الثلاثاء 02/يوليو/2024

الحي اليهودي الجديد.. مخطط إحكام السيطرة على المسجد الإبراهيمي

الحي اليهودي الجديد.. مخطط إحكام السيطرة على المسجد الإبراهيمي

لم تكن الإجراءات المتسارعة لحكومة الاحتلال فيما يتعلق بمصادرة الأراضي المحيطة بالمسجد الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل سوى حلقة من حلقات إحكام السيطرة عليه وعلى البلدة القديمة.

وبيافطة علقها المستوطنون مؤخرا في سوق الجملة في البلدة القديمة في الخليل تتلخص حكاية المشهد، حيث كتب عليها “سنعيد بناء الحي اليهودي (السوق) في الخليل”؛ حيث ظل سوق الجملة المغلق منذ مجزرة المسجد الإبراهيمي عام 1994 محط أطماع المستوطنين لموقعه الإستراتيجي في السيطرة على المسجد.

وكان ما يسمى المستشار القضائي لحكومة الاحتلال أفيحاي مندلبليت، صدّق مؤخرا على قرار مصادرة مسطحات الأراضي الموجودة بتخوم المسجد الإبراهيمي في إطار سياسة حكومة الاحتلال القاضية بالسيطرة الكاملة عليه وتحويله إلى كنيس يهودي بدعوى تحديث وتطوير المكان.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي د. خليل التفكجي لمراسلنا أن سلطات الاحتلال ظلت على الدوام تسعى إلى الاستيلاء على المسجد الإبراهيمي جميعه، في انتهاك للقوانين الدولية.

وبموجب اتفاقات أوسلو لعام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الإسرائيلي، فإن من يمتلك الصلاحيات في المسجد الإبراهيمي هو بلدية الخليل، وليس سلطات الاحتلال الإسرائيلية.

وكان سبق بأشهر قرار أصدره وزير الحرب الإسرائيلي نفتالي بينيت في (1-12-2019) بالتصديق على تنفيذ مخطط لإقامة حي استيطاني جديد بالقرب من المسجد الإبراهيمي في مجمع سوق الجملة في الخليل.

وتنص الخطة على إنشاء محلات تجارية جديدة بدل المباني المدمرة، مع الحفاظ على حقوق الفلسطينيين في العقارات على الطبقات الأولى؛ حيث إن الحي اليهودي الجديد سيمثل سلسلة متصلة إقليمية بين المسجد الإبراهيمي وحي أبراهام أفينو، ما يتوقع أن يؤدي إلى مضاعفة عدد اليهود في المدينة.

وتشمل الخطة هدم مباني السوق لفلسطينيين من سكان مدينة الخليل والبلدية، وبناء متاجر جديدة مكانها مع الحفاظ على حقوقهم في العقارات على الطبقات الأولى.

وتعود ملكية هذه المحال لبلدية الخليل وعدد من سكان المدينة، حيث أغلقت بأمر من السلطات الإسرائيلية، عقب “مجزرة المسجد الإبراهيمي” عام 1994، حينما أطلق مستوطن يدعى باروخ غولدشتاين النار على المصلين في المسجد الإبراهيمي أثناء صلاة فجر الجمعة الخامس عشر من شهر رمضان، ما أسفر عن مقتل 29 شخصا وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.

وأكد حسام أبو الرب، وكيل وزارة الأوقاف الفلسطينية، أن هذا المخطط سيؤدي إلى حرمان المسجد الإبراهيمي من أوقافه، ومساحاته وأراضيه لمصلحة مشروع استيطاني يهدف لإحكام السيطرة على المسجد.

وأضاف لمراسلنا أن هذا اعتداء واضح على ملكية المسلمين الخالصة له سواء كان المسجد الإبراهيمي نفسه أو الأوقاف المتعلقة به وهي كثيرة وتنتشر في محيطه وفي غيره من الأمكنة في مدينة الخليل وغيرها.

ونبّه إلى أن حكومة الاحتلال استغلت انشغال العالم بوباء كورونا لتمرير سياسات استيطانية، وكذلك تأثير كورونا على الساحة الداخلية لكي تضمن تمرير قراراتها بأقل ردة فعل.

وشدد على أن الأوقاف الفلسطينية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الهجمة، وستعمل على الوقوف بحزم في وجهها.

تدرج في فصل قلب المدينة
ويؤكد التفكجي أن قرار إقامة الحي اليهودي الجديد هو نتيجة لسنوات طويلة من العمل الاستيطاني المتدرج، والذي هدف إلى فصل قلب مدينة الخليل عن محيطها، حيث يحظر دخول المركبات إليها، في حين يعد شارع الشهداء وشارع سوق الجملة لب الصراع في تلك المنطقة، ويعيش سكان تلك المواقع حالة من العزل والعيش بين الحواجز المتلاصقة لجيش الاحتلال.

وأضاف أنه يوجد 3400 وحدة سكنية في البلدة القديمة أُخلي ثلثها، كما أن معظم الشقق الفارغة توجد في المنطقة التي تقع تحت سيطرة المستوطنين المباشرة.

كما يوجد 1500 محل تجاري مغلق منذ عشرين سنة تقريبا، ثلثها مغلق بأوامر إغلاق عسكرية إسرائيلية، والأخرى بسبب تنكيل المستوطنين ومنع الحركة التي تشل حركة السوق وترهب التجار.

مخطط متدرج منذ 1967
وكان مخطط السيطرة على المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل بدأ منذ احتلالها عام 1967، بالاستيلاء على بعض الأبنية في داخل المدينة، وتحويلها إلى أحياء سكنية لليهود؛ وبدأ تنفيذ خطة التهويد بدخول 73 مستوطناً مدينة الخليل في 10/5/1968، حيث سكنوا فندق “النهر الخالد”، وأعلنوا نيتهم البقاء؛ بدعم من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وبدأ المستوطنون يمهدون للخروج من نطاق الحكم العسكري، ويطالبون بإقامة بعض الفعاليات التجارية والاقتصادية داخل المدينة، وخاصة في منطقة المسجد الإبراهيمي، حيث توجد مغارة “الماكيفلا” فأقاموا مطعم (كاشيد)، للزائرين اليهود، وحوانيت للأدوات الدينية والتذكارية، كموطئ قدم في زرع البؤر الاستيطانية حول المسجد الإبراهيمي ووسط البلدة القديمة في الخليل.

وفي عام 1968، أقرت الحكومة الإسرائيلية بناء مدرسة دينية في الخليل، لتستقطب وتجلب دعاة التهويد والاستيطان. وقد شجعت زيارة المستوطنين المستمرة لمنطقة المسجد، على تحويل جزء منه إلى غرفة صلاة؛ تمهيداً للسيطرة عليه وجواره.

وفي أيلول 1968، سمحت سلطات الاحتلال للمستوطنين بإقامة كنيس، مقابل المسجد الإبراهيمي، وتعد هذه الخطوة الأولى في خلق واقع جغرافي يهودي داخل مركز المدينة، وفي عام 1968 كذلك، فتحت قوات الاحتلال مدخلاً وطريقاً جديداً إلى المسجد، وأقامت نقاط مراقبة عسكرية حول المنطقة.

سياسة البؤر الحاكمة
وأقيمت أولى البؤر الاستيطانية داخل البلدة القديمة المجاورة للمسجد عام 1978، باحتلال مجموعة من المستوطنين مبنى الدبويا وسط المدينة، وأطلق عليه المستوطنون فيما بعد اسم “بيت هداسا”، وبعد “عملية الدبويا” الشهيرة عام 1980، وردًّا عليها؛ هدمت سلطات الاحتلال عشرات المنازل؛ من أجل توسيع البؤرة الاستيطانية ذات الموقع الإستراتيجي، وتسكنها حاليًّا 15 عائلة يهودية. 

وفي عام 1983 أقام الاحتلال بؤرة قرب مبنى الدبويا عرفت باسم “بيت رومانو” بعد سيطرته على مدرسة “أسامة بن المنقذ” بادعاء أنها أملاك يهودية، وأضاف طابقا آخر للمبنى، وحولها إلى مدرسة دينية. 

وفي عام 1984 أنشأ الاحتلال بؤرة استيطانية جديدة (أبراهام أفينو) على موقع أثري في تل الرميدة، وأغلق سوق الخضار المركزي في البلدة القديمة، وسلّمه فيما بعد للمستوطنين لإقامة بؤرة استيطانية جديدة، بالإضافة إلى بؤر أخرى مثل “بيت حسون” و”بيت شنرسون”.

ووفق تقرير لـ”لجنة إعمار الخليل”؛ فإن المستوطنين استولوا على 20% من العقارات الفلسطينية في قلب المدينة، وحولوها إلى بؤر استيطانية، ويسكن في هذه البؤر حاليًّا حوالي 800 مستوطن، ويحرسهم باستمرار حوالي 1500 جندي إسرائيلي.

وبالنظر إلى مواقع هذه البؤر، نجد أنها تتمتع بموقع إستراتيجي، وتطل على البلدة القديمة وبعض الأحياء في مدينة الخليل، وهي بؤر متصلة بعضها ببعض، ومع مستوطنة “كريات أربع” بطرق معبده لتسهيل التنقل منها وإليها، بالإضافة إلى تسهيل الوصول إلى المسجد الإبراهيمي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مقتل مستوطن بعملية إطلاق نار قرب نابلس

مقتل مستوطن بعملية إطلاق نار قرب نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام قتل مستوطن بعملية إطلاق نار -الثلاثاء- بالقرب من مستوطنة "هار براخ" المقامة عنوة على أراضي المواطنين في قريتي بورين...