عاجل

الأربعاء 03/يوليو/2024

حجر يعبد يعيد الاعتبار للسلاح الإستراتيجي الفلسطيني

حجر يعبد يعيد الاعتبار للسلاح الإستراتيجي الفلسطيني

لم يكن الجندي الإسرائيلي الذي قتل، أمس الثلاثاء، في بلدة يعبد غربي مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، الأول الذي يقضي جراء إصابته بحجر، بل سبقه عدد آخر من الجنود، آخرهم كان قبل عامين.

ويبدو أن أيار/ مايو، شهر الحجارة؛ إذ إن حجرا مماثلا ألقاه أحد الشبان الفلسطينيين في 26 من هذا أيار عام 2018، تجاه أحد جنود النخبة الإسرائيليين (السيرجنت رونين لوبارسكي “20 عاما”) خلال اقتحامهم لمخيم الأمعري قرب مدينة رام الله، أرداه قتيلا.

وأكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن التحقيق الأولي في حادثة مقتل جندي لواء غولاني “عميت بن يغئال” (21 عاما)، أمس الثلاثاء، في بلدة يعبد، كشف أن منفذ الهجوم نصب للجندي كمينا من أعلى منزل مكون من 3 طوابق، وجهز حجارة كبيرة مسبقا، وافتعل ضجيجا عند مرور دورية إسرائيلية أسفل المنزل، وعندما سمع الجندي الضجيج رفع رأسه ونظر لأعلى ليكتشف ما يجرى، ما أدى لإصابته في وجهه بحجر كبير، إصابة قاتلة.

وفي الوقت الذي تشتدد فيه القبضة الأمنية في الضفة الغربية، وتعلن دولة الاحتلال بمساندة الولايات المتحدة ضم الضفة، وسط صمت دولي مهيب، يعود الفلسطينيون لاستخدام الحجارة سلاحًا إستراتيجيًّا لا سيما وأن إحدى أهم ثوراتهم (1987-1994) حملت اسم “اسم انتفاضة الحجارة”.

رسائل كبيرة

وقال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون: “صحيح أن عمليات القتل باستخدام الحجارة محدودة، لكنها توصل رسائل كبيرة، وقد حدث ذلك خلال انتفاضة الحجارة، فقد كان يتم إلقاء الحجارة الكبيرة من نوافذ المنازل على رؤوس جنود الاحتلال ومن الأماكن المرتفعة كذلك”.

وأضاف المدهون، وفقا لـ”قدس برس”: “هذا الحجر ليس الأول من نوعه، ولكنه جاء في وقت لفت الأنظار، بأن هنالك غليانًا في المراجل، وأن الواقع على حافة الانفجار”.

ورجح أن يكون لهذه الحادثة أثر سياسي وميداني، وسيتحول إلى صفعة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ليقول له: “إن الطريق ليست سالكة، وإن الشعب الفلسطيني لم يقل بعد كلمته، ولن تكون سياسات الضم والابتلاع وفرض الأمر الواقع بالأمر السهل، بل بالعكس ربما تكون فرصة لانفجار وانتفاضة جديدة في الضفة الغربية”.

وأشار المدهون إلى أن الحجر يعد السلاح الفلسطيني الأول لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، منذ الثورات الأولى له بداية القرن الماضي، منبّها إلى أن الشعب الفلسطيني شعب أعزل لا يمتلك الكثير من أنواع السلاح ويتعرض للتضييق والحصار والمعادلات الدولية المشددة.

وقال: “تقوم الفكرة الصهيونية ومن يدعمها على عزل الشعب الفلسطيني ومنع إمداده بالسلاح، ولهذا أعتقد أن الفلسطينيين دائما يلجؤون إلى الحجارة، هذا السلاح المتوفر ويستخدمونه تلقائيا، وكانت أهم مرحلة في استخدام هذا السلاح خلال انتفاضة الحجارة التي اندلعت نهاية عام 1987 والتي سميت انتفاضة الحجارة”.

وأضاف: “يبقى الحجر رمزًا لنضال الشعب الفلسطيني، ويمكن استخدامه في أي وقت من الأوقات”.

وتابع: “أعتقد أن حالة الضغط التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني عامة، اليوم، والضفة الغربية خاصة، جعلت من شباب الضفة يعودون إلى وسيلتهم الأولى، وهي وسيلة رمزية لأن المقاومة الحقيقية تتطور من الحجر إلى السكين إلى الزجاجة الحارقة ثم الرصاص، وهذا ديدن الشعب الفلسطيني في المواجهة”.

وعدّ المدهون أن اللجوء للحجر مؤشر كبير على أن هناك حالة غضب شديد، تسري في عروق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، ما أدى إلى أن يذهب أحد الشباب إلى هذا الحجر.

بركان الضفة

وقال المختص في الشأن الإسرائيلي، عدنان أبو عامر: “لعلها المرة الأولى التي تحظى فيها عملية فدائية فلسطينية بهذه التغطية الإعلامية الإسرائيلية الواسعة خلال ساعات قليلة من أخبار، وتقارير، ومقابلات، لأسباب عدة: فالعملية نفذت بحجر بدائي، وقتلت جنديا من لواء غولاني للنخبة، ووقعت في يعبد القسام”.

وأضاف: “هذه العملية أعطت إنذارا، بأن بركان الضفة الغربية قد ينفجر في أي لحظة”.

وأشار المتابع للشأن العبري إلى أن هذه العملية تذكره بمقولة ضابط إسرائيلي خلال انتفاضة الحجارة: “إن جنرالات الحجارة الفلسطينيين أدركوا بعمق حدسهم أنهم وصلوا للمرحلة الثالثة من مراحل (ماوتسي تونغ) للثورة الشعبية، وتملكوا ناصية أسس التكتيكات الخاصة بالهجوم، وتطويق جناح الجيش الإسرائيلي، والكمائن والهجوم المضلل والتراجع التكتيكي”.

وعدّ القيادي في حركة “حماس”، وصفي قبها، أن ما جرى في بلدتي يعبد (قضاء جنين) وكوبر (رام الله) يؤسس لحالة من المقاومة الطويلة، التي تتصاعد مع تزايد اعتداءات الاحتلال على المواطنين وممتلكاتهم في الضفة الغربية.

وقال قبها في تصريح صحفي له، الثلاثاء: “الشعب لا يعدم الوسيلة، والدم يولد الدم، والقرار الشعبي مرتبط بالتطورات، وجزء منها الضغوطات والحالة التي تسببت بها جائحة كورونا”.

وأوضح أن “ردود الفعل القوية من الشباب ليست حباً بالموت، لكنها دفاعاً عن الحق الفلسطيني وحتى تبقى القضية حية”.

ونبّه إلى أن الاعتقالات اليومية وزحف المستوطنات وانتشار الحواجز وسياسة هدم المنازل تشكل استفزازاً للمواطنين وتحريكاً لمشاعرهم كما هي الحال في قلنديا وجنين والخليل، تضاف لها مخططات الاحتلال بضم الأغوار ومصادرة الأراضي وتهويد المسجد الإبراهيمي والأقصى.

وأشار القيادي في حماس إلى أن “الشباب في الضفة يعمل فرديا بدون خطة تنظيمية وفصائلية ودون توجيه، لكنه يواجه صعوبات عدة وخاصة من أجهزة أمن السلطة”.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات