إسرائيل تستعين بالحاخامات للحد من كورونا بصفوف الحريديم

مهدت فتوى الحاخام حاييم كانيبسكي التي يحظر بموجبها التجمهر والصلاة الجماعية بالكنس وتعليم التوراة بالمدارس الدينية، لتطبيق ما عجزت عنه المؤسسة الإسرائيلية وإخفاقها في تنفيذ الإجراءات والتقييدات بالتجمعات السكنية الخاصة بالمتشددين الحريديم، للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
وسعيا للتأثير على “الجمهور الحريدي” وإقناعهم بمدى خطورة جائحة كورونا وضرورة الالتزام بتعليمات وزارة الصحة، كثرت فتاوى وتفسيرات الحاخامات للتعاليم التوراتية التي تنص على ضرورة الحفاظ على صحة الإنسان وسلامته.
وتأتي هذه الفتاوى، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصحة الإسرائيلية تسجيل 4695 إصابة بفيروس كورونا منها 79 إصابة وصفت بالخطيرة، في حين سجلت 16 حالة وفاة حتى مساء الاثنين، حيث تشير معطيات الوزارة إلى تضاعف الإصابات بالفيروس بأوساط الحريديم، وحذرت من تفشي الجائحة بالتجمعات السكنية لليهود المتشددين.
تردد وصدام
ولحين صدور الفتاوى، بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأسبوعين الأخيرين، مترددا في إصدار أوامره لسلطات إنفاذ القانون بتطبيق التقييدات والحد من التنقل بأوساط اليهود الحريديم، لكيلا يغضب شركاءه في الائتلاف الحكومي من حزبي “شاس” و”يهدوت هتوراة”، في حين اصطدمت الشرطة بمعارضة وصلت لحد المواجهات عندما حاولت منع التجمهر والصلاة بالكنس وإغلاق المدارس الدينية للحريديم.
وأتت فتوى الحاخام كانيبسكي الذي يعد من كبار الحاخامات في أوساط اليهود الحريديم من أصول أوروبية وأعلى سلطة دينية بالمجتمع الحريدي، لتعكس قوة ونفوذ الحاخامات بأوساط اليهود المتشددين وحجم تأثيرهم على الرأي العام الإسرائيلي في القضايا المصيرية والروحانية.
وينصاع الحريديم على مختلف تياراتهم، لتعاليم التوراة أكثر من الانصياع للتشريعات المدنية الصادرة عن الكنيست ورئاسة الوزراء.
وانضم إلى هذه الفتوى، التي أتت بعد تضاعف تفشي كورونا في بلدات الحريديم في بني براك، وبيت شيمش والأحياء السكنية التي يتمركزون بها بالقدس المحتلة وكبرى المدن اليهودية، العشرات من أعضاء مجلس حاخامات التوراة الذي يضم حاخامات من مختلف التيارات الدينية.
ودعا مجلس الحاخامات إلى إصدار فتوى تجيز خرق التعاليم الدينية بالسبت كإجراء وقائي للحد من انتشار الفيروس، واقتصار الاحتفالات بالفصح العبري الذي يصادف أبريل/نيسان على العائلة فقط وداخل المنزل.
فتاوى وتعليمات
وتبنت هذه الفتاوى والتعليمات الدينية الجديدة “الحاخامية الكبرى” في إسرائيل -التي تتكون من اثنين من كبار الحاخامات، واحد من السفرديم “الشرقيين” والآخر من الأشكناز “الغربيين”- ما مكّن نتنياهو من الإعلان، مساء الاثنين، من مقره بالحجر الصحي عن مزيد من الإجراءات والتقييدات وشبه الإغلاق بالبلاد، وتحديدا في تجمعات اليهود الحريديم.
وأكدت “الحاخامية الكبرى” بـ”إسرائيل” أن التعليمات وتحديث الإرشادات المتعلقة بالتعاليم الدينية والتوراتية لليهود الحريديم التي أعلنت عنها الحكومة، تم إقرارها بالتنسيق مع كبار الحاخامات ومع المسؤولين في وزارة الصحة ومجلس الأمن القومي الإسرائيلي.
ووفقا للتعليمات التي أعلن عنها نتنياهو وعجزت الشرطة سابقا عن تنفيذها بصفوف الحريديم، تم المنع التام للصلوات في الكنس، وتعليق تعليم التوراة في جميع المدارس الدينية، وحظر التجمهر لأكثر من شخصين، والاحتفاء بالفصح العبري بالمنزل وعلى صعيد العائلة المصغرة، واقتصار تشييع الجنازات على عشرين شخصا فقط، وإقامة مراسيم الأفراح بالمنازل.
تقصير وإهمال
وفي سياق هذه الفتاوى والتعليمات الجديدة، وجّه الصحفي الحريدي، يسرائيل كوهين، انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة الإسرائيلية، واتهمها بالتقصير في تعميق الوعي بصفوف الحريديم وإهمال خصوصياتهم واحتياجاتهم، بكل ما يتعلق بالسبل للحد من انتشار فيروس كورونا.
ولفت إلى أن وزارة الصحة امتنعت حتى الأسبوع الأخير عن تعميق الوعي ونشر التعليمات والإرشادات للحجر المنزلي والإغلاق المتدرج بأوساط اليهود الحريديم، وقامت بذلك بعد أن اتضح أن نحو 50% ممن أصيبوا بالفيروس هم من الحريديم.
وأوضح أنه مع تصاعد الإصابات في صفوف الحريديم بالفيروس وعجز سلطات إنفاذ القانون للحديث للحريديم وإقناعهم بضرورة التقيد بالتعليمات للحد من تفشي الوباء، تمت الاستعانة بالحاخامات الذين خاطبوا وتوجهوا مباشرةً للجمهور الحريدي، وبينوا لهم من خلال الفتاوى والروحانيات وتعاليم التوراة مخاطر عدم الانصياع للإرشادات والتعليمات للوقاية من الفيروس، وهي الفتاوى والتوجهات التي أثبتت نجاعتها.
تشكيك وتجاهل
من جانبه، يعتقد مدير مركز المعلومات عن الحريديم، يهودا أيزكوفيتش، أنَّ أزمة كورونا تعكس طبيعة حياة الجمهور الحريدي بالدولة والتي هي أشبه باستقلال ذاتي وانعزال عن الحياة العامة للإسرائيليين، حيث إن انضباطهم يكون لتعاليم التوراة ويلتزمون بالتعليمات والإرشادات الصادرة عن الحاخامات، في حين تبدو التشريعات المدنية هامشية في حياتهم اليومية.
وأوضح أيزكوفيتش أنه في مختلف تيارات الحريديم هناك مجموعات متزمتة، وبعضهم لا يعترف حتى بالصهيونية وجميعهم ملتزمون بالتوراة والتعاليم الدينية اليهودية، علما أن هناك قطاعا من الحريديم المتطرفين، يشكك أصلا في أي توجيهات صادرة عن مؤسسة الدولة.
وبالنسبة لهم، عندما لا تتناسب توجيهات الدولة مع وجهة نظرهم المحافظة، فسيتم تجاهل تلك التوجيهات ليمارسوا شعائرهم وفقا لمعتقداتهم.
المصدر: الجزيرة
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يستهدف مجموعات شرطية أثناء ملاحقتها عصابات لصوص بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد وأصيب عدد من عناصر الشرطة الفلسطينية، مساء اليوم الجمعة، إثر استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة غزة...

أجبره الاحتلال على هدم منزله في العيسوية فجعل منه محرابا
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام أجبرت بلدية الاحتلال الإسرائيلي، المقدسي محمود عبد عليان على هدم منزله في حي المدارس بقرية العيسوية بالقدس المحتلة...

المظاهرات تعمّ المدن المغربية للمطالبة برفع الحصار عن غزة
الرباط – المركز الفلسطيني للإعلام طالب آلاف المغاربة، الجمعة، وللأسبوع الـ74 على التوالي برفع الحصار عن غزة وفتح كافة المعابر لدخول المساعدات...

حماس: الاحتلال يسعى لكسر إرادة شعبنا بكل السبل وسط غياب الضمير العالمي
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عبد الرحمن شديد، الجمعة، إن قطاع غزة يواجه اليوم واحدة من أسوأ...

المقاومة تعلن تفجير جرافة وقنبلة برتل لآليات الاحتلال شرق غزة
الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي " سرايا القدس" عن تفجير جرافة عسكرية إسرائيلية وقنبلة من مخلفات الاحتلال...

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الآلاف من اليمنيين، الجمعة، في 14 محافظة بينها العاصمة صنعاء، دعما لقطاع غزة في ظل استمرار الإبادة...

ايرلندا تدعو “إسرائيل” لرفع الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات
دبلن – المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت ايرلندا من استمرار الكارثة الإنسانية في غزة، وأنه لم تدخل أي مساعدات إنسانية أو تجارية منذ أكثر من ثمانية...