عاجل

الثلاثاء 07/مايو/2024

المركز الفلسطيني للإعلام يحاور زوجة الشهيد يحيى عياش

المركز الفلسطيني للإعلام يحاور زوجة الشهيد يحيى عياش

  قالت أم البراء عياش زوجة المهندس يحيى عياش: “إن المهندس يحيى عياش لم يتنكر يوماً خلال سنوات مطاردته كما هو معروف لدى الناس، وأجهزة السلطة كان لها الدور الأكبر في كشف أمر اختبائه في غزة”.

وكشفت أم البراء في حديث خاص لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” العديد من الأسرار في حياة يحيى، وقالت: “يحيى عياش لم يكن يتحفى عند تنقله نهائياً، ولكنه كان يمتنع قدر الإمكان عن التنقل نهاراً، وكانت كل حركته خلال فترة الليل، وكان يلبس سترة سوداء، وبنطال جينز أسود”.

مضيفة: “إنه عندما كان يريد رؤيتي كان يأتيني مرسال شفهي، أو مكتوب، ليخبرني: (إن يحيى يريد الالتقاء بك في المكان كذا، في الساعة كذا)، وكان ينتظرني شخصياً في ذاك المكان في سيارة”.

وعن اكتشاف وجود عياش في غزة تقول أم البراء: “فوجئنا يوماً ونحن في أحد المنازل في منطقة جبالياً البلد، بقوة كبيرة من أجهزة أمن السلطة، تقتحم المنزل الذي كنا فيه، وأخضعوه لعملية تفتيش دقيقة، وقد وجدوا آثار بعض المواد اللازمة للتصنيع، التي كان يستخدمها يحيى، ووقتها قامت السلطة بتوزيع صور يحيى على المساجد، وحارات غزة”.

وكشفت أم البراء: “أن انتقال يحيى عياش وسعد العرابيد من مدينة نابلس إلى غزة، تمّ عن طريق شاحنة لنقل الخضار، حيث قام الشهيدان بالاستلقاء أسفلها بين صناديق الخضار، وليس كما هو معلوم، أنه تخفى بزي رجل دين يهودي”.

وعن طبيعته الشخصية التي دفعتها للقبول به كزوج؛ قالت أم البراء: “كنت أرى في يحيى أنه شاب يختلف عن كل الشباب، كان هادئاً متزناً ملتزماً، وكنت أراه في نشاطه ضد الاحتلال في البلدة، وهو ملثمٌ خلال الانتفاضة الأولى، ويكتب الشعارات على جدران البلدة، وكنت أعرف خطه من بين كل الخطوط”، وتضيف: “كان أبرز ما يميز يحيى إخلاصه الشديد، وحنانه لوالديه، وكانت والدته عندما تمرض، لا تحتاج الى مساعدة أحد”.

أما عن سريّته في العمل العسكري؛ فتقول أم البراء: “كنت أراه أحياناً، ويداه وملابسه متسخةٌ بالفحم، و(الشحار) الأسود، -في إشارة إلى عمله في تصنيع المتفجرات التي يدخل الفحم في تصنيعها-وعندما كنت أسأله عما أصابه، كان يجيب: تعطلت السيارة، واحتاجت مني لبعض التصليح؟!”.

وعند اكتشاف أمره للاحتلال؛ تقول أم البراء: إنه جلس مع أفراد أسرته وقال لهم: “إن طريقي هذه لا رجعة عنها، وعملي في الكتائب ليس كما تعلمون، وقال لهم: سامحوني على أي ضرر سيقع عليكم بسببي”.

وعن تواضعه؛ تشير أم البراء: “كنت أرى الفرحة الغامرة في عينيه، عقب كل عملية استشهادية، دون أن يتفوه بأي كلمة، وعندما كنت أقول له (يسلمو إيديك)، كان يطأطئ رأسه تواضعاً ويقول: أنا ما عملت شيئًا”.

وعن هوايات عياش؛ تقول أم البراء: “أهم هوايات الشهيد يحيى عياش القراءة، كان يحب كثيراً القراءة في كتب الشهيد سيد قطب، والشهيد عبد الله عزام، والداعية زينب الغزالي، وكتاب (البوابة السوداء) لأحمد رائف، كما كان يحب قراءة الكتب العلمية، والاستماع إلى: أناشيد المجلة الإسلامية، وأناشيد الرابطة الإسلامية، وأناشيد المنشد أبو الجود”.

وعن أجمل مراحل حياتها مع المهندس؛ تشير أم البراء: “إن مرحلة غزة كانت من أحب المراحل إلى قلبي، لأني عشت مع يحيى حالة من الاستقرار النسبي، رغم كونه مطارداً”.

وتؤكد أم البراء، أن السلطة كانت السبب في كشف يحيى في غزة، وبعد كشف وجود عياش في غزة، أراد المهندس العودة إلى الضفة الغربية من جديد، وكان يذهب كل يوم خميس من الأسبوع إلى السلك الشائك المحيط بالقطاع، لإيجاد طريقة لاختراقه، دون تنبيه الإنذار فيه، وقد نجح الشهيد عياش يوم الخميس (4/1/1996) أي قبل استشهاده بيوم”. 

وعن القادة الذين التقاهم المهندس في غزة، تشير أم البراء: “إنه التقى مع العديد من قادة القسام من أبرزهم، القائد محمد ضيف حفظه الله، والقيادي الأسير حسن سلامة، والقيادي الشهيد عدنان الغول، ومكثنا في منزله عدة أشهر، كما التقى يحيى بنضال فرحات، الذي كان له الفضل بعد الله في ابتكار صواريخ القسام”.

أما عن الفترة التي عاشتها معه؛ فتصفها أم البراء بالقول: “عشت مع يحيى 5 سنوات، تعلمت خلالها أشياء، لم يكن بالإمكان تعلمها طيلة حياتي”.

وفيما يلي تفاصيل المقابلة التي أجريت في الذكرى الـ 18 لاستشهاد المهندس يحيى عياش:

كل فتاة تضع صفات لفارس أحلامها، وعليها تتخذ قرارها، ما الذي وجدتيه مميزًا في يحيى عند تقدمه للارتباط بك؟

طبعاً أنا كنت أرى يحيى منذ صغري، بحكم قرابتي له، فهو ابن خالتي، وجارنا، ولا يفصل بيننا إلا جدار واحد، وكنت أذهب إلى منزل خالتي أم يحيى كثيراً، لكون يحيى ليس له أخوات، يساعدن والدته على عمل البيت، وكانت والدتي ترسلني إلى منزل خالتي وأنا صغيرة، لمساعدتها في بعض شؤون البيت.

وكنت أرى في يحيى أنه شاب يختلف عن كل الشباب، كان هادئاً متزناً ملتزماً، وكنت أراه في نشاطه ضد الاحتلال في البلدة، وهو ملثمٌ خلال الانتفاضة الأولى، يقود الشباب في رشق الحجارة على القوات الصهيونية، ويكتب الشعارات على جدران البلدة، وكنت أعرف خطه من بين كل الخطوط، وكان من بين الشعارات التي خطها وما تزال محفورة في ذاكرتي:
 (ولست أبالي حين أُقتل مسلماً .. على أيّ جنب كان في الله مصرعي)

كان أبرز ما يميز يحيى إخلاصه الشديد، وحنانه لوالديه، وكانت والدته عندما تمرض، لا تحتاج إلى مساعدة أحد؛ لقيام يحيى نيابة عنها بكل واجباتها المنزلية، كان يحيى يرأف بحال والديه الكبيرين كثيراً، ولم يكن يطلب منهم أي مساعدة، حتى فترة دراسته، بل كان هو المساعد لهما، حيث كان يدرس ويشتغل إلى جانب دراسته، لئلا يكلف والده عناء أقساطه ومصاريفه الجامعية.

وقد طلبني للزواج وأنا في الصف الأول الثانوي، وكنت وقتها في 17 من العمر، كتبنا الكتاب في بداية دراستي للثانوية العامة (التوجيهي)، وتزوجنا بعد انتهاء الامتحانات في شهر (8/ 1991)، وأنا في 18 من العمر.

كيف كانت حياتك مع يحيى، في الفترة الأولى للزواج، خاصة مع أجواء المطاردة، التي جاءت بعد أربعة أشهر من الزواج؟

بدأ يحيى يعيش حياة المطاردة، في شهر ( كانون أول- ديسمبر 1991)، بعد زواجنا بأربعة أشهر، رغم أن الاحتلال لم يعلن رسمياً عن يحيى مطلوباً له، أو مداهمة منزله بحثاً عنه، فقد كان يحيى يغيب عن المنزل عدة أيام متواصلة، تصل إلى أسبوعين، ومن ثم يأتي عدة أيام، ويعاود الغياب، كان سريًّا إلى أبعد الحدود في عمله، وكنت أراه أحياناً، ويداه وملابسه متسخةٌ بالفحم، و(الشحار) الأسود، -في إشارة إلى عمله في تصنيع المتفجرات التي يدخل الفحم في تصنيعها- وعندما كنت أسأله عما أصابه، كان يجيب: “تعطلت السيارة، واحتاجت مني لبعض التصليح؟!.”.

ماذا عن المطاردة الرسمية ليحيى واكتشاف أمره من الاحتلال.. كيف كان وقعها عليكم كأسرة، وكيف هيّأكم يحيى لهذه المرحلة؟

في يوم الأحد 25 نيسان (أبريل) 1993م، داهمت قوات كبيرة من الجيش والمخابرات المنزل وقامت بتفتيشه والعبث بالأثاث وتحطيم بعض الممتلكات الشخصية للمهندس يحيى، بعد أن قدر الله سبحانه وتعالى أن يكتشف العدو السيارة مفخخة في منطقة (رامات أفعال) في الداخل المحتل، بطريق الصدفة، وكانت هذه البداية الحقيقية للمطاردة الرسمية ليحيى عياش من الاحتلال، وبعد هذه التاريخ بأربعة أشهر، جاء يحيى إلى منزل عائلته، وجلس مع أفراد أسرته، ليضعهم في صورة المرحلة القادمة، ولم تكن عائلته وقتها تعرف حجم الدور الذي يلعبه يحيى في (كتائب الشهيد عز الدين القسام)، وخلال الجلسة، قال له والده إن اعتقاله من قبل الاحتلال، سيكون نهايته عامًا أو عامين من السنوات، فرد يحيى: إن الاحتلال إن استطاعوا الوصول إليّ، فإن مصيري سيكون إما الشهادة، أو سيخفونني تحت الأرض، وقال لهم: إن طريقي هذه لا رجعة عنها، وعملي في الكتائب ليس كما تعلمون، وقال لهم: سامحوني على أي ضرر سيقع عليكم بسببي.

ومن ثم تحدث إليّ، وخيّرني بين الاستمرار أو الانفصال، مطالباً إياي بحسم مصيري معه، فبكيت قليلاً، ثم قلت له بعد أن مسحت دموعي: أنت سائر في طريق الجهاد، ونحن معك حتى آخر نفس.

كيف كان يحيى يستقبل نتائج العمليات الاستشهادية؟

كان أكثر ما يغيط يحيى في عمله العسكري، عدم نجاح العملية، باعتقال الاستشهادي، أو عدم إيقاعها الخسائر الكبيرة في صفوف الاحتلال، وعند اعتقال أي من المقربين منه، كان ينتظر فترة من الزمان، يغيب فيها عن المنزل، حتى يعرف نتائج التحقيق معه، رغم أن أغلب من يعملون مع يحيى، كانوا لا يعرفون اسمه، أو شكله، حيث كان اسمه الحركي في شمال الضفة: (أبو العبد)، وفي جنوب الضفة (أبو صهيب).

وعند نجاح أي عملية، كان ينتظر معرفة عدد قتلى الاحتلال، وكنت أرى الفرحة الغامرة في عينيه، دون أن يتفوّه بأي كلمة، وعندما كنت أقول له (يسلمو أيديك)، كان يطأطئ رأسه تواضعاً ويقول: أنا ما عملت شيئًا.

كيف كنت آلية التقائك بيحيى عندما بدأت حياته مع المطاردة، خاصة مع الحيطة الأمنية التي كان يقوم بها، وكيف كان يتخفى عند انتقاله؟

يحيى عياش لم يكن يتحفى عند تنقله نهائياً، ولكنه كان يمتنع قدر الإمكان عن التنقل نهاراً، وكانت كل حركته خلال فترة الليل، وكان يلبس سترة سوداء، وبنطال جينز أسود، وأكثر عام خلال مطاردته في الضفة التقيته به، كان عام 1994، وكانت جميع لقاءاتنا تتم في مدينة نابلس، حيث كان يأتيني مرسال شفهي، أو مكتوب، ليخبرني: (إن يحيى يريد الالتقاء بك في المكان كذا في الساعة كذا)، وكان ينتظرني شخصياً في ذاك المكان في سيارة، وعند رؤيته في السيارة، أدلف فيها مباشرة، ونذهب بعدها إلى أحد الأماكن التي يختبئ بها، وكنت في ذاك العام أنا ونجله البكر براء، نلتقي به في أبعد تقدير، مرةً كل شهر، بحسب وضعه الأمني، وما يسنح به وقته، وكان يفرح كثيراً لرؤية براء، وكانت فرحتي بهما أكبر، وقلت مرة ليحيى: أنا مستعدة لأكون معك بكل مطاردتك لسنوات طوال، على أن أرى براء يقول لك بابا، ويتعلق بك ويتعلم منك، ويخفف عنك مصاعب المطاردة.

وكان في لقاءاتنا دائم السؤال عن أهله، وعن الأضرار التي حصلت معهم نتيجة اقتحامات الاحتلال للمنزل، التي كانت تصاحب كل عملية استشهادية، تقوم بها كتائب القسام، وبها بصمات المهندس.

وأحيانا كان يحيى يأتي بنفسه إلى بلدته (رافات)، مشياً على الأقدام من مدينة نابلس، وكان يسير أحياناً ثلاثة أيام متواصلة، تحاشياً للطرق الرئيسة التي تنتشر فيها قوات الاحتلال،

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات