الثلاثاء 25/يونيو/2024

هل يوقف تحلل السلطة من الاتفاقيات عجلة إدانة إسرائيل بـالجنائية؟!

هل يوقف تحلل السلطة من الاتفاقيات عجلة إدانة إسرائيل بـالجنائية؟!

لا جديد عملياً بعد إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مايو الجاري إلغاء الاتفاقيات الموقعة بين السلطة و”إسرائيل”، والولايات المتحدة وعلى رأسها اتفاقية “أوسلو”. 

ثمة اتفاقيات وبروتوكولات عديدة موقعة من عام 1993م تخص علاقة السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي، أهمها ما وقعته مع “إسرائيل” وشهد تنكّراً منها وعدواناً متكرراً تدهورت معه عملية التسوية لدرجة اشتكت فيه السلطة على الاحتلال في المحكمة الجنائية الدولية.

وطلبت المحكمة الجنائية الدولية من السلطة الفلسطينية قبل أيام توضيحاً و”معلومات إضافية” بشأن قرار محمود عباس بالتحلل من الاتفاقات مع “إسرائيل” بسبب نيتها ضم أراض في الضفة الغربية.

وردت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينيين على تساؤلات الجنائية الدولية بالقول، إن الولاية القانونية للمحكمة الجنائية الدولية في فلسطين لن تتغير بعد إعلان عباس أن منظمة التحرير ودولة فلسطين أصبحت في حل من جميع الاتفاقيات مع الحكومتين الإسرائيلية والأميركية.

وحسب اتفاقية فيينا؛ فإن قانون المعاهدات يمنح الحق لأي دولة أن تتحلل من أي اتفاقيات، أو توقف العمل بها حسب مصالحها العليا بما يخدم مصالحها الوطنية.

وكانت رئيسة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية “فاتو بنسودا” قالت في ديسمبر 2019م إنها ستفتح تحقيقا كاملا في ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية فور تحديد نطاق السلطة القضائية للمحكمة في هذا الشأن.

أبعاد قانونية

منذ إعلان الإدارة الأمريكية و”إسرائيل” عن “صفقة القرن” ونقل السفارة الأمريكية للقدس من قبل، تدهورت العلاقات السياسية ما وضع السلطة الفلسطينية أمام تحدي استمرار وجودها عقب دفن “حل الدولتين”.
 
وردا على إعلان “إسرائيل” لاحقاً مخططات لضم أراض من الضفة الغربية، أعلن عباس خلال اجتماع لقيادة منظمة التحرير أن السلطة الفلسطينية “في حِلّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية” ومن “جميع الالتزامات المترتبة على التفاهمات والاتفاقات، بما فيها الأمنية”.

وكانت السلطة الفلسطينية رفعت للمحكمة الجنائية الدولية عدة شكاوى ضد “إسرائيل” اتهمتها فيها بارتكاب جرائم حرب، أهمها شكاوى، تستهدف إدانة “إسرائيل” في “جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في يونيو-تموز 2014 في فلسطين” خلال شنها عدوان عام 2014م.

وارتكبت “إسرائيل” جرائم الحرب ضد الفلسطينيين في عدوان متكرر عام 2008، و2012، و2014، إضافة لاستمرار جرائم الاستيطان والاغتيال وجرائم أخرى.

ويؤكد عبد الكريم شبير الخبير في القانون الدولي، أن إعلان السلطة التخلي عن اتفاقية “أوسلو” لن يؤثر على الولاية القانونية للمحكمة الجنائية الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لن تتغير صلاحية المحكمة الجنائية الدولية بسبب تحلل القيادة الفلسطينية من أوسلو، ففلسطين تعد عضواً بالأمم المتحدة بموجب قرار أممي صادر عن الجمعية العامة بالأمم المتحدة عام 2012، وانضمت لاتفاقية روما التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية بصفتها دولة عضواً مؤقتاً بالأمم المتحدة، دون موافقة الكيان الصهيوني  بل بموجب إرادة دولية”.

طلب المحكمة الجنائية الدولية من السلطة الفلسطينية إيضاحات بعد إعلانها التخلي عن الاتفاقيات ومنها أوسلو يعد طلباً استفساريًّا عن أسبابها التحلل من الاتفاقيات، وحتى تعرف المدعية كيفية التعامل مع الشكاوى.

ويشير الخبير شبير، أن تخلي السلطة الفلسطينية عن الاتفاقيات لن يؤثر على دولة فلسطين، أو على مركزها القانوني والاعتراف بها كدولة تحت الاحتلال، ومكانتها الدولية كعضو مراقب في الأمم المتحدة.

ويتابع: “الرد الفلسطيني على طلب المحكمة الجنائية الدولية إيضاحات قبل أيام يجب أن يكون مباشراً ودون تأخير استناداً للقانون الدولي والقرارات الأممية، والاتفاقيات الدولية وخاصة ميثاق روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية”.

مساعٍ سياسية

وتشكل شكاوى السلطة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في المحكمة الجنائية مسألة محرجة لـ”إسرائيل” تحمل أبعاداً سياسية مهمة تؤثر على مكانتها الدولية، وتهدد قادتها بدخول قفص الاتهام مستقبلاً.

وكان إعلان “بنسودا” العام الماضي أقلق “إسرائيل”، وبدأت بعده استخدام حلفائها السياسيين من دول أوروبية وأمريكية للضغط على المحكمة.

ومن أبرز ما جرى ضد قادة الاحتلال عام 2010م مع تسيبي ليفني وزيرة خارجة “إسرائيل” في عدواني لبنان وغزة (2006-2008م) والتي نجت من اعتقال الشرطة البريطانية لها في لندن بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

ويقول جورج جقمان المحلل السياسي، إن “إسرائيل” من بعد عدوان 2006م بلبنان، وعدوان غزة 2008-2014م تشعر بالقلق من ملاحقة قادتها المقدم ضدهم شكاوى جرائم حرب.

وفي نهاية عام 2019م أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بدء عجلة الملاحقة لقادة الاحتلال المتهمين بارتكاب جرائم حرب، فبدأت استخدام أدواتها السياسية وضغوطها لعرقلة عمل المحكمة.

ويضيف جقمان لمراسلنا: “ظهر واضحاً موقف الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا الذي حاول الضغط على المحكمة الجنائية الدولية لمساندة إسرائيل وعدم تعريض قادتها للملاحقة القانونية”.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال نهاية عام 2019م إن بلاده تعارض “بحزم” فتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في جرائم حرب إسرائيلية محتملة.

كما قدمت عدة دول ومنها ألمانيا قبل 3 أشهر رأياً قانونيًّا مكتوباً يعدُّ أن “لاهاي” ليس لها اختصاص للتحقيق في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني فيما اتخذت دول أخرى، منها أستراليا وكندا والمجر، موقفا مؤيداً لـ”إسرائيل” في النقاش حول الولاية القضائية، دون تقديم آراء قانونية إلى المحكمة.

ويدعو المحلل جقمان السلطة الفلسطينية إلى مواصلة دراسة الأمر علميًّا وقانونيًّا بشأن شكاوى الجنائية الدولية بعد إعلان الانسحاب من الاتفاقيات السياسية الموقعة خاصةً بعد خطة الاحتلال في ضم أراضي الضفة.

وإذا كان ملف شكاوى الفلسطينيين والسلطة ضد الاحتلال للمحكمة الجنائية الدولية سليم من جهة قانونية؛ فإن الانعكاس السياسي على القضية يشكل الموقف الأهم في مستقبل تجريم قادة الاحتلال وإدانتهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات