عاجل

الأربعاء 03/يوليو/2024

حجر يعبد يكشف عورة التسوية ويؤسس لانتفاضة قادمة

حجر يعبد يكشف عورة التسوية ويؤسس لانتفاضة قادمة

بأول وسيلة بدائية لمقاومة المحتل وبعيداً عن كامل تقنيات القتال أعاد (حجر يعبد) الذي ألقاه فلسطيني على جندي إسرائيلي دفّة الصراع إلى المربع الأول.

معاناة الفلسطيني في الضفة والقدس المحتلة وسط عملية تسوية متعثّرة توشك على التلاشي وتنسيق أمني يلاحق المقاومة لم تدع للفلسطيني فرصةً للدفاع عن حقوقه سوى بلحمه الحي أو ما تعثر عليه يداه.

وكان جندي إسرائيلي قتل في بلدة يعبد غربي مدينة جنين بعد إصابته بحجر؛ في مشهد أعاد للذاكرة مقتل جندي آخر قبل عامين في مخيم الأمعري.

وتصاعدت في الأيام الماضية عمليات ومحاولات فردية للمقاومة مع اقتراب تنفيذ مخطط الاحتلال في ضم الأغوار ومستوطنات الضفة؛ الأمر الذي يقضي على عملية “التسوية” بكاملها و”حل الدولتين”.

روح جديدة

الحجارة كأداة مقاومة بدائية لها جذور في الصراع مع الاحتلال؛ فانتفاضة عام 1987م عُرفت بانتفاضة الحجارة، والصور الأولى للانتفاضة الشعبية بالضفة كانت تحمل مشاهد من دفاع السكان عن أنفسهم مستخدمين الحجارة.

الحجر كان ولا يزال الوسيلة الوحيدة التي تشكل محل اتفاق الفلسطينيين كافة سواء حكومة أو فصائل مقاومة في مقارعة الاحتلال في مراحل الصراع كافة.
 
يقول د. علاء أبو عامر، أستاذ العلاقات الدولية: إن الفلسطيني الذي يتعرض للاضطهاد اليومي في الضفة والمهددة أرضه بالمصادرة الآن لا يجد أمامه سوى وسيلة بدائية للدفاع عن نفسه.

ويضيف: “السلاح قد يكون مكلفا وغير متاح. الحجر أداة تعبير مسموح بها من السلطة الفلسطينية والفصائل، وجاء حجر جنين ليعبر عن غضب الفلسطيني في كل مكان من مخطط ضم الأغوار والمستوطنات”.

وتعد الحجارة موروثاً تاريخيًّا في مقاومة حركات التحرر الوطنية للاحتلال والاستعمار في أنحاء العالم، وهي وسيلة مشروعة ضمن المقاومة الشعبية ضد الاحتلال التي سمح بها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

يؤكد د. سعيد زيداني، الخبير في الشئون الإسرائيلية، أن حادثة إلقاء الحجر في (يعبد) على جندي إسرائيلي جاءت في جو عام معبّأ بحالة غضب فلسطيني من مخطط ضم الضفة المحتلة.

ويتابع: “الغضب متصاعد من مشروع صفقة القرن، ومنها نقل سفارة أمريكا للقدس، والآن ضم الأغوار وتعثّر التسوية، وفاشية الشارع الإسرائيلي، فالجو مهيّأ للانفجار”.

أحلام ضائعة

كل الذين راهنوا على نجاح عملية التسوية وحل الدولتين استيقظوا الآن أمام جدار الصدّ الإسرائيلي الذي يرفض التسوية وحل الدولتين ويمضي نحو إنكار كامل الحقوق، وعلى رأسها حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية.

ويشير أبو عامر أن ضم مناطق من الضفة المحتلة للكيان الصهيوني مسألة وقت لا أكثر، خاصةً مع توقيع (نتنياهو) و(غانتس) اتفاقاً على تشكيل حكومة طوارئ تقود المرحلة الحالية.

وبموجب الاتفاق؛ سيتم الضم مطلع تموز يوليو المقبل، ويطال غور الأردن، وشمال البحر الميت، وكل المستوطنات في الضفة والحرم الإبراهيمي في الخليل، وأراضي فلسطينية أخرى غير محددة.

ويتابع: “المؤشرات تؤكد أن الضم سيتم خلال 3 أشهر، وما تزال السلطة الفلسطينية تُحذر من الخطوة التي ستدمر عملية التسوية. تكرار هذه التصريحات في نظر الفلسطينيين وأعدائهم مضحكة مبكية حد العجز، إلا أنها تتجدد في كل مناسبة تتعرض فيها السلطة لامتحان حول قدرتها على التصدي للمخططات التوسعية الاستيطانية”.

وكان (بومبيو) وزير الخارجية الأمريكي زار (إسرائيل) -أمس-، وعلّق على خطة ضم الضفة قائلاً: “الحكومة الإسرائيلية ستقرر بشأن الضم، وما إذا كانت ستنفذه وكيف، ومتى سيتم تنفيذ الضم، وآمل أن تدرك (قيادة السلطة) أن رؤيتنا للسلام جيدة للمواطنين الفلسطينيين أيضا”.

ويرى د. سعيد زيداني، الخبير في الشئون الإسرائيلية، أن الأجواء العنصرية تسود (إسرائيل)، وأن فاشية الشارع الإسرائيلي تزداد، وأن مخطط ضم الضفة الآن قد جدول أولويات حكومة الاحتلال الجديدة.

الدعم الأمريكي لمخطط ضم الضفة واضح، فهو حسب تأكيد الخبير زيداني يقضي على حل الدولتين وعملية التسوية كلها التي أيدها المجتمع الدولي وبناءً عليها جرى اتفاق (أوسلو).

المربع الأول

لا يبدي أحد تفاؤلاً من اجتماعات السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير القادمة؛ فعجزها مستمر، والانقسام الفلسطيني يضعف الموقف الفلسطيني كاملاً.

ويقول د. أبو عامر: “السلطة كانت ممراً لإقامة الدولة فإذا لم تقم الدولة ما الفائدة من السلطة أصلا؟! عودتنا تحت الاحتلال أفضل حتى نناضل ويتحمل هو مسئولية احتلاله. كل التصريحات لا فائدة لها”.

حجر جنين الذي أطلقه فلسطيني نحو جندي إسرائيلي أدار القرص نحو ضرورة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية لتكون جامعة للكل وتتبنى العمل النضالي والتحرري.

ويوضح الدكتور أبو عامر أن حل الدولتين انتهى، وقد صرح بذلك من قبل (بلير) مسئول الرباعية الدولية السابق و(ملادينوف) الممثل الخاص للأمم المتحدة للسلام، والأحزاب الصهيونية لا تتحدث عن دولة فلسطينية. 

ويقرأ د. زيداني شروع (إسرائيل) في ضم الأغوار والمستوطنات بإقفال الباب عن حل الدولتين الذي امتد لعشرات السنين، والذي أيدته منظمة التحرير الفلسطينية والمجتمع الدولي واتفاق (أوسلو).

مستقبل المقاومة

تراكمية الاعتداءات اليومية ومحاولة الفلسطيني للدفاع عن حقوقه تترجم من عام (2015م) بعمليات فردية كان آخرها (حجر يعبد)، والسلسلة ممتدة الآن للمواصلة.

الفلسطينيون الآن مع انتهاء التسوية وتلاشي حل الدولتين أمام قرار مصيري بالعودة للعمل النضالي تحت الاحتلال والبقاء تحت مسميات حكومية لن يجدي شيئاً.

ويرى د. أبو عامر أن حالة الإحباط من التسوية وفشل حل الدولتين تؤسس لانتفاضة ثالثة تغير جميع شروط اللعبة، وأن العمل المقاوم لابد أن يتخلص من مسميات حكومية اعترف بها العالم لكنها لم تخدم الفلسطيني نفسه.

الفلسطيني الآن بحاجة لإعادة ترتيب أوراقه الوطنية وبدء مرحلة جديدة من النضال تحت الاحتلال والتخلي عن أوهام السلطة التي أضاعت الوقت والجهد والأرض. 

أما د. زيداني فيقول: إن محاولات المقاومة الفردية التي بدأت تعود للميدان الآن تدلل أن الجو العام جاهز للانفجار، وأن الشبان الفلسطينيين غاضبون من عدوان الاحتلال.

فشل التسوية وانتهاء حل الدولتين يقرب عودة المقاومة الشعبية للاحتلال فيما يرى مراقبون أن المقاومة قد تشبه قريباً مقاومة حركة التحرر في جنوب أفريقيا ضد التمييز العنصري.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات