أحمد الكرد.. ورحل عميد العمل الخيري بفلسطين بعد رحلة عطاء طويلة

منذ سبعينيات القرن الماضي، برز متنقلاً بين محافظات قطاع غزة، مدخلاً السرور والفرحة على قلوب الفقراء والمعوزين والأيتام والمحتاجين، مدشناً بذلك، مرحلة جديدة من مراحل صعود وتطور العمل الخيري والمؤسساتي في قطاع غزة، امتدت آثارها إلى محافظات الوطن قاطبة.
ذاك هو الشيخ الراحل، أحمد الكرد (أبو أسامة) الذي فارق الحياة بعد انتصاف شهر رمضان، بعد أن كان واقفاً متعبداً بين يدي ربه، وناثراً للخير والفرحة في البيوت المستورة بغزة في شهر الخير رمضان المبارك، متنقلاً بين دول عربية وإسلامية وأوروبية باحثاً عن دعم يسير يستر أيتام قطاع غزة ومحتاجيه.
من هو؟
رئيس بلدية دير البلح، سعيد نصار تحدث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” عن حياة الكرد الذي رحل عن عمر يناهز الـ (71 عاماً)، حيث ولد في مخيم دير البلح (وسط قطاع غزة) عام 1949 ميلادي، بعد عام واحد من هجرة عائلته من قريتهم بالقرب من عسقلان إبان النكبة الفلسطينية عام 1948م.
وولد القائد أبو أسامة في الثالث عشر من شهر سبتمبر ١٩٤٩م لأسرة عريقة من بلدة “بيت طيما”، وتخرج في كلية الشريعة بجامعة الخليل، وتربى دعويًّا وجهاديًّا على يد الشيخ المؤسس الشهيد أحمد ياسين رحمه الله، والذي كانت تربطه به علاقة مميزة.
ونشأ الكرد وترعرع وتعلّم في منطقة دير البلح بالمحافظة الوسطى، ثم تزوّج فيها وأنجب 11 من الأبناء والبنات، لينطلق منها إلى مخيمات وحارات ومدن قطاع غزة وفلسطين، ساعياً للخير فيها، مقدماً للمساعدات وبانياً للمستشفيات والمدارس فيها، الخاصة برعاية الأيتام والمعوزين.
نصار في حديثه لـ”المركز” وصف الكرد وهو عضو المكتب السياسي لحركة حماس، بـ”رجل الخير”، مؤكداً أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلته سنوات عدة على مراحل متفاوتة، نتيجة عمله الخيري في القطاع.
وكانت المرة الأولى لاعتقاله عام 1982م، حيث قضى في السجن أكثر من عام ونصف العام، كما وتكرر اعتقاله لدى الاحتلال لأكثر من 6 مرات تحت بند “الاعتقال الإداري”، بسبب نشاطه ودوره الكبير في العمل الميداني والإغاثي الذي يعزز صمود أهالي فلسطين.
وأوضح نصار، أن أستاذه ورفيقه في عمله في بلدية دير البلح الذي ترأسها عام 2005م، وأسس جمعية الصلاح الإسلامية، ساهم بشكل كبير في تطور العمل المؤسساتي والخيري في فلسطين، قائلاً: “قضى 43 عاماً من حياته في العمل الخيري وتطويره ورعايته”.
وأضاف: “عشرات الآلاف من الأيتام سيفتقدون الراحل أبي أسامة، والذين بذل جهده طوال 43 سنة لتوفير أبسط مقومات الحياة لهم، وآلاف الأسر ستفتقده، بعدما جاب وسعى في أنحاء العالم بحثاً عن مساعدات تقيهم وتحفظهم”.
وأشار إلى أنه أنشأ المؤسسات الخيرية والمستشفيات الداعمة للأسر المحتاجة والأيتام ولتخدمهم في أحلك الظروف وأقساها في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة.
وأردف بالقول: “الكرد عمل معلماً في مدارس القطاع، وهو رجل سعى بين الناس بالمحبة والإصلاح، وناشراً لصفات التسامح والوحدة”.
أبرز المؤسسات التي أسسها
أسس الكرد العديد من مؤسسات العمل الخيري في قطاع غزة، وكان أبرزها تأسيس جمعية الصلاح الخيرية هو وثلة من أبناء وقادة حركة حماس، حيث عمل رئيساً للجمعية على مدار سنوات طويلة من العطاء المتدفّق.
وعمل الراحل في سلك التعليم مدرّساً ومديراً، خاصة بمدارس الصلاح الخيرية في مدينة دير البلح بالمحافظة الوسطى، حيث ضمت المدارس قرابة 1000 طفل من الأيتام، أشرفت “الصلاح” على رعايتهم وتأمين مسيرتهم التعليمية، ثم ترأس مؤخراً تجمع المؤسسات الخيرية في القطاع.
وعقب فوز حركة حماس، في الانتخابات التشريعية عام 2006م، وتشكيلها الحكومة العاشرة برئاسة إسماعيل هنية، كُلف الكرد بمنصب وزير الشؤون الاجتماعية، بعد أن كان رئيساً لبلدية دير البلح عقب فوز حركة “حماس” بالانتخابات المحلية عام 2005م.
ويُعدّ الراحل أبو أسامة الكرد أحد أبرز قادة حركة حماس في قطاع غزة، حيث مارس العمل التنظيمي فيها منذ سنوات طويلة، وقبيل تأسيسها كان أحد كوادر جماعة الإخوان المسلمين لتمتد مسيرته التنظيمية الإسلامية زيادة على النصف قرن، حتى تم انتخابه عضواً للمكتب السياسي للحركة في دورته الانتخابية الأخيرة، وما زال يشغل هذا المنصب حتى وفاته رحمه الله.
حملات إنقاذ غزة
وفي خضم الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، المتواصل منذ 14 عاماً، أعلن أحمد الكرد، عن انطلاق حملة #أنقذوا_غزة، في محاولة لإنقاذ الوضع الكارثي الذي وصل إلى الانهيار أو الانفجار، في ظل سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
وأطلق الكرد الحملة، ممثلاً لتجمع المؤسسات الخيرية، نداءه الأخير وصرخته المدوية في وجه كل أحرار العالم، وأصحاب الضمائر الحية والقلوب الرحيمة، للتحرك العاجل دون أي تأخير أو مماطلة.
ووفق متابعة “المركز الفلسطيني للإعلام” للحملة في يناير 2018م، قال الكرد في حينه: “أصبح لا يخفى على أحد، ما آلت إليه الأمور في قطاع غزة، من تدهور خطير في القطاعات الإنسانية والحياتية كافة، التي تسبب بها الحصار الظالم والحروب المدمرة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع”.
ووجه الكرد رسالته إلى أحرار العالم والمؤسسات الدولية قائلاً: “يا أحرار العالم، يا منظمات حقوق الإنسان، أيتها المؤسسات والجمعيات الإنسانية، أيها المجتمع الدولي، كم من الضحايا تنتظرون حتى يتحرك الضمير لرفع هذا الحصار”.
وتوفي الكرد عن عمر يناهز (71 عاماً)، في ليلة السابع عشر من رمضان، خلال أدائه لصلاة التراويح مع أهل بيته في دير البلح بالمحافظة الوسطى، في ظل انتشار جائحة كورونا عالميا، وفرض إغلاق للمساجد في قطاع غزة.
وقضى الكرد إثر جلطة دماغية حادة، نُقل على إثرها إلى مستشفى شهداء الأقصى بالمحافظة الوسطى، غير أنه توفي على الفور، بعد رحلة خيرية مليئة بالعمل الخيري والإغاثي الداعم لفلسطين.
ونعت حركة حماس الراحل، واصفة إياه بأبرز أعلام العمل الخيري في فلسطين.
ونعى رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” إسماعيل هنية، عضو المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة الأستاذ المجاهد أحمد الكرد أحد أعمدة العمل الخيري، قائلاً: “كان صائما، ثم مصليا للعشاء، ثم مصليا للتراويح، ليقبضه الله ليكون في جواره في أحسن خاتمة، وأعظم هيئة”.
وأضاف هنية أن للكرد مسيرة عطاء طويلة، جاب خلالها عواصم الدول شرقا وغربا، من أجل أن يخفف عن أبناء شعبنا؛ يكفل الأيتام، يحتضن الجرحى، يواسي الشهداء، يضمد الجراح، يأوي المشردين، كان يعمل ليل نهار.
وتابع هنية: أسأل الله أن ينزله منازل المكرمين من عباده، وأن يدخله الجنة من باب الريان.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حملة دهم واعتقالات في الضفة
الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، حملة اقتحامات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، تخللتها اعتقالات بعد...

البرش: الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور منير البرش أن الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني عبر منع الماء والغذاء...

القائد عبد الله البرغوثي يواجه محاولة تصفية ممنهجة من سجاني الاحتلال بسجن جلبوع
المركز الفلسطيني للإعلام أكد مكتب إعلام الأسرى أن الأسير القائد عبد الله البرغوثي يواجه محاولة تصفية ممنهجة داخل سجن "جلبوع" الإسرائيلي، حيث وصلت...

6 شهداء منهم طفلان بقصف إسرائيلي على مواصي خانيونس
خانيونس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد ستة مواطنين، بينهم طفلان، مساء الثلاثاء، في قصف إسرائيلي على خيام النازحين في المواصي خانيونس، ما يرفع...

حماس تطالب بالضغط على الاحتلال لإنهاء جريمة التجويع الممنهج في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن استمرار حكومة نتنياهو في استخدام التجويع كسلاح في قطاع غزة؛ جريمة حرب، واستخفافٌ بالمجتمع الدولي، وتحدٍّ...

حكومة الاحتلال تتراجع عن إقالة رئيس الشاباك
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام تراجعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، عن قرار إقالة رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك"، رونين بار، وذلك...

49 صحفيا في سجون الاحتلال.. آخرهم علي السمودي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أفاد نادي الأسير الفلسطيني، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل في سجونها 49 صحفيا فلسطينيا. اعتقلت قوات...