ومنظمات عربية وإسلامية الاتفاق، وأكدت أخرى تمسّكها بالقضية الفلسطينية.

ويقول الخبير لافي: إن بداية أي مقاومة تحتاج لحاضنة وبيئة عمل، والبيئة هي وعي وإدراك الشعوب العربية والإسلامية التي لا تزال متعاطفة ومؤمنة بعدالة قضية فلسطين، والخطر أن ينزل التطبيع من الحكومات للشعوب الرافضة حتى الآن.

ويربط درداح الشاعر -أستاذ علم الاجتماع- قبول التطبيع على المستوى الشعبي بفكرة قبول العدو والاستعمار الذي تقبلته بعض الأنظمة، لكن الشعوب ترفضه نفسياً واجتماعياً.

ويتابع الأكاديمي الفلسطيني لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “المواطن العربي يرفض الصهيونية، وشخصيته ترفض التنازل عن فلسطين المحتلة، ويعد فلسطين تمثل كيانه وشخصيته، وقبول التطبيع تفريط في تراثه الوطني والعربي”.

كما يشكل البعد الإسلامي والديني بما تضمه فلسطين مهد الديانات ومدينة القدس ومقدسات المسلمين والمسيحيين ركيزة أساسية في رفض تشريع وجود محتل فوق تراث ومقدسات، ويعدّها انتحارًا ثقافيًّا.

البعد الأمني

وعلى قاعدة التطبيع “جعل كل ما ليس طبيعيًّا طبيعيًّا” تحاول “إسرائيل” تسويق مشروعها للمنطقة بقبول بعض الأنظمة رغم الرفض التام من الشعوب العربية والإسلامية.

ما لم يجنه الاحتلال من عدوان وحروب واغتيالات في المنطقة بعد احتلال فلسطين وأجزاء من محيطها العربي يحاول كسبه اليوم بفتح علاقات دبلوماسية واتفاقيات مع حكومات حول فلسطين.

الدور الأمني كان محطة مهمة في الصراع حاول فيه الاحتلال منع العرب من إحراز تفوق سياسي وعلمي وثقافي؛ فمارس القتل والاغتيال طول عقود، وبقي في ذاكرة العرب أنه محتل قاتل لا يجوز قبوله.

يقول رامي أبو زبيدة -الباحث في الشأن العسكري-: إن اتفاقيات “إسرائيل” مع مصر والأردن ومؤخراً مع الإمارات العربية المتحدة أبقت كل مروّج عربي للتطبيع سواء كان صحفياً أو إعلامياً أو مفكراً عربياً مرفوضاً لدى شعوب المنطقة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “هناك سابقة الآن من شخصيات خليجية تتسابق مروجةً للتطبيع وتغازل المجتمع والحكومة الإسرائيلية في حين الشعوب كلها ترفض موقفهم وتعدّ فلسطين أرضًا مقدسة، وتؤمن بمجابهة عدوان الاحتلال المتكرر”.
 
ومارس جهاز الموساد الإسرائيلي وقادة الحركة الصهيونية طوال عقود مضت سلسلة اغتيالات لعلماء ومفكرين عرب في عدة دول عربية أهمها العراق ولبنان وسوريا وفلسطين ومصر؛ الأمر الذي ترك بغضاً لدور الاحتلال الأمني والسياسي في الإقليم.

ويلفت الباحث أبو زبيدة إلى خطورة التطبيع في المرحلة الحالية الذي يقوده رئيس جهاز الموساد “يوسي كوهين” الذي يزور دولا عربية ويمهّد للتطبيع مروّجاً لخطر النظام الإيراني ويؤسس للاختراق والتجنيد لا محالة.

واغتالت المخابرات الإسرائيلية بطرق شتى بدءًا من القتل بالرصاص والتفجير والسم والصدم بالسيارات والخنق بالغاز وطرق أخرى قادة العمل الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج، والحلقة مستمرة، يتقدمهم الرئيس عرفات عام 2004م، وأحمد ياسين 2004م، وأبو علي مصطفى 2001م، وخليل الوزير 1988م وآخرون.

وواصل الموساد اغتيال علماء ومفكرين عرب أبرزهم د.إسماعيل أحمد أدهم، عام 1940م، وهو مصري من أصول تركية وحاصل على الدكتوراه في الفيزياء الذرية، والدكتورة سميرة موسى، وهي عالمة ذرة مصرية اغتالوها عام 1951م، والعالم اللبناني حسن كامل الصباح، من نوابغ المخترعين في الرياضيات، والمصري يحيى المشد أحد أبرز علماء الذرة في العالم.

 كما طالت سلسلة الاغتيالات العالم نبيل القليني عام 1975، وسمير نجيب عالم الذرة المصري 1967م، والطبيبة السعودية سامية عبد الرحيم ميمني، وعالم الذرة الفلسطيني نبيل أحمد فليفل 1984م، وردشير حسن بور عبقري صناعة الصواريخ في إيران.
 
ويرى الباحث أبو زبيدة أن التطبيع المرفوض عربياً وإسلامياً لن يحقق نجاحاً على المستوى الشعبي، وجوهره مضرّ بالأمن القومي العربي، وهو يستخدم إيران ذريعة للتطبيع.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات