السبت 03/مايو/2025

الصعقات الكهربائية بـبرج البراجنة.. الموت في كل مكان بالمخيم

الصعقات الكهربائية بـبرج البراجنة.. الموت في كل مكان بالمخيم

يُعاني أهالي مخيّم برج البراجنة، كبقية اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان، من ظروف صعبة ومشاكل عدة، تبدأ من الفقر الشديد والازدحام السكاني الرهيب، إلى طرقات ضيقة ونظام صرف صحي قديم، والمشاكل التي لا تعد ولا تحصى.

وعلى رأس هذه المعاناة يأتي سوء تنظيم شبكتي الكهرباء والماء؛ فتشابك أسلاك الكهرباء مع مواسير المياه صورة تتكرر رؤيتها في أنحاء المخّيم كافة، ومع استمرار تجاهل المعنيين بحل هذه القضية، وسط غياب تام لوكالة أونروا، وعدم تقديم أي مساعدات عاجلة لهم، وفق قول بعض سكان المخيم.

باتت الكهرباء تسرق الصغير والكبير منهم، وقد ارتفع عدد الضحايا خلال السنتين الماضيتين إلى 86 جراء الصعق الكهربائي من الشبكة العنكبوتية العشوائية والملاصقة لشبكة أنابيب المياه، بحسب رصد مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان.

وكان آخر ضحايا هذه المشكلة، الطفل الفلسطيني محمد نبيل أسعد عكاشة (16 عامًا) والذي توفي بتاريخ 14 كانون الآخِر/ يناير الماضي، إثر صعقة كهربائية عند مدخل منزلهم.

وقالت والدة محمد؛ فاطمة الخالدي: إن نجلها “استشهد” وبات ضحية بسبب الإهمال من المعنيين والقيادات بشبكة الكهرباء.

وأوضحت في حديث لـ”قدس برس”، أن نجلها “تكهرب” بسبب وجود كيبل كهرباء مرتفع عن الأرض مترًا فقط.

وعدّ والد الطفل محمد؛ نبيل عكاشة، أن وفاة نجله “كانت خسارة كبيرة للعائلة”.

وأردف: “دم محمد بكل إنسان بالمخيم مسؤول عن الكهرباء ولم يعمل أي شيء”، مؤكدًا أن معاناة برج البراجنة تزداد يوميًّا أكثر من ذي قبل.

من يتحمل المسؤولية؟!

يقول “أبو أشرف” محمود، مسؤول الخدمات في اللجنة الشعبية في “تحالف القوى الفلسطينية”: “المشكلة بتشكل هذه الشبكة العشوائية الكثيفة هي الاكتظاظ السكاني الكبير في المخيم، خصوصًا بعد تدفق أعداد كبيرة من النازحين الفلسطينيين من سورية إلى المخيم”.

ورأى في حديث لـ”قدس برس”، أن المسؤولية عن عدم وجود حل لهذه الشبكة “العنكبوتية القاتلة” بين أزقة المخيم وعلى جدرانه تقع على عاتق جهات عدّة أولها وكالة أونروا، وثانياً منظمة التحرير، وتحالف القوى الفلسطينية.

وحمّل محمود المسؤولية أيضًا لـ”أهل المخيم الذين لا يلتزمون بالمعايير النظامية في التمديدات الكهربائية وغيرها”.

وتتفق الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين في مخيم برج البراجنة مع “أبو أشرف” “أن مسؤولية البنى التحتية لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين ومنها الكهرباء تقع أساسًا على عاتق وكالة أونروا”.

ودعت الهيئة 302 الحقوقية، وكالة أونروا إلى “أن تبادر وعلى جناح السرعة لعقد لقاء طارئ تشارك فيه لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، وقوى وفصائل العمل الوطني الفلسطيني، واللجان الشعبية والأهلية، والمؤسسات والجمعيات الأهلية، وروابط القوى ومستقلون لوضع خطة عملية تأخذ بعين الاعتبار تنظيم استخدام شبكة الكهرباء والماء في المخيم؛ حفاظاً على سلامة وأمن السكان”.

خطة طارئة!

وأفاد مدير اتحاد لجان حق العودة الفلسطينية في مخيم برج البراجنة، أحمد سخنيني أنّ “الضائقة الاقتصادية والمعيشية اشتدت على أبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان”.

وأردف: “يحدث ذلك في إطار تقصير أونروا بالاستجابة لمطالب اللاجئين بتوفير خطة طوارئ إغاثية عاجلة وشاملة، وعجزها عن القيام بالخدمات المطلوبة لجهة تحسين واقع المخيم وخدماتها فيه”.

وتابع: “نطالب أونروا وشؤون اللاجئين في منظمة التحرير واللجان الشعبية والدولة اللبنانية بالوقوف أمام مسؤولياتهم تجاه أبناء شعبنا بالمخيم، والعمل فوراً على وضع خطة معالجة شاملة لأوضاعه”.

ودعا إلى “الضغط على الدول المانحة لتوفير الأموال المطلوبة لإعادة تأهيل الشبكات العنكبوتية القاتلة، إضافة للبيوت المتصدعة والآيلة للسقوط، ومعالجة مشكلات البنى التحتية المهترئة”.

وشدد في حديث لـ”قدس برس” على أهمية “الإفراج عن الحقوق الإنسانية والاجتماعية لتعزيز صمود اللاجئين لتحقيق حقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم تطبيقا للقرار الدولي رقم 194 نقيضاً لكل مشاريع التوطين والتهجير”.

مبادرات من المجتمع

وأشار الناشط والإعلامي الفلسطيني أحمد الحاج إلى أن “المبادرات الخاصة بالكهرباء تنقسم لأقسام عدة؛ أولها رفع أسلاك الكهرباء، لتخفيف الأذى ما أمكن، خصوصاً أن العشرات قُتلوا نتيجة الإهمال بهذا الموضوع”.

ولفت النظر إلى أهمية “العمل على إضاءة بعض الطرقات المعتمة، التي تعيق الحركة خلال الليل، والضغط على الجهات المعنية لتنظيم خطوط وعلب الكهرباء، وتوزيعها، بحيث لا تتجمع في مكان واحد”.

وأضاف في تصريحات لـ”قدس برس” أنه “في أيلول 2019 تشكلت لجنة الصيانة في حي جورة التراشحة، وهي لجنة فيها وجود فصائلي، وأهالي من حي الجورة الذي يمثّل ربع المخيم مساحة، إضافة إلى مستقلين مشهود بنزاهتهم، وعملهم التطوعي خلال سنوات طويل”.

واستطرد: “عندما جرى تشكيل اللجنة وضعت على رأس أولوياتها تنظيم الكهرباء، وبدأت برفع الأسلاك في المناطق التي تشكل فيها خطراً على سلامة الناس، إضافة بالطبع لمشاريع أخرى قامت بها اللجنة”.

الموت في كل أرجاء المخيم

الروايات التي باتت في كل شارع من شوارع مخيم برج البراجنة لضحايا الكهرباء (وفقًا لتسمية أهالي المخيم)، بعثت في أزقته وأرجائه رائحة الموت”.

هنا مات سامر، وهنا صُعقت فاطمة، وبين الأزقة مات عدنان ريحان (11 عامًا) كما الطفل محمد عكاشة الذي سجل آخر الضحايا لكنه لن يكون الأخير.

فالكهرباء ما زالت كابوساً تلاحق اللاجئين يومياً، بين الأزقة وعلى الجدران وفوق رؤوسهم في الشوارع وعلى الشرفات وفوق منازلهم، وما زالت تحصد أبناء المخيم دائما ودوريا دون أي تحرك جدّي من الجهات المسؤولة سواء الفلسطينية أو اللبنانية.

فإلى متى ستبقى حقوق اللاجئين في المخيمات مهمشة أمام الخسارات المتكررة في الأرواح، وكم من جرس إنذار سيحصد أرواح السكان قبل أن تتحرك أيٌّ من الجهات المعنية؟!

قدس برس

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح

رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...