الجمعة 21/يونيو/2024

مسلسل أم هارون.. هل يخترق المطبعون وعي الجماهير من بوابة الدراما؟!

مسلسل أم هارون.. هل يخترق المطبعون وعي الجماهير من بوابة الدراما؟!

لطالما كانت الكويت ريحانة الأمة العربية وبصيص نور وسط ظلمة تطبيع تجتاح الخليج العربي، تشهد لها مواقفها الشعبية وكذلك الرسمية والتي صدح بها مسؤولون كويتيون كان أبرزهم مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي.

“أم هارون” مسلسل خليجي تلعب فيه الفنانة الكويتية حياة الفهد دور البطولة في عمل يرى النقاد من خلال “البرومو” الذي روجت له قناة mbc السعودية أن له أبعادا سياسية دون مراعاة الحقائق لتاريخ اليهود في منطقة الخليج العربي.

ويرى المؤرخ والروائي الفلسطيني أسامة الأشقر أن إدخال هذا الموضوع إلى الجملة الشعبية ومن خلال الدراما مكلفة للغاية ومدعومة.

ونبّه الأشقر في حديث خاص لـ”قدس برس”، إلى أن “ذلك ينم على أن هناك إرادة سياسية خفية، وهذه الإرادة السياسية لم تكن من اليوم، وإنما كان مرتبًا لها منذ سنوات”.

وأضاف: “مثل هذه المشروعات الكبيرة تتطلب مدة طويلة من أجل الإعداد لها وإخراجها، ومن أجل ذلك لا ينبغي أن نقرن بينها وما يجري بالعالم من (كورونا)، فالأمر سابق ويعد له على وتيرة هادئة”.

واستطرد: “وبالتالي خرج لنا هذا المشروع وصدمنا من خلال هذا السلوك الذي يحاول الترويج لسياسة عربية قادمة تجاه الاحتلال الإسرائيلي وإعادة ترتيب المشهد الشعبي كالتعامل بإيجابية مع هذا الاحتلال أو القبول به كواقع لا يمكن تجاوزه وفق إرادة سياسية تدعم مثل هذه الأعمال”.

إلا أن “الأشقر” استبعد أن يكون لهذا العمل الدرامي علاقة بالسياسة الكويتية، موضحا أن السياسة الكويتية واضحة وحاسمة بهذا الاتجاه.

واستدرك: “للأسف الطبقة الفنية وشركات الإنتاج الفني عندنا يتعاملون مع مثل هذه الأعمال على أنها بزنس؛ يأخذون منه راتباً وفي النهاية يخرجون بحصيلة مالية يعودون بها إلى حساباتهم المصرفية في عالم اختلطت فيه المبادئ”.

وأشار إلى أن “هناك بعض الجهات غير الحاسمة في توضيح الموقف من هذه القضايا. وبالجملة فإننا لا يمكن أن نعد هذا العمل كويتياً أبداً؛ لا سيما أن الجهة الداعمة ليست كويتية”.

وقال: إن “الجهة السياسية الكويتية لم تسمح لهذا العمل أن يصور أو أن يخرج من الكويت؛ فبالتالي هذا العمل ليس كويتياً حتى إن كان من قام به هم من بعض الفنانين الكويتيين الذين يتعاملون معه على أنه مجرد عمل”.

الزجّ بالكويت في مستنقع التطبيع

وحول وقف أطراف تحاول الزجّ باسم الكويت في مستنقع التطبيع، أشار الأشقر إلى أن رأس المال المسيّس يبحث عن الشخصيات اللامعة والمشهورة، والدراما الكويتية من الدراما المميزة خليجيًّا.

وأردف: “وبالتالي هذه الأموال تعرف إلى من تتجه كشخصيات فنية عريقة، في الفن لا يمكن المزايدة عليها، وهنا كان المطعن المؤلم في هذا العمل أنه فعلاً دخل من المداخل الصعبة التي يمكن أن تحدث اختراقاً حقيقيا إذا كان المتلقي لهذا العمل فارغاً أو غير محايد فيما يتعلق بمسألة التطبيع”.

وحذر الأشقر من أن الشريحة المستهدفة واسعة جدًّا، “كما أن الشباب أنفسهم أيضا ينقسمون لفئات، وبالتالي فإن الأثر الذي يمكن أن ينتج عن مثل هذه الأعمال لن يكون قليلاً خاصة أن من ينتجها ليس جهات إسرائيلية تتبع دبلوماسية تل أبيب الناعمة ضمن إستراتيجية الحروب الهجينة”.

وأوضح: “تتحرك به أوساط فنية أكاديمية ورياضية وثقافية إسرائيلية لإسناد إستراتيجية الاحتلال التي تهدف لترجمة الإشارات الرسمية والحزبية في بعض البلدان المهمة التي يريدون فتح مجالات التطبيع معها”.

وأردف: “الاختراق الحقيقي عندما تقوم جهات فنية وشخصيات فنية ذات شهرة وذات عراقة بتقديم هذا العمل بوجه إنساني يحول قضية التطبيع لتجربة تحتمل الصواب والخطأ، وعليك أن تقبل هذا الرأي، وبالتالي هنا الاختراق الكبير الذي نحذر منه”.

الدراما الفلسطينية

وعن دور الدراما الفلسطينية في التصدي لهذه الأعمال؛ أوضح الأشقر أن الواقع الفلسطيني عموما لا ينتج دراما نتيجة الأزمات السياسية والأمنية والمجتمعية والاقتصادية والتي لا تسمح بإنتاج هذه الأعمال.

وأفاد أن “هذه الجوانب الفنية والثقافية ليست من أولويات التمويل الفلسطيني إلا أن الدراما الفلسطينية رغم ذلك قادرة على توجيه انتقادات لاذعة بالنسبة لمثل هذه الأعمال، وقادرة على تعبئة الرأي العام وتوضيح ما يجرى من خلال هذه الشقوق التي تحاول أن تتسرب من خلالها هذه الموجات التطبيعية”.

بدوره بيّن مدير بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة، سمير عطية، أن الدّراما الفلسطينية موجودة، ولكنها قليلة، ونحتاج إلى مزيد من الجهود في دعمها ماليا ومعرفيا وثقافيا وإعلاميا وفي كل اتجاه ومسار ممكن.

وأضاف عطية لـ”قدس برس”: “تأثرت الدراما بالمسار التفاوضي والاتفاقيات السياسية مع العدو الصهيوني، وكان للاعتراف به الأثر الخطير الذي قادنا إلى الحديث اليوم عن مسلسل أم هارون، وبدلا من تكثيف الدراما الوطنية والقومية نعمل على الوقوف في وجه تنفيذ الاتفاقيات لمضامينها الكارثية”.

وقال: إنّ الاتفاقيات السياسية التي اعترفت بالكيان الصهيوني هي البوابة التي دخل إليها هذا التراجع الحاد في الاهتمام بقضايانا، وبات الحديث عنها تحت مجهر الرقيب السياسي والأمني.

حرف الوعي

وأكد “عطية” أن أطرافاً تحاول حرف الوعي الكويتي وجرّه إلى مستنقع التطبيع عبر بوابة الدراما، وستتوالى المحاولات شرقا وغربا في أرجاء الوطن العربي والإسلامي والإنساني الرافض للمحتل والمنسجم مع الحق الكامل لنا في فلسطين.

وصرّح: “لقد وُلدت ونشأتُ هناك (الكويت)، وأعرف عن قرب الدور الكبير للكويت في مستوياتها المتعددة أميرا وحكومة وشعبا في الوقوف مع الحق الفلسطيني دون تشويه أو انتقاص، وهو دور نعتز به وندعو إلى مواصلته برفض التطبيع والذي يأتي هذه المرّة من خلال البوابة الفنية والثقافية”.

وشدد على ضرورة أن يعلو الصوت كي يتوقف هذا العمل.

وأضاف: “نحن نعتز بالدور الطليعي الفني لدولة الكويت ومساهمتها في تطوير الدراما العربية من خلال تقديم قضايا هادفة وعبر فنانين لهم حضورهم الكبير في وجدان المتابعين، ولا نريد لهذا أن يتشوه بمثل هذه الأعمال، بل نتمنى أن تأخذ الدراما العربية من جديد دورها في دعم قضية فلسطين لا أن تكون شاشة عربية بمضامين صهيونية”.

غولدا مائير
وفي تعليق لحركة حماس، قال القيادي فيها ومسؤول دائرتها الإعلامية خارج فلسطين، رأفت مرة، عبر حسابه بموقع (تورتر): إن “شخصية أم هارون التي جسدتها للأسف الممثلة حياة الفهد، ذكرتني بشخصية رئيسة حكومة الاحتلال، غولدا مائير.. عجوز حاقدة مجرمة قاتلة”.

وأضاف مرة: “هذا هو هدف التطبيع: الحقد والقتل البطيء.. والتدمير الداخلي”.

وأوضح في تغريدة أخرى: “مسلسل أم هارون.. تمرير المشروع الصهيوني بأهدافه السياسية والثقافية إلى عمق المجتمع الخليجي.. نهاية أي تطبيع مع الاحتلال هي الدمار والتخريب”.

وأكد أن “مسلسل أم هارون مثله مثل أي عمل خبيث، يحاول البناء على حيثية بسيطة، ليحقق من خلفها أهدافاً سياسية.. المسلسل يهدف لتزوير التاريخ، وإدخال المجتمع الخليجي تدريجياً في إطار التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، في وقت يلهث بعض الحكام لبناء علاقات وثيقة مع نتنياهو لحماية عروشهم”.

تطبيع بين المشاهد والدولة الصهيونية
كما كتب إدريس الكنبوري “لأول مرة أعرف أن الكويت كان بها يهود من الحجم الذي يستحق مسلسلا عنهم. قرأت الكثير عن اليهود العرب لكن هذه أول مرة أسمع بهذا”.

وأضاف المفكر المغربي “المسلسل سيتم بثه في أوج كورونا وفي الحجر الصحي العربي والإقليمي والدولي، وطبعا الهدف هو التطبيع بين المشاهدين العرب وبين الدولة الصهيونية”.

يقول: إنه الأخطبوط العالمي، نصف الثقافة العالمية اليوم يهودية، ونصفها الآخر مقسم على جميع الشعوب، أمريكي فرنسي ألماني إيطالي سويدي دانماركي كندي بلجيكي روسي إسباني بريطاني فنلندي….إلخ.

الكنبوري تساءل في تدوينة له على صفحته بالفيسبوك: “المال العربي لم ينتج سينما أو إعلاما لخدمة القضايا العربية والإسلامية، بل خصص لإنتاج التفاهة، والمرة الوحيدة التي أراد أن يكون جديا قرر إنتاج مسلسل عن يهود الكويت، لا فيلم واحد عن مسلمي البوسنة والهرسك الذين عاشوا المآسي العظمى، لا فيلم عن الفلسطينيين، وفي الوقت الذي احتفلت أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل وأمام شاشات العالم كله يأتي الفيلم لتزكية الواقع. إنه الطاعون يا أم هارون”.

هذا وتساءل متتبعون: هل سيبرر الخليج تطبيعه مع الكيان الصهيوني من خلال ما يسمى بمظلومية اليهود، خاصة وأن مسلسل أم هارون سيدخل التطبيع إلى كل منزل عربي وخليجي تحديدا.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام، وكالة قدس برس

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مسؤولة أممية: ما رأيته في غزة يفوق الوصف

مسؤولة أممية: ما رأيته في غزة يفوق الوصف

جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الممثلة الخاصة لمكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، ماريس غيموند، الجمعة، إن 9 أشهر من الحرب الإسرائيلية...