أبناء الشهداء والأسرى.. قصص نجاح رغم الألم والجراح

عادت أجواء الفرح مجددا لمنزل الشهيد القائد نصر جرار في واد برقين في مدينة جنين شمال الضفة الغربية بعد نجاح ابنه الأصغر محمد في امتحان الثانوية العامة، ليعيد رسم البهجة على وجنتي والدته التي لم تتوقف معاناتها سيما في الأعوام الثلاثة الأخيرة.

وبأجواء الفرح استقبلت العائلة خبر نجاح محمد، ذلك الطفل الذي جاء إلى الدنيا مع رحيل والده الشهيد نصر جرار، ليكون رابع أبنائه، وآخر العنقود، وتربية والدته على ذكرى أبيه، وتجددت الذكرى باستشهاد شقيقه الشهيد أحمد جرار صاحب الملحمة البطولية قبل أكثر من عامين.

وتعبر أم صهيب لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“، عن فرحة عارمة بنجاح آخر العنقود، والذي حصل على معدل (87.2) في الفرع الصناعي، وهي تحلم بأن تراه مهندسا شابا يخط طريقه للحياة بنجاح. وتستقبل التهاني من رفاق قدماء للشهيد نصر، ومجتمع محلي ينظر إلى هذه العائلة بتبجيل كبير.

ولا ترى أم صهيب الدنيا سوى بعيون أبنائها الثلاثة؛ صهيب وأحمد ومحمد، وشقيقتهم الوحيدة، وهي التي ربتهم وقد تركهم والدهم أطفالا صغارا لا يعون من الدنيا شيئا، وتزين صور أحمد وملابسه التي استشهد بها جدار صدر المنزل، لتكون خلفية لأية مناسبة.

ابنة المحرر أمجد قبها
وفي حي آخر من أحياء مدينة جنين دخل الفرح منزل أحد رفاق الشهيد نصر جرار، والذي بالكاد خرج من السجن بعد (18) عاما من الاعتقال في (2-7-2020) بتهمة العمل مع الشهيد جرار، حيث شارك المحرر الدكتور أمجد قبها وللمرة الأولى، ابنته تسنيم فرحة نجاحها في الثانوية العامة، لتكون أول مناسبة يقف فيها الوالد مع ابنته التي تركها جنينا في بطن أمها، وخرج لتكون بعد أيام مع نتائج التوجيهي.
 
وتعادل فرحة تسنيم بوجود والدها بجانبها في استقبال نتائج الثانوية العامة، فرحة النجاح بحد ذاته، وينهمك الدكتور أمجد  في محاولة أن يعوض ابنته عن (18) عاما من الحرمان هي عمرها بالكامل حتى الآن.

ولئن كانت تسنيم محظوظة بخروج والدها من السجن قبل أيام من النتائج، فإن أبناء أسرى آخرين حققوا النجاح بعيدا عن آبائهم في انتظار أمل لا ينضب بأن يخرجوا من قبضة السجن مهما طال الزمن.

نجاح ابن الأسير ثابت مرداوي
واستقبلت عائلة الأسير ثابت مرداوي من بلدة عرابة جنوب جنين، والمحكوم بالمؤبد (21) مرة، خبر نجاح ابنه أسامة بالفرع الأدبي بفرحة عارمة، سيما وأنها أول فرحة تدخل المنزل منذ اعتقاله، فأسامة كما تسنيم ابنة المحرر قبها، هما من الجيل الذي ولد في غياب الوالد من جيل المطاردين والمقاومين في انتفاضة الأقصى.

وبالنسبة لأسامة الذي يستعد لدخول الجامعة، فإنه يفاخر بأبيه المقاوم، ويعد ذكراه وصورته أمام طاولة مكتبته مصدرا للإلهام والأمل والتحدي في تحقيق النجاح رغم الظروف الصعبة.

نجل الأسير جرادات
ولا يختلف الأمر كثيرا مع  الطالب أيهم نجل الأسير محمد عبد الرحيم جرادات من السيلة الحارثية غرب جنين، والمحكوم بالسجن عشرين عاما وينتظر الإفراج بعد عامين.

ابنة محمود السعدي
ولكن الصورة تميل قليلا لدى رؤى ابنة الأسير محمود السعدي من مخيم جنين، والتي نجحت في الفرع التجاري، حيث إن والدها الأسير المعتقل منذ نحو شهر قد دخل في إضراب مفتوح عن الطعام منذ عشرة أيام.

وفي الوقت الذي استقبلت فيه رؤى نتيجتها بإيجابية لتبدأ مشوارا جديدا في الحياة، فإن منزل الأسير السعدي كان يعيش لحظات من القلق الشديد بددت أجواء الفرح، ففي كل لحظة ينتظرون خبرا عن إضراب محمود الذي دخله احتجاجا على اعتقاله الإداري.

شقيقة الشهيد يزن أبو طبيخ
وما بين أسير وشهيد، جلست الطالبة يمامة منذر أبو طبيخ من مخيم جنين، وعقب تلقيها نبأ نجاحها في الثانوية العامة تتأمل صورة شقيقها الشهيد يزن أبو طبيخ، والذي ارتقى في مواجهات في مدينة جنين قبل خمسة أشهر بتاريخ (6-2-2020) لتهديه نجاحها، وتشير بكلمات إلى أن مسيرة التحدي ستستمر رغم كل الجراح.

ولئن كانت يمامة قد قدمت امتحانات التوجيهي ودماء أخيها لم تجف، فإن إستبرق ابنة الشهيد محمود أبو حسن من بلدة اليامون غرب جنين، قد اجتازت بنجاح التوجيهي في الفرع العلمي، ولم تعرف والدها إلا من خلال الصور، فهي من جيل الأطفال الذين ولدوا لأسرى وشهداء رحلوا في انتفاضة الأقصى وعاشوا على ذكراهم، ولم يبق لهم سوى الصور المبعثرة وسيلة للحصول على القوة والعزم من آبائهم.