مفهوم الأمن الإسرائيلي.. وثيقة تدعو لتصعيد العدوانية

نشر “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة “تل أبيب” و”معهد واشنطن لدراسة الشرق الأوسط” في واشنطن، اليوم الجمعة، كتيبا بعنوان “خطوط توجيهية لمفهوم الأمن الإسرائيلي”.
وهو عبارة عن وثيقة أعدها رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، غابي آيزنكوت، واضع “عقيدة الضاحية” التدميرية خلال حرب تموز/يوليو 2006، والباحث في “معهد أبحاث الأمن القومي”، البروفيسور غابي سيبوني، الذي يحمل رتبة عميد في الاحتياط بجيش الاحتلال.
وعدّ الباحثان أن هذه الوثيقة يمكن أن تشكل مقترحا لمداولات في الحكومة، وجهاز الأمن والكنيست حول بلورة مفهوم أمني متفق عليه، وبالاستناد إلى الوثيقة بإمكان الحكومة بلورة سياستها في مجال الأمن القومي.
ولا تأتي هذه الوثيقة بأي جديد تقريبا بالنسبة للمفهوم الأمني الإسرائيلي المعمول به منذ خمسينيات القرن الماضي، وهي تستند إلى العدوانية الإسرائيلية المعهودة، وتصعيدها، من خلال تبني مواقف اليمين – الوسط الإسرائيلي، بما يتعلق بالاحتلال وضم غور الأردن إلى “إسرائيل”، وتصف أي جهة مناهضة للاحتلال بأنها عدو ينبغي مواجهته.
وأشارت الوثيقة بداية إلى أنه طرأت تغيرات داخلية وخارجية، تستدعي تحديث المفهوم الأمني الإسرائيلي، الذي وضعه دافيد بن غوريون، في خمسينيات القرن الماضي، وذلك على ضوء “تحديات الحاضر، وستكون هناك حاجة في المستقبل لتعديلات أخرى”.
وتقترح الوثيقة “تعديل مصطلحات أساسية عسكرية – أمنية، وتشدد على أهمية المعركة بين الحروب (بادعاء منع نشوب حرب، وهو وصف، على سبيل المثال، للغارات الإسرائيلية المتكررة ضد مواقع إيرانية في سورية)، وتستعرض ذرائع إسرائيل لشن حرب”.
وأشارت الوثيقة إلى أن “التغييرات الأساسية في الواقع الأمني الذي تواجهه إسرائيل تنبع من سعي إيران إلى هيمنة إقليمية بواسطة السعي إلى حيازة سلاح نووي وبواسطة المجهود لبناء قوس من التأثير، يبدأ في اليمن ويمرّ بالعراق فسورية ولبنان وينتهي في قطاع غزة”.
وفيما يتعلق بـ”التحديات الداخلية”، أشارت الوثيقة إلى “تصدعات مقلقة في تكتل المجتمع الإسرائيلي”.
ولفتت الوثيقة إلى أهمية الحيز الجغرافي وتأثيره على الأمن القومي الإسرائيلي.
وأشارت إلى أن “معظم سكان إسرائيل ومعظم البنية التحتية المهمة موجودة في شريط ضيق في السهل الساحلي”.
“وهذه المنطقة المهمة للدولة، تخضع لتهديد دائم من جانب صواريخ أرض – أرض من أنواع مختلفة، وبإمكانها أن تعرقل عرقلة بليغة الحياة الطبيعية أثناء حالات الطوارئ، وتستهدف منشآت وكنوزا حيوية، وتعرقل تجنيد القوات ونقلها بين الجبهات المختلفة”.
وأضافت الوثيقة أن محيط “إسرائيل” الإستراتيجي محط اهتمام المجتمع الدولي، بسبب أربعة مراكز: الطاقة، بسبب وجود آبار النفط والغاز في الشرق الأوسط، طرق تجارية في الشرق الأوسط ذات أهمية بالغة للاقتصاد العالمي، “تصدير انعدام الاستقرار”، “الشعور بشراكة في القيم. الغرب مهتم بـ”إسرائيل” لكونها ديمقراطية غربية في محيط غير ديمقراطي”، وأماكن دينية مقدسة للديانات الثلاث.
وتطرقت الوثيقة إلى حركة مقاطعة “إسرائيل” وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها (BDS)، بسبب استمرار الاحتلال وتوسيع الاستيطان.
ووصفت نشاط حركة المقاطعة أنه “واسع، ومن جهات معادية، من أجل تقويض صورة “إسرائيل”، ونزع شرعية بقائها بوضعها الحالي، كدولة قومية للشعب اليهودي، كي يقود إلى انهيارها”.
وقالت الوثيقة: إن “إسرائيل نبتة غريبة في حيز عربي – إسلامي معادٍ، وتختلف عنه في الدين والثقافة والاقتصاد وطبيعة النظام”.
وأضافت الوثيقة: “وانعدام الاستقرار الذي ميّز المنطقة الإقليمية طوال سنوات يتعاظم منذ اندلاع هبات في الحيز العربي قوضت النظام الذي استند إلى القومية في المنطقة واستبدلته بالصراع الديني والتاريخي بين السنة والشيعة. وإلى جانب ذلك، توجد لجوانب عديدة في الحلبات الداخلية – مثل السياسة والاقتصاد والأمن الداخلي، انعكاسات على الأمن القومي (الإسرائيلي)”.
تهديدات مختلفة عن السابق
وعدّت الوثيقة أن أمام “إسرائيل” تهديدات مختلفة عن تلك التي واجهتها في السنوات الأولى بعد تأسيسها.
“التهديد المركزي على وجود الدولة، حتى نهاية حرب يوم الغفران (1973)، كان محاولة الدول العربية القضاء عليها بواسطة اجتياح واسع النطاق. والهدف الأعلى لأعداء إسرائيل الحاليين – إيران وأذرعها وتنظيمات الجهاد – بقيت كما كانت: التسبب بانهيار دولة إسرائيل والقضاء عليها بواسطة عمليات عسكرية وإدراكية. وفي موازاة ذلك، يخوض أعداء إسرائيل معركة واسعة غايتها تقويض صورتها في المجتمع الدولي…”.
وقسمت الوثيقة “التهديدات الخارجية على إسرائيل” إلى: تهديد تقليدي “مصدره جيوش دول أو جيوش كيانات شبه دولتية”، و”تهديد فوق تقليدي، وخاصة التهديد النووي”، و”تهديد دون تقليدي، إرهابي ومنظمات أنصار”، وتهديد السايبر والمعلومات.
“وإلى جانب ذلك تواجه إسرائيل تهديدا داخليا، في أساسه تآكل التضامن بين أجزاء الشعب نتيجة خلافات رأي عميقة في قضايا أساسية تتعلق بصورة الدولة”، في إشارة إلى الصراع العلماني – الديني بالأساس، “ويتعين على إسرائيل العمل مقابل هذه التهديدات على ضوء مبادئ أمنية عسكرية واجتماعية”.
ولم تطرح الوثيقة جديدا بما يتعلق بـ”المبادئ العسكرية، وهي: إستراتيجية دفاعية هدفها ضمان وجود الدولة، وإحباط تهديدات أو إرجاؤها من أجل السماح بفترات هدوء طويلة قدر الإمكان. والهدف الأعلى لـ”إسرائيل” هو منع حرب بقدر الإمكان وإبعاد التهديدات. وهذا مبدأ أساسي في أمنها القومي؛ مبادرة وسياسة هجومية. الإبقاء على المعركة بين حربين في الفترات العادية إلى جانب جهوزية عالية من أجل تحقيق نصر واضح في الحرب؛ النوعية مقابل الكمية.
“إسرائيل مطالبة بالتعويض على دونيتها الكمية بواسطة تحقيق تفوق نوعي؛ نقل القتال إلى أراضي العدو، والسعي إلى انتصار واضح في أي حرب، وتقصير مدة الحرب، وتوجد حاجة لتقليص الأضرار بقدر الإمكان يستوجب تحقيق أهداف القتال بأسرع ما يمكن؛ حدود آمنة”.
تضيف الوثيقة: “خريطة التهديدات على إسرائيل تزيد أهمية الأرض. ولذلك فإن أي تسوية ينبغي أن تضمن سيطرة إسرائيل بنفسها وبشكل مطلق على غلافها الحالي، وبضمن ذلك غور الأردن”. وبذلك، تتبنى الوثيقة المواقف التي يطرحها اليمين – الوسط في إسرائيل، مثل حزب الليكود وكتلة “كاحول لافان”.
وتابعت الوثيقة أن “المبادئ الأمنية الاجتماعية هي التالية: الجيش الإسرائيلي هو جيش الشعب. الجيش النظامي وجيش الاحتياط هما عامل للتكتل وبوتقة صهر للمجتمع الإسرائيلي (نظرية وضعها بن غوريون) وتستند إلى روح الشعب المقاتل”.
تتابع الوثيقة “الجيش الإسرائيلي يستند إلى نموذج الميليشيا؛ لأن أساس قوته لا يستند إلى جيش مهني وإنما إلى مواطنين مجندين، لقوات نظامية واحتياط. وعلى إسرائيل العمل من أجل استنفاد القدرة الكامنة كلها في التجنيد كي تكون في خدمة الجيش الإسرائيلي؛ نموذج الخدمة القومية للجميع. الجيش الإسرائيلي هو الأول الذي يختار الأفراد الذين يحتاج إليهم. وجميع الباقين، وبينهم حريديون وعرب، يُجندون للخدمة المدنية”.
“الجدار الحديدي”
قالت الوثيقة: إن “الفكرة المؤسسة لمفهوم الأمن (الإسرائيلي) تستند إلى مبدأ ’الجدار الحديدي’، الذي وضعه جابوتينسكي، والذي بموجبه السلام ممكن فقط في وضع يتوصل فيه الأعداء إلى استنتاج أن جهودهم عديمة الهدف وضارة لهم، وأنه بواسطة الحوار بالإمكان تحقيق إنجازات أكثر من طريق العنف”.
وزعمت الوثيقة أن “إسرائيل تفضل دائما استخدام وسائل سياسية وليس عسكرية، لكنها تستعد لواقع يتم فيه إملاء الحرب عليها في أعقاب المس بمصالح مهمة لأمنها أو في أعقاب تهديد باستهدافها. وإسرائيل تمارس القوة فقط في حالة غياب قدرة على إحباط تهديد بطريقة سياسية”.
ودعت الوثيقة، في إطار عقلية إسرائيلية عدوانية، إلى التالي: “أولا، الاستعداد لحرب بواسطة بناء القوة؛ الثاني، التخطيط للمعركة بين حربين وإخراجها إلى حيز التنفيذ. وهذا أحد التغييرات الجوهرية في طبيعة العمل الأمني الإسرائيلي: لا يتم بعد الآن التركيز على الاستعداد للحرب، وإنما المبادرة إلى عمليات هجومية تستند إلى معلومات استخبارية نوعية. وأخيرا: على الجيش الإسرائيلي أن يكون بحالة جهوزية عالية من أجل أن يمارس فورا قوته ضد أي تهديد من أجل الدفاع عن سيادة الدولة وسلامة سكانها”.
ولفتت الوثيقة إلى أن “الأمن القومي سيتعاظم بواسطة عناصر أخرى أيضا، وبينها الوسائل السياسية، وخاصة العلاقات المميزة مع الولايات المتحدة التي تشكل الدعامة الأساسية لإسرائيل في المستوى السياسي… وتعزيز العلاقة مع يهود الشتات. وغاية إسرائيل أن تكون بيتا قوميا للشعب اليهودي”.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

القوات اليمنية: نفذنا عمليتين استهدفتا مطار رامون ردًا على جرائم الاحتلال
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأربعاء، تنفيذ سلاح الجو المسير عمليتين عسكريتين استهدفتا مطار رامون في...

حماس: عملية جنين أبلغ رد على محاولات الاحتلال إخماد المقاومة
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء اليوم الأربعاء، إن عملية إطلاق النار البطولية التي وقعت عند حاجز الريحان...

إصابة جندي إسرائيلي بعملية دهس في الخليل واستشهاد المنفذ
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد، يوم الأربعاء، منفذ عملية الدهس قرب حاجز "سدة الفحص" جنوبي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، والتي أسفرت...

قرار أمريكي بإغلاق مكتب الشؤون الفلسطينية في القدس
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام قرر السفير الامريكي في الكيان "مايك هاكبي" وفي خطوة غير مسبوقة إغلاق مكتب الشئون الفلسطينية في القدس ودمجه...

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...

القسام تبث مقطع فيديو لانطلاق سلسلة عمليات أبواب الجحيم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام مساء اليوم الأربعاء مشاهد مصورة ضمن سلسلة عمليات "أبواب الجحيم" شرق مدينة رفح....

الاحتلال يعترف بإصابة 4 من جنوده بانفجار عبوة ناسفة برفح
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت مصادر إسرائيلية، إن 4 جنود إسرائيليين أصيبوا اليوم الأربعاء، بانفجار عبوة ناسفة في رفح جنوب قطاع غزة. وذكرت...