الإثنين 01/يوليو/2024

ضمّ الضفة.. نسخة جديدة لمأساة اللاجئين الفلسطينيين

ضمّ الضفة.. نسخة جديدة لمأساة اللاجئين الفلسطينيين

ما وقع من تهجير مئات الآلاف اللاجئين الفلسطينيين عام 1948م مرشح للتكرار هذه المرة في خطّة ضم الضفة ومنطقة الأغوار عام 2020م، فالزمن مختلف، لكن السبب والأهداف واحدة.

وتهدد خطة الاحتلال في ضمّ الأغوار للسيادة الإسرائيلية الكاملة مستقبل وجود 65 ألف نسمة يقطنون تجمعات ريفية ورعوية متباعدة سيصبحون بموجبها لاجئين فوق أرضهم دون حقوق مواطنة.

الأغوار بالأساس جزء من الضفة المحتلة التي دعمت قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن حق الفلسطينيين فيها كأرض 67، وإعادة بسط سيادة الاحتلال يحمل خطر تهجير الفلسطيني.

مصطلح (التهجير الناعم) تسلل إلى أروقة البحث والإعلام مؤخراً؛ في إشارة إلى إجبار الفلسطيني ترك أرضه بعد فرض القانون الإسرائيلي عليه وحرمانه من حقوقه، وهذا إنتاج جديد لمأساة النكبة والهجرة.

مقدمة للتهجير

التهجير الجديد لسكان الأغوار جزء مهم من خطة صفقة القرن التي قفزت عن ملف اللاجئين الفلسطينيين ككل، وتجاهلت حق العودة والتعويض، واليوم تأتي خطة الضمّ لإجبار الفلسطيني على الهجرة.

ممارسات الاحتلال الميدانية في الأغوار من عدة سنوات في طرد رعاة الأغنام وحرمان المزارعين من المياه ونقل المناورات العسكرية لقرى الأغوار هدفها إخلاء المنطقة من أشكال الحياة الفلسطينية.

يقول د. نبيل شعث، أحد الذين شاركوا في معظم مراحل المفاوضات الفلسطينية مع “إسرائيل”: إن قضية اللاجئين لا تزال جوهر كل جولة مفاوضات وشرطًا لأي تسوية.

ويطلق شعث، وهو قيادي بارز في حركة فتح، ومستشار لرئيس السلطة، مصطلحه الخاص على خطة ترمب حين يضيف: “هذه جريمة العصر، وليست صفقة العصر أو القرن؛ فضم منطقة ج وجميع الأغوار سرقة للحقوق الفلسطينية ومكافأة للاحتلال”.

وتنكّرت “صفقة القرن” لجوهر القضية الفلسطينية؛ فقد بدأت من نقل سفارة أمريكا للقدس، وتجاهلت ملف اللاجئين، وصادرت أرض الضفة المحتلة.

ويضيف شعث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أونروا تأسست لإغاثة اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية، ولديهم حقوق بالعودة والتعويض كفلتها قرارات 194 و242 و338، طرحناها في جولة مفاوضات ولم نصل لنتيجة ففشلت المفاوضات”.

أما خالد منصور، المختص في قضية اللاجئين الفلسطينيين، وعضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، فعدّ أن خطّة ضم الضفة لها تأثير مباشر تحدث عنه (نتنياهو) حين قال: إن صفقة القرن تضع حلًّا لقضية القدس واللاجئين.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “ذكر نتنياهو يوم أعلن ترمب صفقة القرن أن اللاجئين لن يعودوا لديارهم الفلسطينية، وغلف كلامَه الغموض حين تحدث عن تهجير سكان المثلث وتعديل وضعهم السكاني وتبادل الأراضي”.

أما التأثير غير المباشر ضمن صفقة القرن فهو تصفية قضية اللاجئين وحق العودة، وهذا هو البعد الأعمق الذي يمتد أثره لخطة ضم الضفة كجزء من صفقة القرن، فما يجرى في الأغوار هو تطهير عرقي بدأ منذ زمن ويتوّج الآن.

نكبة 2020م

ويشبّه مصير الفلسطيني المرتقب في الأغوار – وفق خطة الضم – بما جرى في مخطط (برافر) الذي صادر أكثر من 800 ألف دونم وطرد سكان النقب إلى تجمعات محدودة، ولم يعترف بحقوق بقية السكان الفلسطينيين في النقب.

ملف اللاجئين من أهم قضايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وصفقة القرن تعيد إنتاج قضيتهم فوق الأغوار المحتلة وفق صفقة القرن بعد أن فشلت المفاوضات -حسب وصف د. شعث- في استرداد حقوق اللاجئين ضمن ملف لا يزال مفتوحاً.

ويقول شعث: إن للفلسطيني حقوقًا في أرضه مدعومة بقرارات أممية خاصة في الضفة وجميع أرض 67؛ لكن خطة الاحتلال تسعى لحرمان الفلسطيني من جميع حقوقه في زمن إدارة أمريكية رئيسها هو الأسوأ على الإطلاق.

ويشير المختص منصور إلى أن سكان الأغوار سيتحولون مع خطة الضم لشأن داخلي إسرائيلي يمررون عليهم القانون الإسرائيلي كما حدث مع سكان النقب.

ويضيف: “نتنياهو يسعى لضرب جوهر قضية اللاجئين وجوهر القضية الفلسطينية ككل، فقد بدأت الصفقة من استهداف أونروا ومخيمات اللاجئين، وسيحولون سكان الأغوار الآن لأقلية أو رعايا لا يعترفون بحقوقهم”.

تاريخ معاناة اللاجئين بعد نكبة 48 يعيد نفسه الآن في الأغوار؛ فقد فرض الاحتلال حكماً عسكريًّا على الفلسطينيين، وأبقى كثيرا من الفلسطينيين خارج نطاق مؤسسات “إسرائيل”.

ويشدد المختص منصور أن قرية (بردلة) نموذج مهم، فهي خاضعة للقانون الإسرائيلي وسكانها لن يحصلوا على الجنسية الإسرائيلية، وبالمثل سيجرى مع سكان الأغوار الذين سيتحولون للسكن في (جيتو).

أخطاء متراكمة

وتذكر الإحصاءات الرسمية أن 41% من سكان الضفة وغزة مسجلون رسميًّا لاجئين حُرموا العودة لأرضهم، التي كفلها القانون الدولي والإنساني وقرارات الأمم المتحدة.

إن خطة الضم ستكون الخطوة القادمة لإفراغ الأرض من سكانها. الأغوار منطقة اقتصادية وزراعية يحاول الاحتلال تعريض سكانها للضغط، وبعد ذلك سيبحث الفلسطيني عن حياة أفضل فيهاجر من أرضه.

ويقول المختص منصور: إن حالة الرفض الدولي لخطة ضم الضفة التي تمهّد لتهجير الفلسطيني من جديد وتحويله للاجئ فوق أرضه ستتطور لما أسماه البعض (التهجير الناعم).

ويتابع: “الرفض الدولي لم يؤثر حتى الآن، والتأثير يكون بفرض عقوبات ومقاطعة لإسرائيل التي تعمل خارج الضغط الحقيقي، وربما يضم نتنياهو الضفة دون إعلان رسمي تدريجيًّا، ومعه يرفع سقف شروطه حال جرى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين”.

أما أحمد الحيلة، الباحث والمحلل الفلسطيني، فيرى أنَّ ملف اللاجئين أهم ملف فلسطيني؛ لأن 13 مليون فلسطيني منهم 42% مصنفين رسميًّا لاجئين، وفشلت المفاوضات في نيل حقوقهم وإنصافهم، وربما قفزت عن الملف في عدد من الجولات.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “اتفاقية أوسلو جعلت ملف اللاجئين قابلًا للتفاوض وعرضة لعدم قبول إسرائيل المتمتعة بالقوة والهيمنة التي استخدمتها في تجاهل الملف، وهذا خلل لدى المفاوضين”.

المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت 2002م تحدثت أن ملف اللاجئين خاضع للاتفاق حول حلٍّ عادلٍ، وهذه سلبية -حسب الباحث الحيلة- استغلتها “إسرائيل” لمصلحتها.

ويضيف: “أكبر مشكلة الآن في صفقة القرن أنها لا تنظر لملف اللاجئين، وأصبح خارج إطار الاهتمام السياسي الأمريكي، ويطرحون حلولًا بديلة لتوطين اللاجئين”.

وقد تكون الأغوار الآن هي النسخة الجديدة لتهجير الفلسطيني من أرضه، لكن صفقة القرن وقانون يهودية الدولة يطرحان طرد فلسطينيي الداخل في أرض 48 وخيار تبادل الأراضي، وهي نسخة أخرى مرتقبة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات