السبت 10/مايو/2025

​الأقصى بين جريمتين!!

وليد الهودلي

يقع الأقصى هذه الأيام بين جريمتين: بين تحفيز سلطات الاحتلال لمن لا حق لهم فيه وبين جريمته في منع أصحابه منه من جهة أخرى!!!

“يروى أن قاضيا ذكيا أراد أن يعرف الأم المدعية من الأم الحقيقية في قضية تدعي كلتا المرأتين أن الطفل ولدها، فقال نقسم الطفل إلى قسمين وكل واحدة تأخذ نصفا وافقت المدعية بينما تنازلت الأم الحقيقية عن القضية حرصا على سلامة ولدها، عندئذ عرف القاضي أم الولد”.

في الأمر خطورة يجب عدم الاستهانة بها وفيه أيضا بشرى تشجعنا لعمل المطلوب.. أما البشرى فهي أن كل إجراءات التحفيز والإغراء ومنح التسهيلات واستغلال العاطفة الدينية والغطرسة السياسية وفتح كل الطرق المؤدية للأقصى دونما أي حواجز أو أي تنغيصات على الطرق تعكر صفو حجّاجهم الأشاوس، كلها تسفر عن مئات وقد تجاوزوا الألف قليلا في يوم حجهم الأكبر.

أما بخصوص أصحابه الأصليين فرغم كل الموانع الأمنية التي تمنع اغلب الناس من القدوم إليه وتحديد ذلك بالممغنط والتصريح ثم ذودهم على الحواجز التي تكون بمثابة “عنق الزجاجة” التي ينحشر فيها من تجاوزوا عقبة التصاريح لساعات طوال، وداخل هذا العنق تجد الفرز تلو الفرز وكل إجراءاتهم الحديدية هذه تقول لك بصوت مسموع أنت غير مرغوب فيك، عقبة تلو العقبة وفي كل منها كيل الإهانة والتبكيت وتجرع القهر بكل ألوانه القاتمة. أكثر من 90 % لا يسمح لهم بالوصول للقدس (في رمضان تسمح الصلاة في الأقصى لمن هم فوق الخمسين يوم الجمعة فقط: أين يوجد هذا في العالم كله؟) ثم تكون النتيجة مئات الآلاف يصلون الأقصى من عشاقه ومحبيه وقبل كل شيء أصحابه الأصليون، أليست هذه بشرى تثبت لنا على الدوام أن هذا الأقصى الأسير سوف يُحرر قريبا بإذن الله ولن تسري عليه مؤامراتهم السخيفة وأفعالهم المشينة، هذا بالضبط يؤكد ما وصل إليه القاضي في قسمة الولد، الأم المدعية تريد تقسيم المسجد زمانيا ومكانيا بينما الأم الحقيقية لا يمكن أن توافق على قسمته، الأولى تدفع بكل قوى وإغراء وتحفيز لممارسة باطلها فلا يستجيب إلا القليل القليل، الثانية تمنع بكل قوة بغية التنازل عن حقها والموافقة على قسمته ولكن هذا لا يفتّ من عضدها وتصر على ممارسة حقها مهما تجاوز الظالمون المدى وكل قوانين السماء والبشر.

أما الخطورة وقد تتحول لتصبح جريمة ثالثة في حق الأقصى وهذه المرة من قبل أصحابه، الخطورة تكمن في ضعف الرد على جرائم المحتل على ساحة الأقصى وترك الأمر معلقا في رقبة المقدسيين، صحيح أن المقدسيين قد حققوا انتصارات رائعة مثل انتفاضة البوابات ومسجد باب الرحمة، ولكن هم بأشد الحاجة إلى الإسناد الفاعل من قبل كل من بيده التحرك (وكل بيده ولو بشق تمرة)، هناك حراك في فلسطين المحتلة ثمانية وأربعين وهو ثابت داعم للأقصى يشكرون عليه، وهو بحاجة إلى تشجيع ودعم دائم وهناك في غزة الأقصى حاضر في مسيرات العودة (القطاع بأكمله ممنوع من الصلاة في أقصاه) وفي الضفة هناك من يغدو ويروح إلى الأقصى ممن يملك التصريح من قبل المحتل، لا بد من تفعيل الطرق على جريمة الاحتلال في تقييد ومنع الناس من حرياتهم الدينية التي من ابسطها الوصول إلى مكان عبادتهم، يجب أن تثار هذه الجريمة عالميا خاصة انه لا يوجد حسب علمي في العالم كله من يمنع من الوصول إلى مكان عبادته إلى هنا في فلسطين حيث سلطات الاحتلال، لا يمكن أن تستمر هذه الغطرسة على الناس هنا وعلى عقول العالم الحرّ. (لو أخذ الناس في فلسطين حقهم في الصلاة لغمره الناس من رفح إلى جنين ولغرق الأقصى في حشود عاشقيه).

أن لم نفعل المطلوب وهذا ابسطه، وان لم ننشط في كل مجالات دعم الأقصى والمرابطين المقدسيين فيه فإن الخطر قادم لأننا نعلم تماما انه لا حدود لغطرسة وجريمة العقل الصهيوني المستوطن في هذه البلاد.

صحيفة فلسطين

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات