هجوم التطبيع الإماراتي

حينما أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر الجزائر عام 1988 استعدادها الدخول في تسوية مع الاحتلال الإسرائيلي سمّت ذلك بـ “هجوم السلام الفلسطيني”، وكأنها لم تخرج من الحرب والمقاومة، بل اختارت وجهاً آخر للثورة لا يقل تضحية!
سارت الإمارات العربية المتحدة هذا المسار أيضاً، فاعتبرت، بطريقة غير مباشرة، أن خطوة التسوية مع الاحتلال هي لكفّ بعض جرائمه، ومنها ضم أجزاء من الضفة الغربية، قبل أن يكذّب ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. أي أنها عدّت التسوية خدمة للفلسطينيين وتضحية إماراتية، وهو ما يمكن أن يُطلق عليه “هجوم التطبيع الإماراتي”، ولن تعجز عن الاستعانة بالقول الشهير “السياسة أحد وجوه الحرب”.
كان يمكن أن يُصدّق البعض أن التطبيع جاء إنقاذاً لأجزاء من الضفة الغربية، لولا أنه سابق بسنوات لصفقة القرن ودعوات الضم، ويشهد تسارعاً منذ عام 2014، وأصبح علنياً منذ ذلك الحين. هنا الخطر المضاعف؛ التطبيع الذي سبق التسوية.
فإذا كانت غاية التسويات التي أبرمها الاحتلال مع دول عربية الوصول إلى التطبيع الذي يحقق الهزيمة النفسية لشعوب المنطقة، والمكاسب الاقتصادية للاحتلال، إضافة إلى مكاسب أخرى، فإن هذه التسويات لم تحقق التطبيع المرجوّ من قبل قادة الاحتلال، نتيجة المناعة الشعبية العربية التي لا يمكن أن تقر بموازين قوى مؤقتة، وتعتبرها هزيمة أبدية ونهائية لشعوب المنطقة.
حكام الإمارات أرادوا كي الوعي الشعبي بتكثيق الخطوات التطبيعية العلنية خلال عشرات الفعاليات التطبيعية، نعم عشرات على أقل تقدير، على مدى السنوات الخمس الماضية، ووعود باستثمارات هائلة في اقتصاد الكيان الصهيوني، بالإضافة إلى الضغط الإماراتي الحالي على دول عربية ضعيفة اقتصادياً لدفعها باتجاه عقد تسويات مع الاحتلال. فالاحتلال يجني ثمار التسوية قبل حتى الخوض في تفاصيلها.
في دول عقدت تسويات مع الاحتلال كمصر والأردن، بقي السلام بارداً، وسُمح للشعب بحرية التطبيع من عدمه، فكان القرار الشعبي، على مستوى الأفراد والنقابات والأحزاب، بأن الكيان الصهيوني كيان محتلّ لا يمكن بناء علاقات طبيعية معه.
في الحالة الإماراتية الوضع مختلف تماماً، فمنذ بداية الألفية جرى محو الهامش السياسي المعطى لبعض الكيانات الثقافية. كما تعمّدت السلطات الإماراتية “تطهير” الجامعات والمدارس من الكوادر التي ترى في الإمارات جزءاً من تاريخ المنطقة، وتتبنى القضية الفلسطينية بثوابتها كقضية إماراتية. الخطوة الثانية أنه من انطلاق عملية التطبيع أجبرت السلطات الإماراتية المؤسسات الرسمية، وبعض المؤسسات الخاصة، على التواصل مع الاحتلال، بل ودفعت الكثير من الكتاب إلى مديح التطبيع. من هنا فإن التسوية الإماراتية الصهيونية تبدو هجوماً تطبيعياً بلا كوابح، من التاريخ، ولا المنطق، ولا حتى المصلحة الإماراتية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير من قتل ممنهج يتعرض له الأسير حسن سلامة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذر مكتب إعلام الأسرى من تعرض الأسير القيادي في حركة حماس حسن سلامة لتعذيب ممنهج في سجن مجدو الإسرائيلي، بهدف القتل....

3 شهداء بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوبي لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد ثلاث أشخاص، اليوم الخميس، في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة ميس الجبل جنوبي لبنان. وأفادت وكالة...

مستوطنون يهاجمون ممتلكات المواطنين في الأغوار الشمالية
طوباس - المركز الفلسطيني للإعلام نصب مستوطنون، اليوم الخميس، معرشا جديدا قرب خيام المواطنين في الفارسية، واعتدوا على ممتلكات إحدى العائلات قرب حاجز...

مسؤولان أميركيان: تحميل حماس مسؤولية الحرب لا يبرر تجويع غزة
واشنطن - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر مسؤولان أمريكيان سابقان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من جعل معاناة الشعب الفلسطيني سياسة رسمية لواشنطن...

أطباء بلا حدود: منع دخول المساعدات يهدّد الأنشطة الطبية في غزّة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير الأنشطة الطبية في منظمة أطباء بلا حدود الدولية، الطبيب أحمد أبو وردة، إن منع سلطات الاحتلال وصول المساعدات...

لليوم الثاني.. إسرائيل تحاول إخماد الحرائق وتترقب مساعدة دولية
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام تواصل فرق الإطفاء الإسرائيلية، اليوم الخميس، جهود السيطرة على الحرائق التي اندلعت في جبال القدس المحتلة،...

100 يوم من العدوان على جنين وسط دمار واسع للمنازل والبنية التحتية
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال عدوانها المتصاعد على مدينة جنين ومخيمها، لليوم الـ101 على التوالي، وسط دمار واسع طال المنازل...