الوحدة الوطنية أو كي وهندسة الوعي الفلسطيني

لا يبدو ما يجرى على أرض الواقع الفلسطيني عبثا هذه الأيام، ولا نتيجة عفوية بمجمل علاقات القوى على الأرض ومنها الفلسطينية والاحتلال الغاشم، فعندما يتحول المقهور لجزء من منظومة القهر التي تستهدفه والتي تحافظ على الاحتلال وتجعله ممكنا بأقل الخسائر، وعندما تتحول الوحدة الوطنية لمجالٍ للمناورة ولعبء على المشروع الوطني، عندها تتحول المقاومة المشروعة إنسانيا وقانونيا لعبثية بل وكارثية، ويتحول الانقسام لواقعية وضرورة سياسية وحينها تتعزز إبادة الشعب الفلسطيني السياسية ويزداد التطهير (الوطني) والذي لا يقل خطراً عن (العرقي) منذ العام 1948م ويحتفل الأبرتايد بكماله وتمامه فالقاهر والمقهور والظالم والمظلوم أصبحا جزءاً لا يتجزأ من منظومة بقائه وتطوره.
إن البعد الآخر لما يجري على الأرض أمنيا وسياسياً، فلسطينياً داخلياً وفلسطينياً إسرائيلياً، هو بعد ثقافي ونفسي يتعلق بالدرجة الأولى بكي وعي الشعب الفلسطيني وتغيير ثقافته وإعادة هندسة وعيه ومفاهيمه الوطنية التي نشأ وترعرع عليها منذ بداياته أو تحييدها على أقل تقدير وذلك من قبل قوى القهر والاحتلال، التي تسعى لتخليد نفسها باستخدام ضحيتها، رغم كل عقبات وتحديات التاريخ والجغرافيا التي تواجهها، وقد حققت حتى الآن نجاحاً محدوداً قد يستمر ويترسخ إن لم تستدرك قوى المقاومة الوطنية الفلسطينية فتجمع أمرها وترتب صفوفها وتعيد ترتيب أوراقها وتوجيهها بالصورة المناسبة لمواجهة هذا الخطر المعنوي والفكري والنفسي المحدق، لأن الانتصار في مجال الوعي والثقافة والذاكرة يعني (خلود المنتصر وإبادة المهزوم).
كلما نجح الاحتلال في قمعه وسيطرته كلما زادت ورطته وتعاظمت تماما كما لو كان يتعرض لفشل مباشر أو لضربات وهزائم، فالاحتلال الإحلالي يحمل بين جنباته بذور فشله شريطة أن تجد هذه البذور من يرعاها بالصمود والمقاومة، ومن ذلك ما قد يعنيه استمرار الاحتلال لأراضي 1967م من تدمير لحلم ومساعي “إسرائيل” بأن تكون دولة يهودية وديموقراطية وتحويلها لدولة عنصرية تقمع الآخر/ أبرتايد كامل، وإنهاء الاحتلال لأراضي 1967م وما يعنيه من انهيار لأحلام وأفكار ومبادئ اليمين القومي المسيطر “شركاء نتنياهو الطبيعيين” لدولة يهودية.
حتى هذه اللحظة لم يصل الاحتلال لمبتغاه في كي الوعي الفلسطيني ومن باب أولى هندسة هذا الوعي وفق رؤيته في الهيمنة والاضطهاد، رغم تحقيقه لإنجازات واضحة في هذا المجال الخطير، ولم يكن ذلك ليتم لولا تحول فئة معينة من ضحاياه المقهورين لجزء لا يتجزأ من منظومته في السيطرة والإخضاع أو الإبادة وإعادة الإنشاء.
هكذا إذن تصبح مهمة استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام مهمة مصيرية للإنقاذ الوطني لا يمكن تجاوزها ليس من أجل مواجهة القهر والاحتلال فحسب، بل من أجل الحفاظ على الذات المقاومة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: العدوان على اليمن جريمة حرب وإرهاب دولة ممنهج
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام دانت تدين حركة "حماس" بأشدّ العبارات العدوان الاسرائيلي على اليمن، والذي نفّذته طائرات جيش الاحتلال، واستهدف مواقع...

تحذيرات من انهيار كامل لمستشفيات غزة خلال 48 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الإثنين، من أن مستشفيات القطاع على شفا الانهيار خلال 48 ساعة بفعل منع...

غوتيريش: توسيع إسرائيل هجماتها بغزة سيؤدي لمزيد من الموت والدمار
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن خطة إسرائيل لتوسيع هجماتها على غزة ستؤدي إلى مزيد من الموت...

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن
صنعاء- المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...

9 شهداء بغارتين إسرائيليتين في مخيم النصيرات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 9 شهداء على الأقل، وأصيب عدد كبير من المواطنين بجروح، الإثنين، جراء غارتين شنتهما مسيّرات إسرائيلية، على منطقة...

صحة غزة: حصيلة حرب الإبادة ترتفع إلى 52,576 شهيدًا
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت زارة الصحة بقطاع غزة، بأن 32 شهيدًا منهم 9 انتشال، و119 إصابة وصلت مستشفيات القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية....

مستوطنون يحرقون محاصيل قمح في سهل برقة بنابلس
نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام أحرق مستوطنون متطرفون، مساء اليوم الاثنين، على إحراق أراضٍ زراعية مزروعة بالقمح في سهل برقة شمال غرب مدينة نابلس...