قبل المواجهة القادمة في غزة

لعله بات من المسلمات القول إن الكيان الصهيوني لن يعجبه أن يظل نمط العلاقة مع غزة متخذاً شكل جولات التصعيد المحدودة كل بضعة أشهر، فهي جولات تمسّ عصب أمنه واستقرار المناطق التي يطالها مدى صواريخ المقاومة، وتتيح في الوقت نفسه للمقاومة أن تأخذ نفساً طويلاً بين كل جولة وأخرى، وأن تراكم خلاله قدراتها وخبراتها وتختبر مدى أهدافها، وتظل في حالة تأهب بدلاً من ركونها للراحة.
لا يُستشف هذا الأمر من تعاظم تهديدات قادة الاحتلال لغزة، ولا من تزايد الحديث في إعلامه عن ضرورة وضع حدّ أبدي للتهديد الذي تصنعه جبهة غزة، بل لأن كيان الاحتلال يشق عليه غضّ الطرف عن قوة تتنامى في خاصرته وتهدد وجوده، وتؤمن قبل ذلك بأن صراعها مع المحتل وجودي وجذري، ومع أن قادة الاحتلال يدركون كلفة العملية ذات الأهداف الحاسمة، إلا أنهم سيفضلونها في نهاية المطاف على خيار العمليات الجراحية الموضعية.
ولعل أولوية أية حكومة ستشكّل بعد الانتخابات الصهيونية – في حال نجحت حكومة في إبصار النور- ستكون وضع خطة لعملية واسعة في غزة، خصوصاً أن نزع سلاح المقاومة في غزة مدرج ضمن بنود خطة ترامب، أو ما يعرف بصفقة القرن، وهذا يعني أن السياسات الصهيونية بعد الانتخابات القادمة لن تكون مماثلة لحالها خلال مرحلة عدم الاستقرار السياسي مؤخرا، بل ستتجه للحسم في ملفات كثيرة، وستكون أكثر ضراوة وتطرّفا، بغض النظر عن طبيعة المعسكر الذي ستتشكل منه الحكومة القادمة.
تلك التحديات المرتقبة والمتوقعة تتطلب بدورها سياسات مختلفة فلسطينيا، وإذا كان من العبث الاستمرار في توقع توجهات إيجابية من قيادة السلطة، فإن المتوقّع من قيادة حركات المقاومة كثير، وينبغي لسياساتها أن تكون موازية لما تمثله من ثقل على الأرض، وما تتمتع به من ثقة وتقدير كبيرين في الشارع الفلسطيني.
إن أية مواجهة قادمة تتطلب مستوى عالياً من المسؤولية ومن التنسيق بين قوى المقاومة الفاعلة، مثلما تتطلب تجنب الاجتهادات الفردية والعشوائية، ولا بدّ أن تغيب لغة (الأنا) الفصائلية وتذوب لصالح مشروع المواجهة والمقاومة، وحينما تنصهر الجهود المقاومة فتبدو ضاربة عن قوس واحدة سيشتدّ ساعدها أكثر، ويتعاظم نتاج حصادها.
ثمة استعداد مطلوب من الساحات الفلسطينية الأخرى، وتحديداً من القوى الفاعلة فيها، حول دورها وتصوراتها لما يمكن أن تقدمه، لأن مواجهة جذرية في غزة تعني أن كل القضية الفلسطينية باتت في مهبّ الريح، وباتت تصفيتها مرهونة بإسقاط جدار الصمود الأخير فيها.
أخيرا، تحسن المقاومة في غزة إن نجحت في تأخير المواجهة الحاسمة قدر الإمكان، ريثما تترتب بعض الملفات في الإقليم بصورة تحمل في جوانب منها مصلحة للقضية الفلسطينية ومشروع المقاومة فيها، لكن المواجهة قد تفرض نفسها فجأة ودونما انتظار للتوقيت المناسب، والأخطر من ذلك أنها يمكن أن تحدث بينما تتجه الأنظار والتوقعات إلى إبرام تهدئة، وهو ما يتطلب تسلحاً دائماً بالحذر والحكمة والاستعداد، وتجنب الركون إلى ما تشي به أجواء الهدوء الخادعة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الإعلامي الحكومي: نرفض مخططات الاحتلال لإنشاء مخيمات عزل قسري بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام رفض المكتب الإعلامي الحكومي، بشكل قاطع المخططات الإسرائيلية لإنشاء مخيمات عزل قسري تشبه الغيتوهات النازية، معتبرًا...

المطبخ العالمي يوقف الطهي في القطاع بعد نفاد الإمدادات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن المطبخ العالمي في قطاع غزة عن توقفه الكامل عن العمل ابتداءً من يوم غد الخميس 8 مايو/أيار 2025، نتيجة نفاد مخزونه...

ألبانيز: الجميع مسؤول أمام القانون الدولي لصمته على المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين
تونس – المركز الفلسطيني للإعلام قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز، إن...

أبو سلمية: نفاضل بين الجرحى والمرضى والمنظومة الصحية شبه منهارة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، محمد أبو سلمية، إن الأطباء في المستشفى يفاضلون بين المرضى والجرحى. وأضاف أبو...

القوات اليمنية: نفذنا عمليتين استهدفتا مطار رامون ردًا على جرائم الاحتلال
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأربعاء، تنفيذ سلاح الجو المسير عمليتين عسكريتين استهدفتا مطار رامون في...

حماس: عملية جنين أبلغ رد على محاولات الاحتلال إخماد المقاومة
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء اليوم الأربعاء، إن عملية إطلاق النار البطولية التي وقعت عند حاجز الريحان...

إصابة جندي إسرائيلي بعملية دهس في الخليل واستشهاد المنفذ
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد، يوم الأربعاء، منفذ عملية الدهس قرب حاجز "سدة الفحص" جنوبي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، والتي أسفرت...