الإثنين 08/يوليو/2024

المخطط الحكومي الجديد لليرموك.. رمزية المخيم تتهاوى!

المخطط الحكومي الجديد لليرموك.. رمزية المخيم تتهاوى!

أثار إعلان محافظة دمشق في الخامس والعشرين من شهر حزيران/ يونيو الماضي، الموافقة على المخطط التنظيمي الجديد لمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا ومنطقة القابون، المزيد من مخاوف أبنائه، الذين هجروا منه، إثر اندلاع المواجهات بين القوات الحكومية والتنظيمات المسلحة، قبل نحو تسعة أعوام.

ويتضمن المخطط التنظيمي الجديد، والذي بات يهدد كيان المخيم ورمزيته المتعلقة بالقضية الفلسطينية، تصورا لإعادة إعمار مخيم اليرموك على ثلاث مراحل، ضمن مدة زمنية لـ15 عاما، تبدأ المرحلة الأولى منه في المناطق ذات الأضرار العالية، ثم تنتقل إلى المتوسطة، والمرحلة الأخيرة ستكون للمناطق ذات الأضرار المنخفضة.

وتكمن خطورة المخطط الجديد، وفقا لساكني المخيم، في تغيير تنظيمه الهندسي بشكل كبير، واختفاء شوارع وحارات بما فيها من منازل ومرافق وأسواق.

ويرى الباحث المتخصص في شؤون اللاجئين، فايز أبو عيد، في حديثه لـ”قدس برس”، أن أهمية موضوع مخيم اليرموك تكمن في ممارسات الحكومة السورية على الأرض، إذ “تدعي أن المخطط عبارة عن تعديلات طفيفة على الأراضي خارج حدود المخيم، وهذا هو المستند القانوني التي تعزف على وتره لتمرير المخطط التنظيمي وجعله واقعاً على الأرض”.

وبيَّن “أبو عيد” أنَّ أراضي “اليرموك” تنقسم إلى أراضي المخيم القديم، وأراض زراعية، حيث وُسِّع على حسابها، والإشكال المهم، أنه يجب السؤال بدقة عن الأبنية التي أُنشأت قديماً خارج أراضي الهيئة العامة للاجئين، والتي حازت على رخص بلدية هندسية بموافقة السلطات المحلية.

وأردف: “أما بالنسبة لأراضي الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين، فالحكومة السورية ترى أنها تعود للدولة ممثلة بالهيئة العامة للاجئين، التي اعتمدت توزيع أراض على اللاجئين، وهي المالك الأساسي وتتبع الدولة السورية”.

 لكن، وفقا لـ”أبو عيد”، فإن اللاجئ الفلسطيني يملك الإنشاءات فوق الأرض، ويستطيع التقدم بدعوى اعتراض على قانون التنظيم، وفي حال قبوله، تعوضه الدولة أسوة بقوانين الاستملاك، (التي تعمل بها الدولة عندما تقرر تنفيذ مشاريع عامة أو شق طرق وغيرها… على أراضي المواطنين).

ويوضح أنَّ مثل هذه الدعاوى تستغرق عشرات السنوات، و”العادة في إصدار القوانين التنظيمية أن يكون هناك مهلة زمنية لتقديم التظلمات أو الاعتراضات، ممن تطالهم هذه القوانين”.

وعن إمكانية المواجهة القانونية، يعتقد “أبو عيد” أن الأمر عسير جدًّا بالنسبة للاجئين الفلسطينيين داخل سوريا، “بسبب أن الاعتراضات تقدم للجنة التي شكلتها الهيئة العامة”.

وأكد على ضرورة أن يكون هناك حراك إعلامي خارجي ومطالبات لـ”الأونروا” بتحمل مسؤوليتها وحماية اللاجئين وأملاكهم.

أما عن التعويضات المادية للمتضررين من أي مخطط تنظيمي في سورية، بما فيها مخيم اليرموك، يوضح “أبو عيد”، أنه يكون بحسب ما نصت عليه أحكام المرسوم التشريعي للاستملاك، وأنه يجري تقدير قيمة الأرض المستملكة وفق الأسس الواردة في القانون السوري وتعديلاته.

ويلفت “أبو عيد” إلى أن إجراءات التعويض تتضمن تقدير قيمة الأرض المستملكة بحسب قانون عمره أكثر من 25 عاماً، أي إنّ سعر المتر المربع، يقدر بحسب قيمة سعر الأرض قبل 25 عاماً.

ويضيف: هذا يعني أن “قيمة التعويض ستكون بخسة وغير منصفة، ولا يستطيع اللاجئ شراء أي عقار بثمنها، ما يعني أنه سيفقد المأوى ويبقى بالعراء، وفي حالة ضياع وتشرد، وقد خسر كل ما يملك”.

وشدد “أبو عيد” على ضرورة أن يكون الاعتراض على المخطط التنظيمي جماعيًّا وليس فرديًّا؛ لأن الضرر في هذه الحالة يمس سكان مخيم اليرموك كافة، في حين إذا تم الاعتراض عليه بشكل فردي، فإن ذلك لا يعطيه القوة الكبيرة، ويكون للدولة الحجة الدامغة، لأنها ستعدّ المصلحة الجماعية فوق المصلحة الفردية.

وأشاد “أبو عيد” بخطوة الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، في تشكيل لجنة فنية وقانونية مؤلفة من خمس شخصيات، لدراسة المخطط التنظيمي المتعلق بمخيم اليرموك بشكل مفصل ومعمق، ووضع الاعتراضات القانونية عليه خلال عشرة أيام، لرفعها لمحافظة دمشق التي أعطت مهلة ثلاثين يوماً للاعتراض على المخطط التنظيمي لمخيم اليرموك.

وفيما يتعلق بفرص نجاح الاعتراض، يرى “أبو عيد”، أنها صعبة، وذلك كون اللجنة التحكيمية التي تنظر في مثل هذه الدعاوى مؤلفة من قاضٍ يسميه وزير العدل، كرئيس للجنة، كما تتكون من ثلاثة أعضاء يمثلون الدولة، وعضو واحد يمثل المالكين.

 وتتخذ اللجنة قراراتها بالإجماع أو بالأكثرية، وقراراتها غير قابلة للطعن بأي طريق من طرق الطعن أو المراجعة، بالتالي فإنّ كفّة الميزان ترجّح أن يأتي قرار اللجنة التحكيمية على الأغلب لمصلحة الدولة.

وعن إمكانية أن تندرج فكرة المخطط الجديد في مخيم اليرموك على مخيمات أخرى، أوضح أبو عيد أن القانون رقم 10 خطير جدًّا، كونه يشمل جميع المناطق سواء المنظمة – مثل أراضي الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين- أم غير المنظمة، ويشمل معظم المحافظات والمخيمات الفلسطينية في سورية.

ويستشهد “أبو عيد” بما فعلته الحكومة السورية عامي 1985 و1986، من هدم جزء من مخيم جرمانا بدعوى إقامة مشاريع تنموية حضرية، حيث نقلت 722 أسرة لاجئة إلى منطقة الحسينية ومخيمها، وكذا الأمر ينطبق الآن على مخيمات درعا وحندرات وسبينة التي سمحت بعودة عدد قليل من سكانهم إليها، ولم تفعل أي إجراءات من أجل إعادة البناء والإعمار وتقديم الخدمات الأساسية وتأهيل البنى التحتية.

ويقع مخيم اليرموك داخل حدود مدينة دمشق، ويبعد حوالي 8 كيلو مترات عن وسط المدينة، وقد تأسس عام 1957، فوق مساحة من الأرض تبلغ 2.1 كيلو متر مربع، بهدف استيعاب اللاجئين الفلسطينيين الذي كانوا متفرقين في الأماكن العامة آنذاك.

وفي عام 2011، تحول المخيم إلى ساحة مواجهة عسكرية، بين قوات النظام السوري وفصائل مسلحة، ما أدى إلى تهجير معظم قاطنيه باتجاه المناطق المحيطة به، وإحداث عمليات تدمير واسعة داخله.

وبعد 7 سنوات من القتال، تمكنت قوات النظام السوري من استعادة السيطرة عليه، بعد معارك مع تنظيم داعش أواسط العام 2018.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات