السبت 10/مايو/2025

تعذيب شديد يرقى لجرائم حرب يتعرض له معتقلو عملية بوبين

تعذيب شديد يرقى لجرائم حرب يتعرض له معتقلو عملية بوبين

كشفت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، عن تعذيب ممنهج مارسه المحققون الإسرائيليون خلال الأشهر الفائتة بحق المعتقلين على خلفية عملية “بوبين” في آب الفائت، والتي قتل فيها مستوطنة صهيونية وأصيب مستوطنان آخران.

هذا التعذيب، الذي حصلت الضمير على جميع الأدلة عليه، كان يجرى بعلم القضاة والمستوى الرسمي وقادة شاباك، ما يجعله يصل إلى جريمة حرب يمكن ملاحقة المسؤولين عنها وفقا للقانون الدولي.
 
وقالت مدير مؤسسة الضمير سحر فرنسيس، خلال مؤتمر صحافي عقد اليوم (الاثنين 23 ديسمبر) في رام الله: إن الضمير تابعت ملفات 40 معتقلا اعتقلوا منذ 25 أب الفائت على خلفية المشاركة في هذه العملية، وتوصلت إلى وثائق تؤكد أن 95% منهم تعرضوا لأنواع التعذيب كافة، بالرغم أن عددًا منهم أتضح فيما بعد عدم علاقتهم بهذه التهمة.

وأوضحُ حالات التعذيب ما تعرض له الأسير “سامر عربيد” والذي اعتقل في 25 سبتمبر الفائت، وخلال 48 ساعة فقط على اعتقاله نقل إلى مستشفى هداسا، بسبب التعذيب المستمر، ولم يعلَن عن ذلك إلا بعد تأكيد الأطباء وجود احتمالية لموته.

التقرير الأولي لحالة العربيد في المستشفى كان يشير إلى تحلل في العضلات نتيجة التعذيب القاسي والضرب المستمر، والذي أدى إلى فشل كلوي، وكسور أضلاع صدره، وكسور أخرى في جسده.

العربيد خلال عملية التعذيب عرض على قاضي محكمة وقدم إفادته: “طوال 30 ساعة الماضية أنا أتعرض لضرب مستمر”، ورغم ذلك مدّد القاضي اعتقاله ثمانية أيام إضافية لدى هيئة المحققين نفسها.

قسام البرغوثي، المتهم بتنفيذ العملية، لم يكن بعيدا عن هذا التعذيب ولربما أكثر، فكما قالت فرنسيس؛ فإن هناك مؤشرات إلى أنه تعرض لـ”تحقيق خاص”، في مكان سريّ.

وكان البرغوثي خلال اعتقاله تعرض لاعتداء مباشر عليه من كلاب وحدة الاعتقال، وأصيب إصابات حرجة في أماكن حساسة في جسده، وبعد وصوله للمعتقل خضع لعملية جراحية عامة، ولكن خلال التحقيق كان المحققون يتعمدون ضربه مكان العملية، وبحسب إفادة البرغوثي فإنه طوال مدّة التحقيق كان مكان العملية ينزف.

البرغوثي تعرض لتعذيب نفسي أيضا، فقد اعتقلت والدته وخضعت للإقامة الجبرية، إلى جانب اختراق حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي واستخدام معلومات شخصية من خلالها للضغط عليه.

الطالبة في جامعة بيرزيت ميس أبو غوش تعرضت أيضا للتحقيق عسكري قاسٍ، بما في ذلك الضرب والصفع والشبح بكل أنواعه.
 
وما يشير إلى منهجية التعذيب الذي خضع له هؤلاء المعتقلون هو أن المحاكم كانت تمدد اعتقالهم برغم معرفتهم بوقوع التعذيب القاسي ضدهم.

وخلال المؤتمر استعرضت فرنسيس أساليب التعذيب الذي تعرض له هؤلاء الأسرى، وكان أبرزها الشبح بكل أنواعه، والتي كان أصعبها “وضعية الموزة”؛ حيث يتم تثبيت الأرجل بالكرسي بسلاسل كي لا تتحرك، ويكون ظهر الكرسي على الجنب، واليدان مكبلتين تحت الكرسي، ويضغطون على الصدر إلى الخلف ليكون بشكل زاوية منفرجة مع الكرسي بشكل مؤلم جدا لعضلات البطن مع استمرار الضغط على الصدر، ويكون لفترات لا يستطيع الجسم تحملها فيسقط الجسم للخلف على الأرض أو يسقط على ركبتي المحقق الذي يجلس خلفه.

هذه الوضعية استخدمت مع كل المعتقلين وخاصة العربيد، الذي فقد أظافر قدميه نتيجة لطول ساعات شبحه، والطالبة أبو غوش.

وبحسب فرنسيس؛ فإن هذه الوضعية هي شبيهة بالتعذيب على كرسي الحضانة الذي كان متبعا في السابق، وتم اتخاذ قرار بإلغائه في العام 1999 بعد صدور القرار الإسرائيلي بمنع التعذيب ضد المعتقلين الفلسطينيين.

الوضعية الثانية هي وضعية الكرسي الصغير، أكثر وضعيات التعذيب المستخدمة في مراكز التحقيق الإسرائيلية بحق المعتقلين الفلسطينيين، يتم خلالها تكبيل اليدين للكرسي من الخلف وتكبيل القدمين للجزء السفلي من الكرسي.
 
إلى جانب وضعية كرة السلاسل؛ حيث يُجبر المعتقل على الاستلقاء أرضا على ظهره ويكون مكبل اليدين والقدمين، وتكون الأيدي مقيدة خلف الظهر من جهة الأرض بسلسلة حديد طولها نصف متر، ويجعل المحقق السلسلة مثل كرة بوسط الظهر ويجلس فوق المعتقل ويدفع بالبطن والصدر للأسفل؛ ما يسبب ألما شديدا بالظهر.

وقالت فرنسيس: إن التوقع أن هذه الوضعية هي السبب في تعرض العربيد لكسور متعددة في ضلوعه.

وتحدثت فرنسيس أيضا عن وضعية الشبح على الطاولة، وهي تكبيل اليدين من الخلف بقيود ذوات حلقات قريبة على بعضها البعض وتثبيت اليدين من الخلف على طاولة وشد اليدين للخلف والأعلى.

من جهته قال شعوان جبارين، مدير مؤسسة الحق: إن الأدلة التي حصلت عليها الضمير تؤكد وجود قرار بتصفية وقتل المعتقلين، رغم كل الادعاءات بالتهم الموجه إليهم، فإن التعذيب يعدّ جريمة تعاقب عليها كل الدول.

وأشار جبارين إلى أن الأدلة تشكل ملفا متكاملا ونموذجيا لجريمة تعذيب يمكن ملاحقة “إسرائيل” عليها ومحاكمة كل المتورطين بها من قضاةٍ وقادة الشاباك والمستوى السياسي، فكل هذه المستويات كانت على علم بممارسة التعذيب، إلى جانب عدم توفر مقومات المحاكمة العادلة، وهي جريمة إضافية يعاقب عليها القانون الدولي.

وحول طرق هذه الملاحقة، قال جبارين: إن كل دول العالم لديها اختصاص بملاحقة المسؤولين عن قضايا التعذيب، بغض النظر عن سبب هذا التعذيب، لذا من الممكن تفعيل هذا الاختصاص أمام القضاء لأي دولة من العالم.

وفي ردها على اتهام النائب في التشريعي خالدة جرار بالمشاركة في هذه العملية، بعد إعلان الشاباك (في 18 ديسمبر) عن أفراد الخلية في بيان رسمي، قالت فرنسيس: إن هذا الإعلان هو خرق للقانون، يمنع الإعلان عن التهم للمعتقل قبل تقديم لوائح اتهام بها ومعرفته بها.

وحول مشاركة جرار، قالت فرنسيس: “نعتقد أن هذه الملاحقة هي ملاحقة سياسية، ولائحة الاتهام التي وجهت لها تضم أخطاء قانونية كبيرة، وهو ما يثبت محاولات الربط بين العمل السياسي والميداني”.

وتابعت فرنسيس: إن التسريع في إعلان الشاباك وزجّ اسم جرار فيه هو رد إسرائيلي على التقرير الحقوقي لمؤسسة هيومن رايتس ووتش، والتي تحدثت عن الانتهاكات بحقها خلال اعتقالها السابق، وصدر قبل ذلك بأيام.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات