الأحد 30/يونيو/2024

الإمارات تؤمّن جسرًا جويًّا عسكريًّا لحفتر في ليبيا

الإمارات تؤمّن جسرًا جويًّا عسكريًّا لحفتر في ليبيا

أظهرت معلومات وصور أقمار صناعية وبيانات من المصادر المفتوحة استعانة الإمارات بشركات مشبوهة للنقل الجوي، تدار من شخصيات روسية وكازاخية ومولدوفية، بهدف تأمين جسر جوي لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الشرق الليبي.

وكشفت المعلومات أنَّ الشركات التي استعانت بها الإمارات في توفير الجسر الجوي غيرت أسماءها باستمرار بشكل غير مفهوم، ربما لإخفاء هويتها بعد ورود أسمائها القديمة في تقارير أممية عن مخالفتها لقرار حظر توريد السلاح لمناطق النزاع على رأسها ليبيا.

وتمتلك هذه الشركات تاريخًا أسود في الشحن الجوي، فقد جرت معاقبتها وشطبها من لوائح هيئات الطيران في دولها لخرقها حظر تصدير الأسلحة إلى المناطق المحظورة، ومع ذلك لا تزال تعمل بصورة مستمرة من دولة الإمارات.

وتتبعت وحدة الرصد والتحقق بالقطاع الرقمي في شبكة الجزيرة حركة طائرات الشحن الجوي إليوشن 76 منذ 1 أبريل/نيسان 2020 وحتى 15 مايو/أيار 2020، والتحقق من الشركات التي تدير تلك الطائرات، وتتبع تاريخ رحلاتها من الإمارات إلى ليبيا.

وقاد البحث إلى ثلاث شركات تدير تلك الطائرات وهي: شركة زيت إيفيا ZetAvia، وشركة آزي إير Azee Air، وشركة جنيس إير Jenis Air.

وأسماء هذه الشركات جديدة، وهي تعود لشركات قديمة يتم إدارتها من الأشخاص أنفسهم الذين لهم تاريخ مع نقل الأسلحة والبضائع والأشخاص والأموال إلى مناطق النزاع، والمناطق المحظورة.

ثنائي روسي كازاخستاني
أظهر الرصد الذي قامت به الجزيرة وجود طائرتين تحملان رقمي التسجيل UR-CIB وUR-CIG، تابعتين لشركة زيت إيفيا ZetAvia ،.

وحسب الموقع الرسمي للشركة فهي تمتلك أسطولا مكونا من 5 طائرات من طراز اليوشن 76، وتنبه على أن نطاق عملها لا يشمل الدول الواقعة ضمن اتفاقية حظر تصدير السلاح.

وعند البحث عن وسائل التواصل مع الشركة عبر الهاتف يتضح أن رقم الهاتف مسجل باسم شركة أخرى تدعى “ريم ترافل”، والتي يشير موقع شركة زيت إيفيا Zetavia  إلى أنها الوكيل التجاري الخاص بها في الإمارات، والتي تتخذ من مدينة عجمان مقرا لها.

وجدنا أن عنوان الشركة ورقم الهاتف المذكور في موقع شركة “ريم ترافل” مرتبط أيضا بشركة أخرى تدعى سيغما إيرلاينز Sigma Airlines، وهي شركة شحن جوي مسجلة في مدينة ألماتي الكازاخية، ولديها أسطول طائرات من طراز اليوشن 76 ،.

بحث الفريق في قواعد البيانات الخاصة بالشركات في كازاخستان للتقصي عن شركة سيغما إيرلاينز، فوجدنا أنها شركة صغيرة تدار من لدن مجموعة تتراوح بين ستة وعشرة أشخاص، وقد أسست في العام 2004، وهي مسجلة باسم شخص كازاخي يدعى كينيسباييف أوميربيك زارمنوفيتش (Kenesbayev Umirbek Zharmenovich).

وتظهر نتائج البحث عن زارمنوفيتش أنه يرأس شركة طيران أخرى تدعى “إير ألماتي”Air Almaty ، كما أنه رئيس لجمعية “كازخستان للطيران الصغير” منذ العام 2017.

بالتدقيق في بيانات شركة “إير ألماتي” عثرت وحدة الرصد على مستند يشير لامتلاك زارمنوفيتش حصة 51% من الشركة، وامتلاك شخص آخر يدعى “سيرجيف أوليغ فلاديميروفيتش” على 49%، وهو ما يتطابق أيضا مع البيانات الواردة في قاعدة البيانات الخاصة بوزارة المالية الكازاخية، والتي أشارت إلى فلاديميروفيتش بأنه شخص غير مقيم في كازاخستان.

لم يكن تاريخ عمل شركة “إير ألماتي” مشرفا، فهي إحدى الشركات الممنوعة من الطيران في أجواء أوروبا في فترة سابقة ،. كذلك ذكر اسم الشركة سابقا في تحقيق أصدرته مؤسسة “وور إيز بورينغ” war is boring، وهي مؤسسة أبحاث متخصصة في دراسة الحروب وحل النزاعات.

ويشير تحقيق المؤسسة المذكورة بوضوح إلى ضلوع الشركة في نقل أسلحة إلى سوريا في العام 2015، كما أكد أن المدير الفعلي لشركة “ريم ترافل” هو الروسي سيرغيف أوليغ فلاديميروفيتش.

وعند البحث عن شركة زيت إيفيا عبر موقع “لينكد إن”، يتبين أن مدير تطوير الأعمال بالشركة هو روسي آخر يدعى “أوليغ شيكيشيف”، وكان يعمل سابقا لدى شركة سيغما، وشركة فولغا دنبر المتخصصة في نقل المعدات العسكرية الروسية عن طريق الجو.

وتشير نتائج البحث السابقة إلى أن الأشخاص الذين يقفون خلف شركتي “ريم ترافل” و”زيت إيفيا” هم المجموعة الروسية والكازاخية نفسها التي أدارت شركتي “إير ألماتي” و”سيغما إيرلاينز” المتورطتين في نقل الأسلحة لسوريا، والممنوعتين من التحليق في أجواء أوروبا.

وتدير تلك المجموعة أعمالها الآن من دولة الإمارات، وتقوم بنقل المعدات إلى اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بصورة شبه منتظمة.

عائلة غيلان ومالك بلال
ظهرت شركة أخرى أثناء رصد وحدة الرصد لحركة الطائرات وهي شركة “آزي إير”، والتي تستخدم كود رقم AZL1572، وظهرت في آخر رحلة لها بتاريخ 19 مارس/آذار 2020، إذ انطلقت من الأراضي الإماراتية واختفت إشارة تعقبها في الجانب الغربي من مصر قرب الحدود مع ليبيا.

وتم التحري عن الشركة ليظهر أن موقعها الإلكتروني أنشئ في 2015، وتم تسجيل بيانات الموقع باسم شخص يدعى مالك بلال، والذي ذكر أن مكان تسجيل الموقع هو دولة الإمارات، ويستخدم رقم هاتف اماراتي، كما أن المؤسسة المسؤولة عن التسجيل تدعى “أوميغا أفييشن” (Omega Aviation Fzc) ومقرها في إمارة الشارقة في العنوان الآتي: Z1-36 SAIF Zone.

بحثت وحدة الرصد عن مالك بلال في محركات غوغل عن طريق دمج اسمه مع ليبيا، لتظهر نتائج لأكثر دقة عن الاسم، ومنها أنه روسي الجنسية، وقام بإنشاء عدة شركات للطيران.

وحسب تحقيق لصحيفة “هتك”Hetq المولدوفية المتخصصة في التحقيقات الاستقصائية، فإن مالك بلال كان يمتلك حصة 24% من شركة تدعى “فتيرين أفيا” Veteran Avia، وهي شركة أرمينية أسست في 2010، قبل أن يبيع حصته إلى سونا جيفورجيان التي كانت تمتلك 52% من حصة الشركة.

وبالتعمق في البحث عن الشركة الأرمينية وجدت وحدة الرصد بشبكة الجزيرة أنها ذكرت في عدة تقارير للجنة تابعة للأمم المتحدة مهمتها التحقيق بشأن خرق اتفاقيات نقل السلاح والمعدات والأموال، وأن الشركة الأرمينية قامت بعدة رحلات من قاعدة المنهاد العسكرية في دبي إلى مدينة طبرق شرقي ليبيا مرورا بالأردن، وذلك في الفترة بين أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2014.

كما ذكر تقرير آخر للجنة الأممية أن شركة “غريكسونا سكاي برايم” Grixona/Sky Prim Air اشترت شراء طائرة اليوشن 76 برقم تسجيل ER-IAK من شركة “فتيرين أفيا” في 2013، ومن ثم باعتها لشركة أخرى تدعى “أوسكار جيت” Oscar Jet ، وأصبحت تحمل رقم التسجيل (ER-IAZ).

وقد تم إنشاء شركة “أوسكار جيت” في العام 2015 بشراكة بين الروسي بلال وجيلان فلاديمير ابن رجل الأعمال المولدوفي غريغوري غيلان وتم تسجيلها في مولدوفا.

وحسب قواعد البيانات الحكومية الخاصة بالشركات في مولدوفا فإن بلال يمتلك 49% من حصة الشركة بينما يمتلك فلاديمير 51% ،. وتمتلك عائلة غيلان شركة “غريكسونا” التي قامت بتأسيس شركتي “سكاي برايم إير” و”أوسكار إير”، وتفيد قواعد بيانات للشركات في مولدوفا أن “سكاي برايم إير” تحول اسمها إلى “تيرا أفيا” Terra Avia منذ 2016.

ومن المحتمل أن يكون سبب تحويل اسم الشركة هو ورود اسمها في تقرير للأمم المتحدة صدر في العام 2017، يتهم شركة “سكاي برايم إير” بنقل الأسلحة إلى ليبيا من الإمارات والسودان.

وذكر التقرير الأممي أن الشركة قامت بتغيير اسمها سابقا مع شركتها الأم “غريكسونا” إلى “سكاي برايم” في العام 2013.

وقد كشف تحقيق لصحيفة Hetq أن السلطات المولدوفية قامت بإنهاء تراخيص شركتي “أوسكار جيت” و”تيرا أفيا”، لانتهاكهما اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بتصدير الأسلحة والمعدات والأموال إلى المناطق المحظورة في ليبيا.

وارتبط اسم مالك بلال أيضا بشركة “غريكسونا” منذ وقت طويل، إذ يمتلك حصة كبيرة من الشركة، ويتشارك فيها مع روسي آخر يدعى محمد أمير.

شركة طيران مجهولة
كانت “جنيس إير” هي آخر شركة قامت وحدة الرصد برصدها، وهي تسير رحلاتها برقم التسجيل UP-I7652، فبحثنا عن سجلات الشركة في قواعد بيانات الشركات في كازاخستان، والتي أظهرت أنه تم تسجيلها في يوليو/تموز 2017 في مدينة تاراز الكازاخية، وهي شركة صغيرة الحجم (أقل من 5 أفراد)، ولم تدفع الضرائب المستحقة عليها لعامي 2017 و2019، بينما دفعت في 2018 ما يعادل12 دولارا، وأما في العام 2020 فدفعت ما يعادل 590 دولارا فقط.

وتشير البيانات إلى أن صاحب الشركة يدعي “بيانكوف أليكساندر ديمتريفيتش”، إلا أن البحث عنه لم يظهر أي نتائج تذكر.

وللشركة علاقة بما نشر سابقا من أخبار عن اتهام حكومة الوفاق الوطني في ليبيا للأردن ببيع طائرات مسيرة من طراز “وينغ لونغ” إلى اللواء المتقاعد حفتر، وأن سلطات عمان نقل تلك الطائرة باستخدام طائرة اليوشن 76 بتاريخ 28 مارس/آذار 2020.

ومن خلال البحث في تاريخ الطائرة، تأكد بالفعل قيام طائرة من طراز اليوشن 76 تابعة لشركة “جنيس إير” برحلة من الأردن إلى ليبيا في 28 مارس/آذار الماضي، قبل أن تنقطع إشارتها في الساعة 17:00 بتوقيت ليبيا.

وذكر موقع “جينز” البريطاني Jane المتخصص في الشأن العسكري أن الطائرة المذكورة تابعة لشركة “جينس إير” وتحمل رقم التسجيل  UP-I7652.

ولم تتأكد الجزيرة من صحة ادعاء حكومة الوفاق بأن الطائرة كانت تحمل طائرات “وينغ لونغ”، خاصة وأن الأردن لا تمتلك ذلك النوع من الطائرات المسيرة، لكن بالمقابل قام الأردن في وقت سابق بعرض ست من طائراتها المسيرة من طراز CH-4B للبيع.

رحلة لطائرة اليوشن 76 يوم السبت 28 مارس 2020 وانقطعت إشارتها في الساعة 17:00 بتوقيت ليبيا
نفذت طائرات الشركات المذكورة سابقا 29 رحلة إلى ليبيا في الفترة ما بين 12 أبريل/نيسان و3 مايو/أيار 2020. واستخدمت الطائرات أربع طرق رئيسية في الوصول إلى وجهتها النهائية:

1- من الإمارات باتجاه ليبيا مباشرة
أقلعت الطائرات من مطارين تحديدا هما مطار الشارقة الدولي، وقاعدة سويحان العسكرية في أبو ظبي. ويظهر خط السير تحرك الطائرات فوق الأجواء السعودية ثم المصرية والتي تختفي في العادة في الجهة الغربية من مصر.

رصدت وحدة الرصد بالجزيرة أيضا رحلة في يوم 12 أبريل/نيسان 2020 ظهرت إشارتها مرة أخرى فوق الأجواء الليبية تحديدا في طبرق قبل أن تختفي مرة أخرى.

حملت الطائرات المنطلقة من قاعدة سويحان العسكرية رقم التسجيل UR-CIG، وهو الرقم التابع لشركة “زيت إيفينا” ZetAvia مما يرجح استخدام الشركة لتلك القاعدة الإماراتية كمقر لها.

2- الانطلاق باتجاه قاعدة عصب في إريتريا ومن ثم إلى ليبيا.

3- الانطلاق من قاعدة عصب إلى ليبيا:
طورت الإمارات قاعدة وميناء عصب الإريتري كامتداد إستراتيجي لها في القرن الأفريقي. وحسب موقع “تسفانيوز” tesfanews المتخصص في الشأن الإريتري، استخدمت الإمارات تلك القاعدة كبوابة لنقل السلاح والمرتزقة إلى اليمن.

تنطلق رحلات “اليوشن 76” من الإمارات والسعودية إلى قاعدة عصب، وبعدها بساعات أو بأيام تنطلق من تلك القاعدة باتجاه ليبيا، وقد أخفت الطائرات رقم التسجيل الخاص بها، مما حال دون معرفة وحدة الرصد بالجزيرة للشركة المسيرة لتلك الرحلات.

تحركت الطائرات باتجاه عصب من قاعدة سويحان الجوية بأبو ظبي ومطار دبي الدولي ومطار جدة. اتبعت الرحلات المنطلقة من الإمارات خط سير منتظم بالمرور بالأجواء العمانية، ثم خليج عدن، قبل أن تنقطع إشارة الرادار الخاصة بها فوق خليج عدن، ثم تظهر مرة أخرى بالقرب من جيبوتي قبل أن تختفي تماما.

وأما الطائرات التي انطلقت من مطار جدة فتتجه مباشرة إلى إريتريا، وتنقطع إشارتها فوق البحر الأحمر قبالة الأجواء الإريترية.

تنطلق الرحلات من الإمارات والسعودية باتجاه قاعدة عصب ثم تتحرك في ن

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات