السبت 10/مايو/2025

ديون السلطة المستحقة لمشافي القدس.. أزمة قديمة حديثة ضحيتها المرضى

ديون السلطة المستحقة لمشافي القدس.. أزمة قديمة حديثة ضحيتها المرضى

اتصل المريض الشاب “محمد. ب” من قطاع غزة، بمستشفى المطلع بالقدس ليتأكد من توفر حجزه الذي حدده له المستشفى قبل شهر، فوصلته الإجابة كلطمة على وجهه: “نأسف، نرفض استقبالك” فكان الرد كالصاعقة على قلب المريض الذي بات يعد عمره بالساعات بعد اكتشاف إصابته بمرض السرطان في الكبد.

وعلم المريض الشاب من عدة جهات، أنّ سبب رفض المستشفى المذكور استقباله هو رفض السلطة وتلكؤها بدفع الديون المتراكمة عليها منذ سنوات، حيث تعدت الديون حاجز الـ200 مليون شيكل (60 مليون دولار) كما علم مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” من مصادر مطلعة.

وتأسس مستشفى المطلع عام 1950 بهدف تقديم الخدمات الطبية للاجئين الفلسطينيين، ويعدُّ ثاني أكبر مستشفى فلسطيني في مدينة القدس، ونجح في تقديم خدمات طبية عالية المستوى خاصة في علاج السرطان بمختلف أنواعه، حيث يقدم علاجات تعدُّ الأولى والوحيدة من نوعها في فلسطين حتى اليوم.

ويتركز تمويل المستشفى في المنح المقدمة من جهات خارجية، إضافة إلى التحويلات الطبية من السلطة الفلسطينية، لكنه يعاني من أزمة مالية خانقة بسبب تراكم الديون على السلطة، مما أدى في بعض الأحيان إلى عدم تلقي الموظفين رواتبهم لعدة شهور، بالإضافة إلى نفاد أدوية ومستلزمات طبية ضرورية لعلاج المرضى.

انقطاع العلاج

المريضة بسرطان الثدي منال “م” (51 عاماً) تبللت وجناتها بالدموع بعد أن علمت أنّه ليس بإمكانها تلقي العلاج، والذي يحين موعده خلال أيام، حيث حالتها تتطلب حصولها على علاج بيولوجي كل 21 يوماً.

وتضيف لمراسلنا: “توجهت كباقي المرضى إلى مستشفى المطلع بالقدس في الموعد المحدد، وبمجرد وصولنا إلى المستشفى، طلب منا العودة من حيث أتينا، مؤكدين عدم توفر العلاجات لديهم بسبب تراكم مديونية السلطة الفلسطينية للمستشفى.

وبألمٍ شديد تؤكّد المواطنة الغزّية، أنّ تخشى من العودة للقطاع حيث لا يتوفر العلاج والإمكانيات اللازمة لعلاجها، وتضيف: “إنّ ما يمضي من وقت هو على حساب أعمارنا، فالمرض ينهك جسدي وجسد آلاف المرضى مثلي”.

مماطلة مرفوضة

الصحفي فتحي صبّاح والد لطفلة مريض بالسرطان وشاهد على معاناة المرضى بمستشفى المطلع، أكّد في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ ما يجري من مماطلة وتأخير من الحكومة الفلسطينية لدفع ديون وشراء الأدوية مرفوض بشكل تام.

وأضاف: “للأسف ما يجري من مماطلة هو على حساب حياة المرضى الذين هم معرضون للموت ولتدهور حالتهم الصحية بين لحظة ولحظة”، محملاً الحكومة المسؤولية عن حياة هؤلاء الناس.

ويشير صبّاح، أنّ الأزمة بمستشفى المطلع قديمة حديثة، حيث وصلت ديون المستشفى على السلطة قبل عامين بالتمام من الآن إلى نحو 182 مليون شيكل، حيث وصل دعم بستين مليون شيكل وبقي 122 مليون شيكل، واتفقت الحكومة بإدارة رامي الحمد الله مع إدارة المستشفى على تسديدها بدفعاتٍ شهرية، إلا أنّ الحكومة لم تلتزم وعادت الديون تتراكم من جديد.

صرخة المرضى

ويشير الصحفي الفلسطيني أنّ أخطر ما في الأزمة، هو خوف كثير من الناس التحدث حتى لا يتعرضوا لوقف تحويلاتهم أو قطع تصاريحهم أو نحوه، “مما يؤكّد أنّ حياة الناس أصبحت رهينة لدى أصحاب القرار”.

ورفضاً لذلك؛ أطلق نشطاء وصحفيون فلسطينيون في الضفة والقدس وقطاع غزة، حملة باسم “أنقذوا مرضى السرطان” حيث دعوا فيها أهالي المرضى للنزول للاعتصام المتزامن في الضفة والقدس وغزة، حيث ستكون ثلاث وقفات بالتزامن مساء يوم الاثنين القادم الساعة الثانية، الأولى في القدس بمستشفى المطلع، والثانية بالضفة أمام مكتب رئيس الوزراء في رام الله، والثالثة أمام مستشفى الأورام “الرنتيسي”.

وأكّد النشطاء والمنظمون أنّهم سيدقون ناقوس الخطر بتعرض حياة مرضى السرطان للخطر جراء مماطلة السلطة بدفع الديون المستحقة لمستشفيات القدس وخاصة المطلع، وأوضحوا أنّ المرضى يعانون منذ 16 يوما من توقف جرعات دواء السرطان وغيرها من الأدوية والمستلزمات الطبية.

وشددوا أنّ الحراك سيكون حراكا إنسانيا بحتا غير مسيس أو حزبي، مؤكّدين أن علاج المرضى فوق كل اعتبار، وأنّ ضرورة مشاركتهم في الوقفات مهم وضروري، وأنّ مطلبهم الوحيد هو الإعلان الفوري والعاجل عن إنهاء الأزمة وحلها جذرياً.

رد الصحة

وزيرة الصحة بالحكومة في رام الله مي الكيلة، دعت أي مريض لا يستقبله مستشفى المطلع في القدس، بسبب الأزمة الحالية، عليه مراجعة دائرة التحويلات للحصول على تحويلة إلى مكان آخر في مشافينا الحكومية أو الخاصة.

وأضافت الكيلة في بيان صحفي، أمس، أن ديون مستشفى المطلع متراكمة منذ السنوات الماضية، وتعمل الحكومة على جدولتها وفق الموارد المالية المتاحة، إلا أنّ الصحفي المطلع صبّاح أكّد أنّ هذا ليس حلاً أبداً، مبيناً أنّ هذا تهميش وتطنيش للأزمة التي يعيشها مستشفى المطلع والذي لا يتوانى في تقديم العلاج للمرضى.

وكانت وزارة الصحة قد كشفت سابقاً، عن تزايد عدد مرضى السرطان في قطاع غزة، ليصل إلى 600.12 مريضا و53 % منهم إناث و47 % ذكور، مؤكدةً خطورة واقعهم الإنساني والصحي الذي بات يهدد حقوقهم العلاجية مع استمرار نقص الدواء والخدمات الطبية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات