الخميس 08/مايو/2025

حماية الأقصى بين الصمود اليومي والعدوان المتكرر

حماية الأقصى بين الصمود اليومي والعدوان المتكرر

لا أحد يدري كيف سينفجر الموقف في باحة المسجد الأقصى الذي يشهد اقتحامات يومية غير مسبوقة من المتدينين والمستوطنين في محاولة للسيطرة عليه وإقامة مخطط الهيكل المزعوم.

في سبتمبر عام (2000م) فجّرت زيارة (آرئيل شارون) للأقصى انتفاضة الأقصى، اليوم مع زيادة العدوان وفارق الزمان يبشّر مخطط الاحتلال في الأقصى والقدس بانفجار الموقف.

وثمّة سؤال عن مستقبل الأقصى المعرّض للتقسيم الزماني والمكاني كما جرى تقسيم الحرم الإبراهيمي عام (1994م)، ما هو المطلوب؟ وما هو الحل؟ رغم قتامة المشهد السياسي ودوران عجلة التطبيع العربي مع الاحتلال إلى الأمام.

وتشير إحصائيات وزارة الأوقاف الفلسطينية إلى أن عام (2018م) شهد سلسلة اقتحامات شارك فيها (29800) متطرف إسرائيلي، لكن العام الجاري يشهد قفزة نوعية ومكثّفة لاقتحامات المتدينين ووزراء ونواب كنيست تجاوز الرقم إحصائية العام الماضي بكثير.

وذكر تقرير أعده مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني أن أعداد المستوطنين الذين اقتحموا الأقصى، خلال النصف الأول من شهر آب وصل 2440 مستوطنًا.

كما وصل عدد المستوطنين المقتحمين للأقصى أول أيام عيد الأضحى المبارك 1729 بقيادة المتطرف عضو الكنيست (يهودا غليك).

وعاشت باحات المسجد الأقصى أهم محطاتها قبل عامين في معركة باب الأسباط عندما تذرّع الاحتلال بوقوع عملية مقاومة وأراد تركيب كاميرات وبوابات إلكترونية لمراقبة بوابات المسجد والسيطرة عليه.

وأفشل صمود أهالي القدس والضفة والداخل المحتل مخطط الاحتلال في معركة البوابات، وبدأ مخطط مكثّف للسيطرة على المسجد وتنفيذ سلسلة اقتحامات شبه يومية.

تهويد متصاعد

الحديث عن تكثيف الاستيطان والتهويد يتركّز الآن في مدينة القدس والخليل أولاً وبدرجات متفاوتة في بقية مناطق الضفة وفلسطين المحتلة.

يحاول الاحتلال إضفاء مسحة دينية مزعومة على الجهات الأربع المحيطة بالمسجد الأقصى ليبرر أعمال التهويد والحفريات ومصادرة الأراض الفلسطينية.

ويرفض الاحتلال في الأعوام الثلاثة الماضية أي تنازل أو تفكيك لأي مستوطنة من (240) مستوطنة وتجمع منتشرة في فلسطين المحتلة، في حين كان الحديث خلال التسوية عن تفكيك بعضها وارد إلى حد ما.
ويؤكد د. جمال عمرو الخبير في شئون القدس أن مدينة القدس ومعها المسجد الأقصى تقوم فوق رقعة تزيد عن (125 كم) مربع وأن الاحتلال يحاول مصادرة كامل المناطق المطلّة على الأقصى من الجهات الأربع بعد أن أسماها (الحوض المقدّس).

ويضيف: “الآن السباق بالحفريات فوق الأرض وتحتها، ومؤخرًا بدأ الاحتلال إنشاء مقابر تحت الأرض في القدس، كل ما في البلدة القديمة وواد سليمان ويدّعوا أن كل ما ينسبوه لليهود من معالم مزعومة مقدّس ولا يمكن التنازل عنه”.

وبعد نقل (ترمب) الرئيس الأمريكي سفارته للقدس وتشديد الاحتلال أن القدس عاصمته الموحّدة، اشتد الصراع في الأقصى لطرد 145 ألف فلسطيني يسكنون في بلدات القدس لإضافة 300 ألف مستوطن حسب مخطط الاحتلال.

حماية واجبة

وحول خيارات الفلسطينيين في التصدّي لمخطط الاحتلال في المسجد الأقصى خاصة، والقدس عامةً، ثمّة سلسلة خطوات يشترك فيها السياسي والمقاوم مع المواطن البسيط مهما كانت قدراته.

يقول د. جمال عمرو الخبير في شئون القدس: إن بإمكان الفلسطينيين البدء في تصحيح المسار قبل أن يستيقظوا على ضياع المسجد الأقصى بالكامل.

ويتابع: “أمامنا خطوة سحب الاعتراف باتفاقية أوسلو برمتها والعودة لمبدأ فلسطين هي من البحر إلى النهر نبدأ التعبئة الثقافية والمعنوية لنصرة الأقصى والقدس ثم تعميم ثقافة وفعاليات ضرورة التحرير”.

أما غسان دغلس الخبير في شئون الاستيطان فيؤكد أن حماية الأقصى تبدأ محليًّا، لكنها بحاجة لدعم عربي وإسلامي دون توقف.

ويتابع: “أهم شيء تعزيز صمود المواطن المقدسي؛ فمثلاً يخرج أحدهم كأسير من السجن ويجد أمامه غرامة بأربعين ألف شيكل كما عرفت أحدهم”.

الصمود اليومي

ويشكل رباط الفلسطينيين من أنحاء فلسطين كافة في باحات المسجد الأقصى حالة دائمة يزداد فيها حضورهم عندما يحاول الاحتلال حرمانهم من الصلاة في رمضان والأعياد بزعم ممارسة طقوس دينية يهودية.

حالة اشتباك دائمة قد تجري في أي لحظة عندما يشرع الاحتلال في مخطط تهويد أو حفريات أسفل أو حول المسجد الأقصى، وهو ما شكّل معضلة أمام جنود الاحتلال وهم يواجهون محتجين يدافعون عن المكان بأجسادهم.

و يدعو الخبير دغلس إلى حماية منازل المقدسيين المهددة بالطرد والهدم، فهي معضلة كبيرة أمام صمود المواطنين هناك، ومن الممكن أن يجد سكان (20) ألف منزل من جيران الأقصى أنفسهم خارج القدس في العراء.

ويدعو عبد الهادي حنتش، الخبير في شئون الاستيطان، إلى تكثيف المقاومة الشعبية في المسجد الأقصى ومدينة القدس لحماية المسجد من مخطط تقسيم وتهويد متصاعد مؤخراً.

ويتابع: “على غرار نجاح الاحتجاجات داخل الأقصى ضد كاميرات وبوابات الاحتلال الإلكترونية التي نجحت، مطلوب مواصلة الاحتجاج والاعتصام الدائم ليفهم الاحتلال رسالتنا”.

ويدعو حنتش المؤسسات الحكومية الفلسطينية والعربية لمتابعة قضية رُفعت سابقة في المحكمة الجنائية الدولية ضد الاستيطان المتركّز في القدس والضفة حتى تجد (إسرائيل) نفسها أمام ضغط دولي ولا تعمل بحرية في الأقصى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات